الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: إلا من أتى الله بقلب سليم

صدى البلد

جاء في هدي النبي الكريم الهادي البشير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "ألا إن في الجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"، صدق صلى الله عليه وسلم.. ويقول عز وجل في الحديث القدسي: ( ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ).


فالقلب هو مستودع النفخة الإلهية التي نفحها الرحمن سبحانه وتعالى في جسد الإنسان، واللطيفة النورانية الكامن فيها سر الحياة.. يقول سبحانه: "وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي".. وهو محل الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل".


ومركز النوايا التي هي الأصل في الأعمال لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".. هذا والقلب هو مناط الخفايا والأسرار، وهو موضع نظر الحق سبحانه وتجليه إذا صفا وخلا من العلائق والأغيار وحب الدنيا، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "لا يجتمع حبان في قلب العبد. حب الله وحب الدنيا"..وهو مناط العقل والتعقل الحقيقي في مملكة تكوين الإنسان، لقوله تعالى: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ".. ويقول عز وجل: "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"..


هذا وقد جعل الحق سبحانه وتعالى للقلب صنفرة ربانية تزيل ما علق به من النكتات السوداء التي تنكت فيه من أثر المعاصي، فكلما ارتكب العبد ذنبا نكت في قلبه نقطة سوداء، فإذا أذعن واستغفر وندم زالت وطهر القلب، وإن لم يستغفر تجتمع هذه النكتات حتى تسير رانا على القلب، فتطمس عين البصيرة. وإلى ذلك أشار عز وجل بقوله: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ"..


ومن هنا ندرك قيمة الاستغفار والإنابة والرجوع إلى الله تعالى. ثم جعل الله تعالى كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله مصدرا لنور القلب واستنارته، وجلاء عين بصيرته، تلك العين التي ترى ما لا يرى وصدق القائل: "قلوب العاشقين.. أي أهل محبة الله تعالى... لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون.. ولهم أجنحة من غير ريش يطيرون بها في ملكوت رب العالمين"..


ثم جعل سبحانه وتعالى كلمة التوحيد والإخلاص كلمة "لا إله إلا الله" سببا ووسيلة لمحق العلائق والأغيار ونفي كل غير وسوى حتى يخلص القلب لمحبة الله تعالى والتعلق به وحده سبحانه، ولذا كان لزاما على كل من يتطلع أن يكون من أصحاب القلوب السليمة التي كتب الله تعالى لأصحابها الراحة في الدنيا والفوز والنجاة والسعادة في الآخرة، أن يجتهد في طاعة الله تعالي وذكره، وأن يلزم الإستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وقول لا إله إلا الله.. حتى يزكّي نفسه ويطهر قلبه ويلقى ربه تعالى بقلب سليم.