الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هويدا دويدار تكتب: احترام المسلمين لاختلاف العقائد

صدى البلد

إن التاريخ الإسلامى يشهد على مر العصور أنه لم يحدث يوما أن هناك دولة إسلامية لم يجد فيها الأقليات كافة الحماية والأمان مع المحافظة على كافة الحقوق للعبادة بحرية تامة .. فقد أقر الإسلام بمشروعية الإختلاف، لقوله تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن ليبلوكم  فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) صدق الله العظيم .


فالمتأمل فى الكون يرى الاختلاف والتنوع فى الأشكال والأحجام والألوان ... لذلك فالاختلاف أمر طبيعى والطبيعة من حولنا تعطينا أعظم الدروس.. وقد أدرك الإسلام السلوكيات المسببة للوئام حيث إن غيابها وإهمالها من أهم الأسباب التى تفتك بالبشر وتسبب الدمار والحروب وتستبيح الدماء، فالتطرف هو الفكر الأوحد سواء كان تعصبا للدين أو العرق ..


ومن نتائج هذا الفكر الاستبداد للرأى والانفراد بالحقيقة وقسر الناس عليها وهو قهر لعقول الآخرين .. فالاستبداد الفكرى من أفدح الأخطاء التى يمكن أن يقع فيه مجتمع دون النظر للتعدد وفوائده للنضج الفكرى والإثراء الثقافى، لذلك علمنا الإسلام أننا لم نخلق متماثلين إنما خلقنا مختلفين فنحن أحد مخلوقات الله .. نختلف فى الجنس واللون والثقافات والمعارف والعقائد .


وإذا تأملنا وبحثنا فى مصدر العقائد نجد أننا جميعا ننتمى إلى مصدر واحد وهو الله الواحد . وكل ماجاء به الرسل يدعو إلى عبادة الله حتى مع اختلاف المفسرين فى الفتوى . فتقبل الآخرين بكل اختلافاتهم الفكرية وتنوعهم والتعامل على المستوى الإنسانى من أرقى النظم الاجتماعية.
 

إلا أننا فى الفترة الأخيرة وجدنا عددا من الدول ممن يدعون الديمقراطية والرقى والتمدين وخاصة فرنسا أباحت السخرية ممن علمنا الإنسانية وهو رسولنا الكريم فهذا يعد منتهى التدنى الفكرى. فلم يدخل الدين الإسلامى دولة إلا ورفع من شأنها سواء تدينت بالإسلام أو سارت على منهاجه فالتاريخ الإسلامى يعطى أعظم الدروس للتحضر واحترام الاختلاف والحريات فى العقائد ولم يشهد أن هناك مسلما سخر يوما من عقيدة أو دين 
فقد تقبل المسلمين الثقافات والاختلافات وتفهموا القانون الربانى النظامى بالمقارنة بتلك المجتمعات فنراها رافضة للتعددية فى مجتمع من المفروض أنه مليء بالتنوع الثقافى والفكرى، إلا أن هذا الرفض يمثل إتساع هوة الصراعات والانقسامات بين مؤيد ومعارض فثقافة الاختلاف من أعمق الثقافات فهى رابط لكل الأفكار حيث إنها تميز صاحب الفكر أنه يعلم أنه لابد أن يعيش بأفكار وأمور الحياة دون مساس بحرية الآخرين.


لذلك لابد من تأهيل تلك المجتمعات للتخلى عن العدوانية والأفكار السلبية لان الاختلاف يفجر الطاقات وينمى القدرات. وكم من مسلمين عرب أثروا بفكرهم العديد من المجتمعات وقد حاربوا الأمية وحازوا على شرف السبق والمكانة .. فإغفال دور العقل والتمييز يؤدى إلى ظهور جيل لا يعتمد على الدليل العلمى والحكم على القضايا ومناقشة الرأى الآخر ومقارنة الحجة بالحجة والدليل بالدليل.

 
فتناول الشخصيات المقدسة بنوع من التجريح والعنصرية لا شيء سوى أنه مختلف،  فهى محاولات رخيصة للانتصار على الآخر دون وعى ودراسة فهو دليل على قصر النظر والعجز على التكيف مع الآخر وفقدان الثقة فى منهجه وبعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية الثابتة والأطر الإنسانية.