الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حضور أمني وغياب جماهيري وطوارئ صحية.. إجراءات استثنائية تحيط بأغرب تنصيب رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة

الكونجرس الأمريكي
الكونجرس الأمريكي

تُقام اليوم مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ليتسلم مهام منصبه رسميًا بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مبنى الكونجرس، وسط إجراءات استثنائية غير مسبوقة تجعل منه أغرب حفل تنصيب في تاريخ الولايات المتحدة.

ويغيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حفل تنصيب خلفه اليوم، بعدما قضى طوال الفترة من ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية حتى أيام قليلة مضت يطعن في صحة نتائجها ويشكك في نزاهتها ومن المقرر أن يغادر ترامب البيت الأبيض صباح اليوم إلى قاعدة أندروز المشتركة بولاية ماريلاند، حيث سيُقام حفل توديع له.

ونظرًا لظروف الطوارئ الصحية المفروضة بسبب انتشار فيروس كورونا، تقرر منع الحضور الجماهيري في حفل التنصيب، والاكتفاء بحضور المدعوين الرسميين من كبار المسئولين والشخصيات العامة، وقد استعاضت اللجنة المشرفة على مراسم التنصيب عن الحضور الجماهيري بغرس 200 ألف علم في الحديقة المواجهة لمبنى الكونجرس حيث تُقام مراسم التنصيب.

ولا تزال أحداث الهجوم على الكونجرس في 6 يناير أثناء جلسة التصديق على نتائج الانتخابات تلقي بظلالها وتضيف غرابة جديدة على حفل تنصيب بايدن، إذ أغلقت واشنطن العاصمة ورفعت في شوارعها العوازل الإسمنتية والحديدية والأسلاك الشائكة، وانتشر عشرات الآلاف من عناصر الشرطة ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وغيرها من أجهزة الاستخبارات والشرطة السرية مدعومين بنحو 25 ألف جندي من الحرس الوطني، في محاولة لمنع حصول أي اعتداء على غرار الهجوم الذي قادته مجموعات يمينية متطرفة واقتحام الكونجرس أثناء المصادقة على انتخاب بايدن في 6 يناير الحالي.

ويستعد الأمريكيون بقلق عميق لتنصيب الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن وتوليه مقاليد البيت الأبيض، محاولًا التغلب على التحديات الأمنية الناجمة عن الانقسامات العميقة في المجتمع الأمريكي، فضلًا عن الأخطار الخارجية المتنوعة.

وتتشابه الظروف التى يتولي فيها بايدن مع تلك الظروف التي واجهها الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي قاد الولايات المتحدة خلال مرحلة الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية. 

ورغم أن بايدن سيتولى منصبه قبل مصادقة مجلس الشيوخ على الأعضاء الرئيسيين في حكومته، يستعد الرئيس الجديد لقيادة جهود الحكومة الفيدرالية على جبهات عدة لمحاربة فيروس كورونا. وتأتي عملية التنصيب وسط حالة من تأييد الأمريكيين له وانتقاد ترامب على سلوكياته الخاطئة التي ضربت كل القيم الأمريكية في مقتل.

وكشفت استطلاع أجراه مركز (بيو) للأبحاث للرأي، أن الأسابيع الأخيرة المضطربة لرئاسة دونالد ترامب، أضرت بمكانته المنخفضة بالفعل؛ حيث قال 68% من الأمريكيين إنهم يريدون إنهاء مسيرة ترامب السياسية إلى الأبد.

ووفق ما نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فقد أظهر الاستطلاع أن ترامب حصل على أقل نسبة موافقة على رئاسته عند 29%، بسبب هجوم مؤيديه على مبنى الكابيتول بعد تحريض ترامب لهم.

وحسب استطلاع الرأي، تقول أغلبية 75% من الأمريكيين -بما في ذلك 52% من الجمهوريين- إن ترامب يتحمل بعض المسؤولية عن أعمال الشغب في الكابيتول، التي أدت إلى مقتل خمسة أشخاص. 

وأشارت تقارير أمريكية إلى أن الانقسام المجتمعي الأمريكي ازداد في الأعوام الأربعة الماضية، وقد يكون انتخاب رئيس مثل ترامب من خارج دواليب السياسة الأمريكية، نتيجة أيضا لحالة الانقسام المجتمعي، ونتيجة أيضا لحالة الرفض التي ازدادت في داخل المجتمع تجاه القيم الأمريكية المتعلقة بالديمقراطية أو الرأسمالية، التي أدت بطبيعة الحال إلى ازدياد الفجوة بين الطبقة السياسية في أمريكا المتمثلة في الحزبين الكبيرين "الجمهوري والديمقراطي"، وتركيبة المجتمع الأمريكي بنخبه ومؤسساته المدنية.

ولعل اقتحام مبنى الكونجرس من قبل تكوينات اجتماعية وسياسية في الداخل الأمريكي يعد مؤشرا خطيرا على تراجع القيم الأمريكية، وتقتضي ضرورة إعادة تقييمها من جديد. وبالتالي وضع الرئيس الديمقراطي المنتخب مراسم تنصيبه تحت عنوان "وحدة الأمريكيين"، وسيحيط نفسه بالرؤساء الأمريكيين السابقين: باراك أوباما، وبيل كلينتون، وجورج بوش، من أجل لم الشمل ومعالجة الانقسام في محاولة لمعالجة هذا الملف الذي ربما يستغرق وقتًا طويلًا.