الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حادث حب


ماذا لو صنفنا الحب ضمن حوادث الطرق القدرية التي ليس لها دليل ولا أي تفسير؟!.. أقول هذا الكلام  بمناسبة حادثة موت تعرضت لها أول أمس، والغريب  فيها أنها بلا أسباب، ولم يكتشف أحد  شهودها أو حتى كاميرات المراقبة التي رصدتها سر حدوثها،.. فكل ما قيل لا يزيد عن تكهنات واحتمالات لم يثبت فحص السيارة  حقيقة أي منها!.. فالأكيد أن الله سبحانه وتعالى نجاني برحمته وأنقذني من موت محقق.. وبحمد الله وفضله  خرجت من بين حطام الحادث سالمة، لكن بقى من تفاصيله صورة لا تنسى وسؤال فلسفي واحد لن ولم يمحى!..
فلو بدأت بالصورة وأنا أرى عجلة القيادة تتهاوى من بين يدي  في نفق ضيق جدًا وسرعة لا تتخطى ال40كيلو متر، وبلا مقدمات ولا سابق إنذار تطير السيارة من فوق الرصيف الذي يفصل الطريق، وتذهب للاتجاه المعاكس، وتصطدم بسيارة قادمة منه.. كل هذا في أقل من ثانية!،.. وكأن الدنيا تتهاوى أمام عيني لتلوح الحياة بمدى قصرها وإن طالت، فلا حزن باقي ولا فرح دائم.. ولا يوجد غد يستحق كل هذا الخوف عليه أو منه، لأنه ببساطة لا ضامن لقدومه!.. فلماذا إذن نضيع أعمارنا على قلق ومخاوف كلها مبنية على حسابات واقع قد يتغير بين ليلة وضحاها؟!، وما فائدة أن  نهدر سعادتنا في  تحاليل ومناقشات جميعها تدور بين الجائز والممكن، بينما القادم في علم الغيب؟!.. أليس الأولى أن ننشغل باليوم،.. وما يضمن لنا الفوز بدنيا أحلى وجنة عرضها كعرض السموات والأرض!.. 
وبعيدًا عن صورة عجلة القيادة، أعود لهذا السؤال المحفور كالوشم على حائط ذاكرتي أو بمعنى أدق صلة الربط بين الموت والحب،.. نعم.. الموت والحب.. فكلاهما يباغتنا عنوة، وبلا موعد  محدد ولا تخطيط  مسبق نجد أنفسنا على كف النصيب.. تماما مثل أي حادث طريق نتعرض له دون أن نعرف لما، ولا كيف نحن تحديدًا اختارنا القدر لنلقي حتفنا جرائه أو ننجى بأعجوبة من تهلكته!
فلا يوجد شخص على وجه الأرض يعلم موعد ولا مكان رحيله، ولا تستطيع جميع قوى الكون وإن اجتمعت على  تقديم أو تأخير ساعة الموت، فليس أمامي أنا وأنت ونحن سوى  الاستغفار والدعاء ليل نهار أن يحسن الله سبحانه وتعالى خاتمتنا.. 
كذلك الحب لا يمكن لأحد أن يختار من ينبض إليه القلب ولا مقاومة هذا الشعور الغامض الذي يتسلل بين الذات وهذا الفؤاد، وبصاعقة وجدانية فجائية يصيبنا في أضعف منطقة بكياننا لنصبح أسرى لحكاية ليس لها نهاية،.. وكل منا ونصيبه العشقي،.. فأما أن يأخذه لدنيا أجمل وبكرة أحلى، أو يضربه في مقتل، ليسرق فرحة الروح ويتركه حي بالاسم فقط!.. 
باختصار،.. الحب ليس إلا قدر مكتوب على اللوح المحفوظ مثله كحادث السيارة الذي تعرضت له، فلا يوجد سبيل لنجاتنا من صدماته سوى الدعاء بخروجنا من تجربته سالمين، معافين من أي خيبة عاطفية تكسر الخاطر، وتفقدنا الإحساس بلذة الحياة وراحة البال.. "اللهم لا تعلق قلوبنا بمن لا يرحمها، وأجعل لنا فيما نحب نصيب يا رب العالمين"..      

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط