"وداعًا طبيب الغلابة.. وداعًا دكتور مشالي".. لا تعدو عن كونها كلمات عجت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت عن حالة الحزن التي سادت بين الكثيرين بمجرد سماع خبر وفاة الدكتور محمد مشالي، والملقب بـ"طبيب الغلابة"، في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء عن عمر ناهز 76 عامًا إثر أزمة قلبية حادة.
حالة الحزن الكبيرة التي صاحبت خبر وفاة الدكتور مشالي، اعتبرها كثيرون نتاجًا طبيعيًا للمواقف الإنسانية في حياة طبيب الغلابة، الذي سخر حياته لخدمة المرضى والفقراء، ليزهد في الدنيا ويصبح على مدار كل تلك السنوات صاحب أرخص تسعيرة للكشف على المرضى، وأكثر طبيب سخر حياته وعلمه في خدمة المرضى والفقراء حتى اليوم -على حد علمنا-.
ورغم المسيرة الحافلة بالعطاء ومساعدة المرضى والفقراء التي قدمها الدكتور محمد مشالي، طوال حياته، ورغم أنه لم يكلف نفسه عناء الاهتمام بمظهره بقدر ما شغل باله بتخفيف آلام المرضى ومساعدة الفقراء، إلا أنه لم خلال تلك المسيرة رفض الكثير من المغريات والهدايا والمنح، وتحدى الكثير من الضغوطات، التي كان سلاحه فيها حب الناس، ودعوات الفقراء والمحتاجين.
"الدكتور مشالي شاف كتير في حياته ما بين منح ومساعدات رفضها وما بين ضغوطات اتعرضلها، بس قناعته الوحيدة كانت حبه لمساعدة الناس وتخفيف آلام المرضى والفقراء"، بتلك الكلمات بدا يسرى مشالي، احد ابناء عمومة الدكتور محمد مشالي كلامه عن طبيب الغلابة.
بداية تلك المغريات التي رفضها طبيب الغلابة على حد ما أكده ابن عمه، كانت رفضه الكثير من المبادرات لتطوير عيادته ونقله إلى عيادة حديثة في منطقة راقية داخل مدينة طنطا، قائلا: "زهد الدكتور مشالي خلاه يرفض مغريات كتير، وأول المغريات دي رفض حد يطور له العيادة ورفض يتنقل من المنطقة الشعبية اللي العيادة فيها، وكان كل ما حد يكلمه يقول انا بتاع الغلابة مش عايز فلوس ولا مظاهر انا عايز اساعد الناس واخفف آلامهم".
لم تكن تلك هى الواقعة وحدها التي أظهرت زهد الدكتور محمد مشالي، فغيرها العشرات من المواقف التي أعلن فيها طبيب الغلابة عن زهده ورفضه لأي مغريات، ومن بينها ما كشفه "يسري مشالي" أحد أبناء عمومة طبيب الغلابة، قائلا: "الدكتور محمد أتعرض عليه مبالغ كبيرةبالملايين ومن اكتر من حد لكنه رفض كل تلك المبالغ لأنه كان بيعتبر متعته في مساعدة المرضى والفقراء".
شهادة أبناء عمومة طبيب الغلابة في حقه، ليست بغريبة، فليس أدل عليها من حلقة ظهور الدكتور محمد مشالي في برنامج "قلبي اطمأن" والذي تم عرضه في شهر رمضان الماضي، والذي حقق تفاعلا كبيرا على جميع التواصل الاجتماعي، بعد مقدم البرامج "غيث" المساعدة على الدكتور مشالي، وعرض عليه الانتقال من عيادته التي في منطقة شعبية إلى عيادة كبرى حديثة في احد أشهر شوارع مدينة طنطا وارقاها إلا أنه رفض كل تلك المحاولات.
الطبيب الذي أفتى حياته في خدمة المرضى والفقراء، هو ذاته الطبيب الذي تعرض لكثير من الضغوطات، على حد وصف "أحمد محمد مشالي" أحد أبناءعمومة طبيب الغلابة، والذي كشف عنها قائلا: " الدكتور محمد أتعرض الضغوطات كتير علشان يصدوه عن طريقة وعن رسالته، ومن ضمن المرات بعض الأطباء رفعوا عليه قضية علشان رخص الفيزيتا عنده -ثمن توقيعه الكشف الطبي على المرضى- علشان كان الكشف عنده ب ٥ جنيه بس ورفعها من فترة قريبة لـ 10 جنيه، ودا كان بيغضب أطباء كتير علشان المرضى كلهم كانوا بيروحوا عنده ويسيبوهم".
كل تلك المواقف وغيرها الكثير التي كشف عنها أقارب الدكتور محمد مشالي "طبيب الغلابة"، كشفت عن قيمة هذا الرجل الذي سخر حياته لمساعدة المرضى والمحتاجين، وهو ما دفع كثيرون للتساؤل عن هل تجود الأيامبمثله من جديد؟.
الجدير بالذكر أن الدكتور محمد مشالي الذي توفى صباح أمس عن عمر 76 عاما، كان قد ولد في قرية ظهر التمساح التابعة لمركز ايتاي البارود، بمحافظة البحيرة، عام 1944 لأب يعمل مدرسا، والذي انتقل بعدها والده إلى محافظة الغربية، وانتقل معه، واستقر مع أسرته هناك.
وتخرج مشالي في كلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة في يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة في محافظات مختلفة.
وفي عام 1975 افتتح عيادته الخاصة في طنطا، والذي عمل بها منذ ان افتتحها حتىوفاته على تقديم الكشف الطبي والرعاية الصحية بأجر رمزي، وتوقيع الكشف الطبي على الفقراء بالمجان، ليصبح نموذجا في للزهد، ويلقب بـ طبيب الغلابة".