الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شرخ خطير يضرب تحالفات تركيا في ليبيا.. السراج يعتزم تقديم استقالته وسط مناوشات مع باش أغا.. احتجاجات ضد الفساد تعصف بمدن غرب البلاد.. واتفاق الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس في مهب الريح

أردوغان والسراج
أردوغان والسراج

وكالة بلومبرج: 
السراج يعتزم تقديم استقالته خلال أيام تحت ضغط الاحتجاجات والخلافات
الموقف المتجمد على جبهة سرت – الجفرة يرتد إلى اقتتال بين ميليشيات الوفاق
وجود السراج على رأس حكومة الوفاق الضمانة الرئيسية لاتفاق الحدود البحرية مع تركيا
مفاوضات مرتقبة بين مجلس النواب وحكومة الوفاق في جنيف لتشكيل حكومة وحدة جديدة 

كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أمس الثلاثاء أن رئيس حكومة الوفاق الليبية في طرابلس فايز السراج يعتزم تقديم استقالته هذا الأسبوع، متأثرًا بضغوط شديدة نجمت عن احتجاجات ضد حكومة الوفاق في المناطق الواقعة تحت سيطرتها غربي البلاد، وخلافات متصاعدة داخل أروقة الحكومة نفسها.


ولفت موقع "المونيتور" الأمريكي إلى أن استقالة السراج المرتقبة تلك تبعث على التساؤل حول مصير الاتفاقيات القائمة وتلك المتوقعة بين حكومة الوفاق وتركيا، بعدما أنقذ التدخل العسكري التركي المباشر حكومة السراج وميليشياتها من الهزيمة الكاملة أمام الجيش الوطني الليبي في معاركه لتحرير العاصمة طرابلس.

وكانت حكومة الوفاق قد وقعت مع أنقرة في نوفمبر 2019 اتفاقًا مثيرًا للجدل لترسيم الحدود البحرية، استغلته تركيا للمطالبة بحقوق غير مشروعة في استغلال ثروات واقعة داخل المياه الاقتصادية الخالصة اليونانية والقبرصية.

وبحسب موقع "المونيتور"، فإذا ما صحت التقارير عن استقالة السراج المرتقبة، فقد تكون اتفاقية ترسيم الحدود البحرية عرضة لخطر الإلغاء أو التعطيل سواء بسبب التعقيدات الطارئة على الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق أو الانقسامات داخل الحكومة نفسها.

ونقل الموقع عن الباحث المتخصص بالشئون الليبية بمعهد كلينجندايل الهولندي جليل الحرشاوي قوله "ليس لدى تركيا فيما يتعلق باتفاق الحدود البحرية سوى ورقة يتصادف أنها تحمل توقيع السراج، وإذا ما استمرت الضغوط التي أجبرت السراج على التلميح إلى استقالته فسيكون من الأفضل لأنقرة أن تعد خطة بديلة".

وأضاف الموقع أن الاقتتال الداخلي بين مكونات حكومة الوفاق يحتدم في طرابلس بينما وصل تقدم ميليشيات طرابلس والقوات التركية الموالية لها باتجاه الشرق إلى طريق مسدود قبل بلوغ خط سرت – الجفرة، وارتد هذا الموقف المتجمد على الجبهة الشرقية في صورة احتكاكات وصلت إلى حد الصدام المسلح بين ميليشيات موالية لحكومة الوفاق.

وفي أغسطس الماضي، جابت مسيرات احتجاجية شوارع مدن مصراتة والزاوية وطرابلس رفضًا للفساد المستشري في حكومة الوفاق وتردي مستويات المعيشة وأحوال الخدمات، في ظل انقطاعات متكررة للكهرباء والمياه، وعلى أثر هذا الموقف الضاغط أصدر السراج قرارًا بتعليق عمل وزير الداخلية فتحي باشأغا أثناء تواجد الأخير في تركيا.

وفي اليوم التالي عاد باشأغا إلى طرابلس عبر مطار معيتيقة، وكانت في استقباله تشكيلات ضخمة من الميليشيات الموالية له (ميليشيات مصراتة) اصطحبته إلى مقر الحكومة في استعراض سافر للقوة مقصود به تذكير السراج بمركز القوة الحقيقي في الحكومة، والمسيطر على القوة الضاربة بين المجموعات المسلحة الموالية للوفاق، وعلى كل حال فلم يدم توقيف باشأغا طويلًا وسرعان ما عاد لمباشرة سلطاته.

سلط هذا الخلاف الذي طفا إلى السطح بين مكونات حكومة الوفاق الضوء على شقاق متسع ينذر بتصدع الحكومة قبل أسابيع من مفاوضات مقررة مع ممثلين عن مجلس النواب الليبي في جنيف لتشكيل حكومة وحدة لعموم ليبيا.

وقالت الباحثة بكلية الدراسات الأمنية بجامعة كينجز كوليدج لندن أليسون بارجيتر "صحيح أن مكانة السراج ضعفت بعد خلافه مع باشأغا ومع مواجهته معارضة وانتقادات متزايدة في طرابلس، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه مستعد للاستسلام بالكامل بعد".

وأشارت بارجيتر إلى أن استقالة السراج ستؤدي إلى خلق فراغ سياسي في غرب ليبيا من شأنه أن يزيد من إضعاف وتقويض مجلس الرئاسة وحكومة الوفاق، وربما يصل إلى حد تهديد استقرار العلاقات مع أنقرة.

وأوضحت بارجيتر أنه في حين تتمتع أنقرة بصلات مع شركاء آخرين في طرابلس غير السراج، بما فيهم باشأغا، فإن السراج بصفته رئيسًا لهيئة حاكمة معترف بها دوليًا هو الذي وفر لتركيا الغطاء الشرعي لأعمالها في ليبيا والبحر المتوسط.

من جانبه، رأى الزميل غير المقيم لمؤسسة المجلس الأطلنطي للدراسات عماد الدين بادي أن استقالة السراج المتوقعة لن يكون لها تأثير كبير على مجرى الأحداث، وقال "من الواضح أن نتائج مباحثات جنيف ستؤدي إلى تشكيل كيان سياسي جديد لن يكون السراج جزءًا منه.

وتابع الموقع أن فراغ السلطة المنتظر في طرابلس لن يثير التساؤلات حول التدخل التركي المباشر في شئون البلاد فحسب، وإنما سيغلف بالغموض مصير الشراكات بين القطاع الخاص التركي والكيانات الليبية المتعاونة معه.

وختم الموقع بالقول إنه ما لم تحسب تركيا حساب كل خطوة وكل احتمال متوقع في ليبيا، فسيكون عليها أن تنتظر انفلات الموقف في طرابلس تدريجيًا من سيطرتها.