الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العرب خارج أجندة الرئاسة الأمريكية


طوال الشهور الماضية من الجدل الرئاسي في أمريكا، وبالخصوص بعد ضجة ومظاهرات "حياة السود مهمة"، واشتداد حدة المنافسة السياسية بين ترامب وجو بايدن، على من يصل منهما إلى مقعد الرئيس القادم. تابعت باهتمام شديد رؤية كل منهما لطريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع المنطقة العربية طوال الأربع سنوات القادمة في حياة الإمبراطورية الأمريكية.

وللأسف الشديد فقد خرجت خالي الوفاض تماما، فترامب وبايدن لا يرون المنطقة العربية على الإطلاق، ولا النار المشتعلة فيها لذلك لم تكن حاضرة في كلا المناظرتين بينهما. لقد وضعت للرجلين أسئلة بخصوص الداخل الأمريكي وطريقة تعامل ترامب معه والعديد من المشاكل الداخلية التي تهم الأمريكان مثل قضايا كورونا والهجرة والشركات الصغيرة وسياسة ترامب نحوها، ووعود "بايدن" بالتغيير لو فاز بالمنصب. كما كانت هناك وقفات مع كل من روسيا وإيران والصين. وحتى كوريا الشمالية كان لها نصيب وافر من المناظرة الأخيرة بين ترامب وبايدن، إلا القضايا العربية فإنها لم تحضر إطلاقا ولم يتم سؤال أي منهما بخصوص ما سيفعله تجاه المنطقة العربية.

والواضح وفق هذا التجاهل الصارخ رغم ما تمر به المنطقة من دوامات فوضى هائلة ومشاكل اقتصادية وحروب أهلية وصراعات وتمزق بين الذئبين التركي والإيراني والاحتلال الإسرائيلي، إلا أن هذا كله لم يكن له نصيب ولو لدقائق من وقت المرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ورأيي أن هذا التجاهل الصارخ يعبر عن العديد من المؤشرات لدى "سيد البيت الأبيض" سواء أعيد انتخاب ترامب الجمهوري أو فاز بايدن الديمقراطي وهذه المؤشرات تتبدى في الآتي:
اطمئنان تام على المصالح الأمريكية العليا في المنطقة، فبعد سنوات لا تزال مشتعلة مما سمى بالربيع العربي وكان خريفا أسودا أغبرا في كافة الدول التي شهدته، لم يعد هناك ما يقلق صناع السياسة الأمريكية. والأرجح أنهم سعداء تماما بالفوضى في العراق وسوريا واليمن وليبيا.

أما الأتراك والفرس فإن العلاقة معهما تتشكل وفق المصالح الأمريكية، وليس وفق الآلام العربية. فهذه بعيدة ولم توضع في استراتيجية أيا من الرجلين.

كما أرى أن تجاهل المنطقة العربية وقضاياها تماما، في برنامجي ترامب وبايدن يؤكد أنها ستخضع "لاستراتيجية الصدفة" فإذا ما طرأ طارئ أكبر في أي من الدول العربية يستدعي تدخلا أمريكيا أكبر من المتاح عبر وزراء الخارجية أو وكلائهم الموجودين باستمرار في المنطقة، فساعتها ستوضع استراتيجية على عجل للتعامل مع الموقف وانتهى الأمر.

ورأيي أننا خسرنا كثيرا باعتبار الوقت قد مضى فعلا، لعدم الاستثمار في الانتخابات الأمريكية، فحتى القوى العظمى مثل روسيا والصين يستثمران فيها لأنه لا يعقل أن يجهلان القادم القادم في منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يتخذ من هذا المكان الأخطر في العالم سياسات تضرهما.

وبعيدا عن الانتقادات المتبادلة بين ترامب وبايدن، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية ومثل كل انتخابات رئاسية أمريكية تشهد لعب وتدخل أموال  و"لوبيات" هائلة بدءا من اللوبي اليهودي ومرورا باللوبيات الإيرانية داخل واشنطن، وصولا الى تدخلات روسيا والصين وحتى الاتحاد الأوروبي بشكل أو بآخر.

خسرنا كدول عربية عدم المشاركة، وعلينا التأهب لـ"سياسات الصدفة" الأمريكية، من جانب أي من القادم للبيت الأبيض في انتخابات 3 نوفمبر القادم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط