الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ألعاب تغتال أبناءنا


إلى متى سنترك أبناءنا عرضة للاغتيال من قبل ألعاب إلكترونية، ليس لها أي فائدة سوى توريطهم في متاهة من المعارك الافتراضية حد الموت؟! وما إن يحدث المحظور ويتحول الخيال إلى واقع ملموس حتى نصرخ ونحذر من مساوئ تلك الألعاب على الصحة البدنية والنفسية للصغار والكبار على حد سواء.


بعدها، يعود كل أب وأم لمشاغله الحياتية اللانهائية، ناسيًا أو متناسيًا تطبيقات الألعاب القتالية الإلكترونية التي يحملها أبناؤه على هواتفهم الذكية، وما تبثه من سموم فكرية تحت مسمى "الإثارة والترفيه" والحقيقة مغايرة لذلك تماما.


أقول هذا الكلام بمناسبة "محمد" الطفل البورسعيدي ذي الـ12ربيعًا الذي أصيب بسكتة قلبية فجائية أثناء ممارسته للعبة بابجي لساعات طوال.


والغريب أن تلك الحادثة لم تكن الأولى داخل مصر وخارجها، فمنذ فترة حاول شاب 17 سنة قتل آخر مماثل له في العمر بطعنه في أماكن متفرقة بزجاج مكسور بسبب مشادة على البابجي، سرعان ما انقلبت لحقيقة كادت تنهي بحياة احدهما لولا ستر المولى عز وجل.


ومن مصر إلى الهند ومخاطر البابجي لا تنتهي، فقد أقدم طفل على الانتحار بشنق نفسه في غرفته، بعد أن حرمته عائلته من هاتفه المحمول في محاولة لعلاجه من إدمان اللعبة الخطرة، وقبلها امتنع آخر عن المأكل والمشرب حتى الموت للسبب ذاته، الأمر الذي يدعونا للتساؤل عن سر تلك البابجي، ومن وراء نشرها وغيرها من الألعاب المماثلة! والأعجب أن هذه اللعبة تحديدًا أثارت غضبًا واسعًا بين ملايين المسلمين من جميع البلدان منذ 4 أشهر بالتمام والكمال، حين أضاف أحد تحديثاتها وضع القيام ببعض العبادات أمام أحد الأصنام في اللعبة، وما إن تدخل مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وحذر من مخاطر اللعبة حتى أصدرت تلك البابجي بيانا رسميا باللغة العربية اعتذرت فيه عن التحديث وقامت بحذفه!


وبعيدًا عن السياسة وما تنشره هذه اللعبة من سلوكيات عدوانية وأفكار هدامة، ما دعا بعض الدول لحظرها  كالأردن وباكستان، ألم يأت الأوان أن نعيد النظر في تطبيقات الألعاب الإلكترونية العنيفة ونمنعها نهائيًا لسلامة النشء من سلبياتها ألا تعد ولا تحصى؟!


فيكفي أن منظمة الصحة العالمية صنفت الاستخدام المفرط لتطبيقات الألعاب الإلكترونية كأحد أنواع الإدمان الذي ينم عن اضطراب نفسي يحتاج لعلاج، بل إن بعض الدول كالمملكة المتحدة والإمارات العربية خصصت عيادات لعلاج هذا النوع من الإدمان لمن تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما.


فيا كل أب وأم يتركون صغارهم فريسة للعبة هاتفية، لا يعرفون ما تفعله بأعصاب وعقول وقلوب أطفال لا يفرقون بين الحقيقة والأوهام، والمحصلة اضطرابات عضوية ناتجة عن توتر، ومخاوف، وشدة انفعال على دنيا الخيال، أليس من الأجدى أن تعودوا أبناءكم على ممارسة الألعاب والهوايات التي نشأنا أنا وأنت ونحن عليها؟! وبدلًا من إفراط الجلوس أمام شاشة النت نعلمهم أي من الرياضيات المختلفة! وإن لم يكن الصغير يهوى الرياضة، ففتشوا في خزانة اهتماماته ربما كان يحب الرسم، التصوير، الموسيقى، أو غيرها من الهوايات المفيدة، ولا تغفلوا عن أهمية الكتب والمجلات الورقية التي توارت بين عالم الإنترنت، فخرج لنا جيل لا يعرف ماهية القراءة الورقية، ويبحث عن المعلومة عبر شبكة عنكبوتية مضارها أكثر من نفعها، تعالوا معًا للتعاليم التي تربينا عليها، ولنعمل بمقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه "علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل". 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط