في ظل الانفلات الأخلاقي بوسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميدياوالتطاول والمشاحنات في أثناء المناقشات حول الأوضاع القائمة, في محيطالعمل والأسرة وبعض وسائل الإعلام بما أن أدب الحوار فضيلة غائبة, وأنهناك آدابا يجب اتباعها عند نقد الآخرين.
والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قدما المثل الأعلى والتطبيقالعملي لأدب الحوار والنقد البناء في التنمية البشرية. النقد يعني النظر
في كلام الآخرين وأقوالهم أو أفعالهم وتمييز الصحيح منه من غيره بحسب نظرالناقد وأغلب الناس يفعلون ذلك النقد بهذا الشكل والمعني, ولكن إذا كانالمرء سينقد ويتاح لنقده أن ينشره علي الناس بأي وسيلة من وسائل النشرالمقروءة أو المسموعة أو المرئية فإن ذلك يتطلب أن يكون الناقد إنسانايملك عقلا وتفكيرا ومقدارا من العلم يخوله أن يمارس هذا الحق, ولا يكفيالاقتصار علي إخراج المعيب وإبراز السوء والنقص في هذا القول أو هذاالفعل فهذا ما يسمي بالنظرية النقدية العوراء.
للنقد شروط، أولا: أن يكون نقدا بناءً بمعني أن نقد الرأي أو القولالخاطئ أو الفعل الفاسد لابد أن يعقبه الرأي الصحيح والبديل العملي
النافع لما يراه الناقد ضارا أو فاسدا, وهذا هو المنهج الرباني في النقدفقد انتقد الله تعالي في كثير من آيات الكتاب العزيز أقواما في عقائدهم
وسلوكياتهم وبين زيف ما يعتقدون وما يعملون ودعاهم إلي النظر والتفكرفيما هو الحق واتباعه بعقل وروية ودراية.
ثانيا: أن يكون الناقد عارفا وخبيرا في موضوع النقد وإلا كان يمشي عليغير هدي, فيقع في كثير من المحاذير فمثلا الذي ينتقد فتوي عالم شرعي لابدأن يكون من علماء الشريعة والذي ينقد قرارا سياسيا لابد أن يكون خبيرابالسياسة وأمور الدولة.
ثالثا: عدم التجريح في النقد والرد إذا كان صاحب الكلام المنقود من أهلالعلم أو المنزلة القيادية في المجتمع, فإن ذلك في كثير من الأحيان حط
للكرامات وتسخيف لصاحب الرأي بما لا يليق بالناقد والمنقود.
رابعا: البعد عن التعصب الممقوت للرأي والهوي والانتماءات والولاءاتالمختلفة فكلما كان النقد بلا إفراط ولا تجاوز كان أقرب إلي العدل
والإنصاف, وبالتالي أقرب إلي التقوى.
خامسا: أن يكون النقد لعمل للناس فيه شأن وله تأثير عليهم سواء منالناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية أو التربوية أو التعليميةأو المادية أو السياسية.
نقد الغير في صفاته الخَلقية والخُلقية, لا يجوز لأنه إما يستلزم الغيبة أوالبهتان, وكلاهما من الذنوب الكبيرة التي نهت عنها الشريعة الإسلامية,أما النقد الذي يتجاوز إلي حد السخرية والاستهزاء بالآخرين, فهذا منهيعنه شرعا لأن فيه من الاستحقار والاستهانة والتنبيه علي العيوب والنقائصعلي وجه يضحك منه الناس, ويكون ذلك بالمحاكاة بالقول أو الفعل أو الإشارةأو الإيماء, وهو من الكبائر لقوله تعالي "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوممن قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهنولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمانومن لم يتب فأولئك هم الظالمون".