الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أم الطرشة


قديما قالوا اسمعني أغنية شعب أصف لك طبيعة هذا الشعب، وقاسوا على ذلك العديد من الأغاني الشرقية التي يطلب فيها الحبيب من الناس أن يبلغوا حبيبه بحبه وبأن يساعدوه في تحمل الهجر والبعد ونار الأشواق والاشتياق ففسر أهل علم الاجتماع والنفس الغربيين هذه الشعوب بأنها اتكالية وتسعد بوضعيتها وليس لديها أدنى استعداد للتغير والتغيير، وعلى النقيض جاءت الأغاني الوطنية للمنطقة التي نمثل نحن المصريين أهم مكون فيها جاءت هذه الأغاني على شكل ملاحم وطنية مفعمة بالعزة والكرامة والتحدي ورفض المستعمر ورفض كل معانى الذل والقهر ليفسرها الغرب بما أسموه بالعنجهية اللفظية أو كما يقال أهل الشام سد حنك أو كما نعرف نحن من أهالينا مصطلح فنجرة بوء.

 

بين تفسير الأغاني العاطفية والوطنية وتصنيف الشعوب تمضى بنا الحياة لنصل إلى منحنى مزعج يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي والذى أصبح نافذة يتم فيها نشر كافة أنواع الغسيل سواء كان متسخا أو نظيفا يرتديه قريبا أو غريبا، وأصبحت السوشيال ميديا من أكثر الوسائل تأثيرا وربما انتشارا سريعا يشبه انتشار النار في الهشيم وبذلك التأثير أصبحت أداة للتجسس الحديث لكونها تقيس ردة فعل الشعوب على كل شيء وأي شيء كما أنها صارت وسيلة سهلة ومؤثرة في التهييج والبلبلة وربما الفوضى لما تتمتع به من حجم كبير من المتابعين معظمهم ممن لا يتبعون الأساليب العلمية في البحث والدراسة وقياس ردود الأفعال ببساطة هي تستهدف عوام الشعب.

 

وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من المتابعين يشغلون وظيفة القاضي والجلاد والشيخ والراهب والمحلل والمحرم فالساحة متسعة عن آخرها لا رقيب فيها ولا راشد ولا حتى عاقل، وسائل التواصل جعلت الزبد لا يذهب جفاء بل أصبح في هذا الزمن هو الصحيح المناشر المطلوب والمرجو.

 

لم يقتصر التأثير والتأثر عند هذا الحد بل امتد للتنمر والسخرية والاستهزاء وجعل فئة تملك بيدها صكوك الغفران ومفاتيح جهنم فيصفون هذا بالكافر وذلك بالتقى وتلك من أهل النار وهذه من أهل الجنة، حالة التنمر امتدت لتصف الفنانة يسرا اللوزي بأنها أم الطرشة، لك أن تتخيل كيف لمواطن أن يسمح لنفسه بأن يعاير امرأة بمرض ابنتها وكأنها وصمة عار في جبينها بأن أصاب الله ابنتها بالصمم، وصفه في حد ذاته ليس مؤلما بقدر تجرده من إنسانيته وسماحه لنفسه بالتدني لمستوى معايرة البشر بأمراض ابتلاهم بها الخالق القدير، وأيضا يطرح هنا تساؤل نفسه على هذا الشخص ماذا لو كنت أنت أبو الطرشة أو العامية أو الهبلة أو الغبية أو أي من المسميات البذيئة التي اخترتها لتصف بها طفلة بريئة ليس لها ذنب في مرضها وابتلاءها وابتلاء أهلها؟ ماذا لو كنت أنت أيها المتنمر المبتلى هل كنت ستقبل وترضى بهذه الإهانة؟ ما يحدث على ساحات التواصل يجعل ضرورة إصدار تشريعات وقوانين لمعاقبة المتنمرين في أسرع وقت أمرا ملزما ومهما.

 

الوضع جد خطير والسكوت عليه كارثة وهانحن بلغنا اللهم فاشهد وليت قومي يعلمون...


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط