الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمراض الأزواج النفسية «2»: قتل الطفولة


عندما رآها حدث نفسه بأنها زوجته المستقبلية ودق قلبه وتغيرت حياته كلها وأصبح كل هدفه أن تكون له.


زواجه منها لم يكن بالمستحيل بل مهدت له كل السبل فهو يعد من الأثرياء وصاحب مصنع جرانيت ووحيد أبويه على خمس بنات، وهى فى المقابل لا تمتلك كل ما يمتلكه؛ فقط تمتلك جمالا يأخذ بالقلوب والعقول، وجسدا ممشوقا.


تزوجها فى ستة أشهر وانتقلت معه إلى فيلته الشامخة فى التجمع، كانا نموذجين للحب وحديث كل من يعرفهما ومن لا يعرفهما، تبادلا أسباب السعادة، فهو يعطيها كل ما تطلبه من أموال ويهيم بها حبا، وهى تأسره بجمالها ودلالها وأنوثتها الطاغية، أنجبت منه ابنة جميلة كأمها وذكية كأبيها، أسمياها جنة وهى كانت لهما جنة يسعيان لإسعادها حتى يظلا ينعمان بها لآخر عمرهما.


بعد سنوات قليلة من الزواج تغير حال الزوج وأصبح لا يشعر بالسعادة مع زوجته كما كان يشعر بها مسبقا، وأصبحت مشاعره تنحذب لأخرى تعمل لديه فى واحدة من شركاته العملاقة التى تنامت وازدادت منذ أن ارتبط بأم ابنته التى لم تعد تحرك مشاعره مثلما كانت، عندما علمت زوجته بأحاديث العمال والأقارب عن شغف زوجها بهذه الفتاة لم تصدق وكذبت كل ما سمعته مع أن من قال لها كان عنصر ثقة وأمان.


حاولت أن تتقرب لزوجها أكثر وأكثر ولكنه ينفر منها ويبتعد ويتهرب من أن يعيش معها زوجا وزوجة ويصطنع الخلافات كى يترك البيت لأطول فترة مع غلق موبايله حتى لا تعلم عنه شيئا، لم يعد يعنيه أمرها ولم يعد يهتم بأية تفاصيل تخصها بل إنه جاهر بسخريته منها أمام ابنته وأهله وحتى الخدم ليترك الكل على يقين بما يتردد بأن فى حياته أخرى.


لم يترك هو المجال للمزيد من الشك، فقد أجرى تغييرات فى الفيلا ليجعلها مقسمة بين اثنتين، أم ابنته والزوجة الجديدة واضعا أم ابنته أمام أمر واقع، وبما أنها لن تستطيع أن تترك ابنتها لأنها متعلقة بها أشد التعلق، وأيضا لن تستطيع أن تعيش وحيدة ولن تستطيع أيضا أن تقوم بمتطلبات ابنتها لأنها لا تمتلك ماديات تؤهلها لذلك، والأهم من كل ذلك أنها لا تريد أن تبدأ حياة جديدة مع رجل لا تعلم كيف سيكون معها.


رضيت بقرار زوجها وتعايشت فى الوضعية الجديدة محاولة بكل قوة أن تتماسك حتى لا يشمت بها أحد، أنجب زوجها من فتاته الجديدة ابنة لم تكن بجمال ابنتها ولكنها كانت طيبة مطيعة لا تناديها إلا بـ"مامتى".


مع الوقت أصبحوا أسرة واحدة، خاصة أن زوجته الجديدة لم تنجب إلا هذه الابنة بسبب مشاكل نسائية، كانت زوجته القديمة تختزن داخلها كل الحزن ولا تظهره له ولا لزوجته التى كانت تتمتع بمنزلة عالية لدى هذا الزوج.


أتمت ابنته من زوجته الجديدة ثمانى سنوات وابنته من زوجته القديمة أو الأولى كما كان يحلو له أن يصفها أمام أقاربه وأصحابه.


احتفل بعيد ميلاد طفلته ذات السنوات الثمانى وأقام الأفراح فى فيلته وانتهى الحفل مطلع النهار وذهب كل إلى مخدعه ليصحو الجميع على صراخ الأم وهى تحتضن ابنتها فاقدة الحياة ومعلقة من حبل الأرجوحة فى حجرتها.


أيام تجرى فيها التحقيقات وكل من أحضرهم وكيل النيابة للتحقيق معهم يكون على يقين من براءتهم لأنه يستشعر شيئا غريبا فى هذه القضية يجعله يحضر مع رئيس المباحث فى تفتيشه وبحثه فى الفيلا وتقع عينيه على مكان كاميرا ولكنها غير موجودة، فيسأل فتنفى الزوجة الأولى معرفتها والزوجة الثانية لا تعطى إجابات قاطعة ربما لعدم تركيزها من حالة الحزن التى أصبحت فيها بعد موت ابنتها الوحيدة.


بعد بحث وتنقيب يجدوا الكاميرا مخبأة فى مخلفات الزوجة الأولى، وعندما يتم تفريغها يتأكد وكيل النيابة ورئيس المباحث من شكهما بأن الجريمة ليست بدافع السرقة ولا أية دوافع أخرى من المتعارف عليها فى جرائم القتل، فقد قتلتها اختها التى بكت وقالت: كنت أريد أن أسعد أمى التى كانت دوما تبكى وتقول لى إن هذه البنت وامها قتلونى وأخذوا منى كل شىء وتركونى أموت ألف مرة فى كل يوم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط