الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فيروس كورونا.. لم يتعلم أحد


أثبتت جائحة فيروس كورونا، والتي كانت محور العام الجاري، والمحرك الرئيسي للأحداث طيلة عام 2020 ووفق التقديرات، فإنها ستكون محركة الأحداث طوال العام القادم أيضا، لأن تداعيات الفيروس الاقتصادية والاجتماعية ستظل معنا طوال عام 2021، وللأسف الشديد.. فإن النتيجة المستخلصة أنه لم يتعلم أحد.

والذي وضح للجميع، خلال الجائحة ولا يزال، أن كل دولة تصرفت إزاء الفيروس بمفردها. فلم تكن هناك "استراتيجية صحية عالمية موحدة" لمواجهة مثل هذه الأنواع المدمرة من الأوبئة، بعد وصول عدد الإصابات بالوباء إلى نحو 70 مليون حالة إصابة على مستوى العالم.

فقد خرج الوباء من الصين واجتاح العالم كله، ودون أي تكاتف حقيقي من الدول المتقدمة نحو الدول النامية والفقيرة، أو وجود حقيقي فعال على الأرض لمنظمة الصحة العالمية، بعيدا عن بياناتها الهزيلة عن الوباء وانتشاره وعدد المصابين به، فإن غياب الرؤية الموحدة تجاه الفيروس، هى ما سببت كل هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والاقتصادات.

سيطر الاجتهاد الشخصي على حالة كل دولة، ففى حين نجحت دول عربية وآسيوية بالخصوص، في لجم الوباء وتقليل تداعياته بشكل ملحوظ، مثل مصر والصين رغم ضخامة عدد السكان. فإن دول أوروبا وأمريكا ترنحت تحت أقدام الوباء. لأنه باختصار وللمرة الثانية لم تكن هناك استراتيجية صحية عالمية موحدة، سواء في اتباع اجراءات التباعد الاجتماعي أو فرض الكمامة أو تبادل الخبرات في عز تفشي الوباء وأجهزة التنفس الصناعي.
وبالكاد كانت هناك قرارات اقتصادية شبه جماعية، لتوجيه بعض الموارد المالية لمواجهة الوباء وصرف المساعدات الاجتماعية والنقدية لمئات الملايين في أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية ومنها مصر للإبقاء على الاقتصادات والشركات حية.

وحتى بعد مرحلة التوصل للقاحات وظهور لقاحات عدة لشركات عالمية، منها فايزر ومودرنا واللقاح الروسي واللقاح الصيني، فكل "يُغني لوحده" وهناك معركة وصراع لحجز دفعات القاحات دون ان تكون هناك نظرة صحية موضوعية، حول أكثر مناطق العالم وباءًا أو ترنحا تحت المرض والبلاد الأخرى التي تعافت أوصمدت في مواجهته.

فشل الجميع في مجابهة كورونا، وفشلت منظمة الصحة العالمية في فرض رؤية صحية عالمية، وتحولت مع الاحترام لدورها إلى موقع صحي عالمي ونشرات طبية لا أكثر.
أعتقد أننا لم نتعلم شىء من الجائحة، واذا لا قدر الله هبت جائحة أخرى فإن الكارثة ستتكرر والمطلوب في نقاط عدة مقترحة:

-إعلان تشكيل مجلس عالمي للأوبئة والأمراض من كافة دول العالم المتقدمة والنامية أو ممن يرغب في الانضمام إليه
-أن يتكون هذا المجلس العالمي، من خبراء الأمراض والاوبئة العالميين المشهود لهم، وأن ترصد له ميزانية ضخمة تليق بمواجهة أي تحدي عالمي.
-أن ينظر لمهام المجلس الصحية وبالخصوص في مواجهة الوباء، أو أن يتعامل مع العالم والبشرية ككيان واحد، فالوباء لا يفرق بين بلد وأخرى ولكنه يجتاح الجميع.
-أن تكون للمجلس العالمي للأوبئة المقترح، سلطة فرض القرارات الصحية على غرار مجلس الأمن الدولي لأن الحياة البشرية، ليست عرضة لأمزجة أنظمة ساذجة مثلما ظهر في بعض الدول الآسيوية خلال جائحة كورونا، ترفض الانخراط في بعض التوجهات الصحية العالمية.
- ان يكون لهذا المجلس العالمي للأوبئة دور في مراقبة بيانات الوباء والتأكد من شفافيتها التامة وعدم التلاعب بضحايا الوباء أو احتساب وفيات الفيروس على ذمة مرض آخر، ولا ننسى أن الرئيس ترامب اتهم الصين علانية بأنها قللت من وفيات واصابات فيروس كورونا لديها، وسواء كان هذا صحيحا أو خاطئا فالشفافية مفتاح حقيقي للتصدي لأي جائحة أخرى لاقدر الله.
 وتكون هذه مهام المجلس العالمي للأوبئة المقترح تشكيله.

أما على  الطرف الآخر، فالمطلوب أن يتم تفعيل دور منظمة الصحة العالمية بكل قوة ومكاتبها على مستوى العالم وأن تعترف بالفشل، وتعترف بأن الإصابات التي قدرتها للوباء في أول العام بنحو 30 – 35 مليون إصابة على الأكثر قد تضاعفت وستزيد الإصابات لنحو شهرين قادمين مع دخول فصل الشتاء، الى أن يتم تعميم اللقاحات على مناطق كبيرة وضخمة من العالم.

ولابد كذلك، من معالجة القصور العلمي فيما يخص نشأة فيروس كورونا ليس فقط، بغرض اتهام الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية او غيرهما بالتسبب في نشر الفيروس ولكن لمعرفة من أين ووما تأتي هذه الفيروسات اللعينة المدمرة للبشرية. ومصدرها للقضاء عليها مستقبلا.

هذه بعض المقترحات ونتمنى أن تجد لها آذانا صاغية من رجالات الصحة ووزاراتها حول العالم، وأن يعلم الجميع أن درس كورونا كان مصابا جلالا ولا بد من الفهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط