الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فرنسا والجزائر.. تقرير ستورا يشعل حرب الذاكرة

فرنسا لن تعتذر عن
فرنسا لن تعتذر عن حرب الجزائر رغم تسلم ماكرون تقرير ستورا

عادت ذاكرة فرنسا الاستعمارية في الجزائر إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما تسلم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقرير المؤرخ بنجامين ستورا عن تلك الحقبة، حيث يصر الرئيس على رفضه الاعتذار للجزائر عن هذه الحرب التي لا تزال تترك آثارا مدمرة في حياة الملايين ممن يعيشون في التراب الفرنسي.

يتضمن تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا مقترحات إخراج العلاقة بين فرنسا والجزائر من الشلل الذي تسببه قضايا الذاكرة العالقة بين البلدين، ومن بين أبرز المقترحات، تشكيل لجنة "ذاكرة وحقيقة" في باريس تتولى طرح مبادرات مشتركة بين البلدين حول قضايا الذاكرة.

وكلف ماكرون، في يوليو الماضي، المؤرخ الفرنسي بإعداد التقرير لإيجاد مخرج لقضايا الذاكرة التي مازالت عالقة في ذهن عائلات ملايين في فرنسا بين عائدين وحركيين جزائريين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي فضلا عن المجندين والمهاجرين.

- مقترحات ستورا 
وأعد ستورا التقرير عن فترة الاستعمار وحرب الجزائر  (1954-1962) حيث اقترح إعادة سيف الأمير عبد القادر، قائد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، إلى الجزائر.

واقترح المؤرخ في تقريره أن تعترف فرنسا اغتيال المحامي والناشط السياسي علي بومنجل خلال معركة الجزائر العام 1957 والتي أقر بها الضابط الفرنسي بول أوساريس في مذكراته.

كما تضمنت المقترحات، شر "دليل للمفقودين" الجزائريين والأوروبيين خلال النزاع، مع  إجراء أبحاث حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء وتداعياتها، وكذلك حول زرع الألغام المضادة للأفراد خلال الحرب.

واقترح ستورا تسهيل تنقل الحركيين وأبنائهم بين فرنسا والجزائر، وكذلك تشجيع العناية بالمقابر الأوروبية في الجزائر، ومقابر اليهود وقبور الجنود الجزائريين المسلمين الذين توفوا أثناء القتال إلى جانب فرنسا خلال حرب الجزائر.

وطالب التقرير بمنح مساحة أكبر لتاريخ فرنسا في الجزائر في البرامج التعليمية وتسهيل عمل الجامعيين على مسائل الذاكرة بين البلدين، فضلا عن إحراز تقدم بالأرشيفيات، بهدف نقل بعضها من فرنسا إلى الجزائر، والسماح للباحثين من البلدين بالاطلاع على الأرشيفات الفرنسية والجزائرية، وتسريع مسار رفع السرية عن الوثائق.

ومن بين المقترحات، إعادة تفعيل مشروع متحف تاريخ فرنسا والجزائر، الذي كان من المقرر إقامته في مونبلييه جنوب فرنسا قبل تجميده عام 2014، وكذلك  نقل رفات المحامية جيزيل حليمي التي عارضت حرب الجزائر إلى مقبرة العظماء.

ودعا ستورا في تقريره إلى إقامة "مواقع للذاكرة" في أربعة مخيمات اعتقال للجزائريين في فرنسا.

وبعد تسلم التقرير، قالت الرئاسة الفرنسية إنها تعتزم القيام بـ"خطوات رمزية" لمعالجة ملف حرب الجزائر، لكنها لن تقدم "اعتذارات".

ومن المقرر أن يتحدث ماكرون عن توصيات التقرير في وقت لاحق، وذكر الإليزيه  أن الرئيس سيتحدث "في الوقت المناسب" لكنه لن يقدم اعتذارا عن تلك الحقبة الاستعمارية.

ويسعى الرئيس الفرنسي لتهدئة العلاقات المتقلبة بين البلدين، والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالذاكرة الاستعمارة والغزو الفرنسي للجزائر  واحتلالها عام 1830 إلى حرب الاستقلال.

بدوره، كلف الرئيس الجزائري  عبد المجيد تبون مدير الأرشيف الوطني ومستشاره الخاص عبد المجيد شيخي بالعمل على ملف الذاكرة، بالتنسيق مع بنجامان ستورا، في مقاربة مشتركة ومنسقة بين رئيسي الدولتين.

ورغم ذلك، يشعر الأقدام السود - الفرنسيون المولودون في الجزائر خلال الاستعمار- بالحنين إلى إلى موطنهم،  حسبما يشعر أفراد الجالية الموجودين في بلدة كارنو أون بروفانس جنوب شرق فرنسا، والتي عادت عام 1962 إثر الحرب في الجزائر.

ويشير تعبير "الأقدام السود" إلى  المستوطنين الفرنسيين المولودين او الذين عاشوا في الجزائر خلال فترة الاستعمار، وقد بقى الآلاف منهم عالقين في الجزائر، بينما عاد معظمهم إلى فرنسا بعد 1962.

ويخشى هؤلاء من أن ينتهي الأمر ببعض الخطوات الرمزية فقط، مثل إعادة سيف الأمير عبد القادر إلى الجزائر أو نشر "دليل للمفقودين" الجزائريين والأوروبيين خلال أعوام الحرب.