الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«كلمة» يستضيف نخبة من المترجمين خلال ندوة افتراضية عن كورونا

كلمة يستضيف نخبة
"كلمة" يستضيف نخبة من المترجمين خلال ندوة افتراضية عن كورونا

نظّم مشروع "كلمة" للترجمة يوم أمس ندوةً افتراضيةً بعنوان "دور الترجمة العلمية في ظل الجوائح"، وذلك احتفاءً باليوم العالمي للترجمة. 

تركّزت الندوة حول دور الترجمة في تسليط الضوء على جائحة كورونا وغيرها من الجوائح عبر التاريخ، وأهميتها في توثيق التجربة الإنسانية مع الأمراض والأوبئة في مختلف العصور.
 
شارك في هذه الندوة أطباء ومترجمون ممن أثرت ترجماتهم المكتبة العربية وأسهمت في نقل المعرفة إلى العالم العربي وهم د. زينب بنياية، ود. محمد كبّة، وعز الدين عناية، وحسن غزلان، وعمر الأيوبي، ود. خالد العوضي، فيما قامت الإعلامية مريم فكري بإدارة الندوة.

جرى خلال الندوة استعراض عدد من الكتب المتعلّقة بالأمراض والأوبئة، والتي قام مشروع "كلمة" بترجمتها مؤخرًا إلى اللغة العربية، حيث استهل الأستاذ الدكتور محمد كبّة مشاركته في الندوة بالحديث عن وباء كورونا المستجدّ وتأثير الجائحة على العالم، ثم انتقل للحديث حول كتاب "الطاعون" للكاتب بول سلاك، والذي يُسقط ردود الفعل تجاه الأوبئة الجماعية على الحياة العامة، ويظهر تأثيرها على البشر من الناحيتين الاقتصادية والنفسية، مما يتيح الفرصة للقارئ لملاحظة التشابه الكبير بين جائحات الوباء في الماضي وجائحة كورونا الحالية من حيث الظهور المفاجئ وسرعة الانتشار والإجراءات الأولية المتخذة لمجابهتها. 

من جانبه تناول عمر الأيوبي بعض الآثار الإيجابية لجائحة كورونا، والتي وضعت العلم والعلماء في صدارة المشهد وعززت مكانة البحوث العلمية، كما أعادت الاعتبار للترجمة عمومًا، والترجمة العملية على وجه الخصوص، وذلك لدورها في كسر الحواجز اللغوية والمساهمة في التوعية بمخاطر الوباء وطرق الوقاية منه. 

وبالحديث عن جدوى ترجمة الكتب المتعلّقة بالأمراض والأوبئة بسبب قابليتها للتقادم في ظل التطوّر العلمي المستمر، قال الأيوبي أن الكتب العلمية التي نترجمها اليوم تعزّز منظومة المصطلحات العلمية وتطوّرها، وتوفّر الأساس الذي نبني عليه لترجمة المستجدّات في مختلف فروع العلم، كما أنّها تطوّر مهارات المترجمين العلميين، وتوفّر قاعدةً صلبة من المترجمين المهرة والمتخصّصين، ومن ثم فإن الكتب قد تتقادم، لكنّ قاعدة المصطلحات العلمية تتوسّع، والمترجمين يعزّزون مهاراتهم ويصقلونها. 

من جانبها قالت د. زينب بنياية أن الترجمة وسيلة لنقل الثقافة وصناعة المعرفة، وبالتالي فهي دائمًا ضرورية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بكتب الأمراض والأوبئة، فهذه الكتب لا تفقد قيمتها الثقافية والتاريخية والتوثيقية، واستشهدت د. بنياية بمصنفات ابن رشد وابن سينا، والتي كانت الأساس الذي قام عليه الطب الحديث مع أنها الآن متجاوزة علميًا وطبيًا. 

تعليقًا على هذا الموضوع، قال عز الدين عناية، والذي شارك في هذه الجلسة الافتراضية من العاصمة الإيطالية روما، أن المترجم العربي يواجه العديد من التحديات العاجلة في التعامل مع النصوص العلمية التي تدور حول المسائل الصحية والطبية بشكل عام، وهو ما يتطلب توطيد الصلة بين المترجم والخبراء والمتخصصين في المجالات العلمية للعمل على إنتاج رصيد معرفي ولغوي ييسّر على القارئ العربي الولوج للترجمات العلمية وللمعارف العلمية بكل يسر. 

ويرى الدكتور خالد العوضي، أحد أبطال خط الدفاع الأول بالدولة، أن المكتبة العربية شحيحة فيما يتعلّق بالنسبة للكتب الطبيّة، كما أن العديد من الكتب المترجمة إلى العربية لم يتم تحديثها، وأكد على الحاجة إلى ترجمة الكتب الخاصة بالصحة العامة، وكتب الاختصاص لأن وجود هذه الكتب باللغة العربية يسهّل على القارئ العربي فهمها، حتى لو كان متمرسًا في اللغة الإنجليزية أو اللغة الأصلية للكتاب.

كما تطرّق المشاركون إلى أهمية التعرّف على تاريخ الجوائح في فهم الأوبئة الجديدة، حيث يرى حسين غزلان أن تفسير الأوبئة وإدراك ماهيتها قد شهد الكثير من اللغط والخرافات على مر العصور، لذا فإن توفير عدد من الكتب المترجمة حول تاريخ الجوائح القديمة وأسبابها أمر ضروري لنشر قدر كافٍ من الوعي بين العامة من الناس. من جانبها قالت د. زينب بنياية أنه عند مقارنة التدابير الاحترازية في عصرنا الحالي بإجراءات الأزمنة المنصرمة فإننا نجد تشابهًا كبيرًا، لذا فإن التعرّف على الرصيد المعرفي التاريخي للأوبئة يساعدنا على فهم طريقة تفشيها وسبل الوقاية منها والسيطرة عليها. 

وفيما يتعلّق بإمكانية أن تشهد المرحلة القادمة أعمالًا أدبية وإبداعية حول الجائحة الأخيرة، ترى د. زينب أنه مثلما يوجد أدب ما بعد الحرب، قد يكون هناك ما يسمى بأدب ما بعد الجائحة. ويرى عز الدين عناية أن التأثير السلبي للجائحة على النشر والترجمة قابله دفع نحو التأليف والترجمة في مجال مقاومة الأوبئة وتعزيز الصحّة العامة، لكن العديد من الأعمال الجديدة قد دُوِّنت على عجل وغلب عليها الطابع الاستهلاكي والحاجي، لكنه يرى أن الأعمال المستقبلية، خصوصًا في مجال الإبداع الروائي والكتابة العلمية، ستكون أكثر عمقًا.

ويرى عمر الأيوبي أن الروايات المتعلّقة بالأوبئة والكوارث تظهر قدرة البشر على توثيق التاريخ في قوالب إبداعية تسهّل على المتلقين استيعابه، فالأدب يعبّر عن رد فعل البشر على أحداث ووقائع واضطرابات وثورات معيّنة. وبعد وقوع الأزمات، يستذكر الكتّاب معاناة المجتمع والأفراد ويحيون ذكراها. وبينما قد أثّرت جائحة كورونا تأثيرًا مباشرًا على الحياة الخاصة وظروف العمل للعديد من الكتّاب، فسينعكس عدمُ الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في كتاباتهم، وهذا بدوره قد يعطي أهميةً لسير ذاتية خيالية تستند إلى ظروفهم الحياتية.

في ختام الندوة، خلص المشاركون إلى أن الترجمة العلمية أداة مهمة لنشر المعرفة وتلبية احتياجات البحث العلمي، لكنها نادرة جدًا في العالم العربي ولا تواكب التقدّم المعرفي الهائل الذي يشهده العالم، مما أدى إلى عدم تطوّر منظومة المصطلحات في اللغة العلمية العربية بالشكل المطلوب، مؤكدين أن الحل يكمن في ترجمة المزيد من الكتب العلمية في مختلف الاختصاصات إلى لغة الضاد.