الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا المسجدين الحرام والنبوي تحذران من الفراغ والتفريط في الوقت.. المصائب والنوازل والكوارث العامة تثاب عليها أمة الإسلام بالصبر والاحتساب

خطبتا المسجد الحرام
خطبتا المسجد الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام:
  • أوقات العمر ثمينة وكل يوم يعيشه المرء مكسبٌ وغنيمة
  • من لم يحفظ أوقاته ويغتنم لياليه وأيامه خسر خسرانًا مبينا
  • مما يؤسف له أن يقضي بعض الناس وقته فارغا ويمضي عمره عاطلا
خطيب المسجد النبوي:
  • إذا جاءتك من ربك نعمة فاشكر وإذا أصابك ما تكره فاصبر
  • النعم مبتدأها من الرب ومنتهاها إليه لا يستحق أحد عليه نعمة 
  • المصائب والنوازل مكفرات للسيئات ورفعة للدرجات
  •  المصائب والنوازل والكوارث العامة تثاب عليها أمة الإسلام بالصبر والاحتساب

تناولت خطبتا الجمعة من المسجدين الحرام والنبوي ، التحذير من وقت الفراغ وجعل الإهمال عادة والكسل شعار، والحرص على اغتنام خمسة أمورًا في الدنيا، وهي شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، فمن أراد أن تعلوَ همته وتسموَ عزيمته ويزدادَ عطاؤه فليتأمل في سير وحياة الجادّين المنتجين الذين تأصّل فعل الخير في نفوسهم وسمت إلى الفضائل هممهم فكان لهم القِدحُ المعلى من السعادة والنجاح والفلاح.

 ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي،  إمام وخطيب المسجد الحرام، إن مما يؤسف له أن يقضي بعض الناس وقته فارغًا ويُمضيَ عمره عاطلًا، فالإهمال عادته والكسل شعاره لا يراعي الإتقان في عمل ولا يسعى في تحقيق هدف، بل هو راض بالدون، وقاصر عن الإنتاج.


وأوضح «غزاوي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن من الأمور التي يتجلى فيها فقد الإنتاج وضياع الغنيمة، التفريط فيما أرشد إليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» (رواه الحاكم والبيهقي)، منوهًا بأن قوله صلى الله عليه وسلم: «شبابَك قبل هرمك» توجيه للمرء لاغتنام شبابه لأنه مرحلةُ نَضَارةٍ وقوة وحيوية، فيغتنمه في العبادة وأعمال الخير قبل أن يتغير حاله فيكبَر ويضعفَ عن الطاعة ويقلَّ عطاؤه أو يعجز عن العمل.

وأضاف أن قوله صلى الله عليه وسلم: «وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ» فيه تنيبه على أن صحة المرء وما يجده من قوةٍ ونشاط وعافيةٍ في حواسه وقواه فرصة للعمل، لكن هذا الحال لا يدوم، فكم من صحة أعقبها ضعف ووهن ومرض، وكثير من الناس يغتر بصحته وعافيته فتذهب عليه سدى دون اغتنام وأشد من ذلك تضييعها في الآثام ثم الندم بعد فوات الأوان.

النبي ضرب أروع أمثلة الإحسان
وأشار إلى أنه إذا ذُكر الاجتهاد في التقديم واستفراغ الوسع في البذل والعطاء تمثل ذلك أول ما يتمثل في قدوة الأنام وإمام الأعلام وسيد الصفوة الكرام محمد عليه الصلاة والسلام الذي بلغ الذروة في تحقيق المطالب العلية والمقاصد السنية، ففي جانب الطاعة والتقوى كان أعبد الناس وأخشاهم لله حتى إن قدميه الشريفتين تفطرتا من طول القيام، وفي جانب التعليم والدعوة فهو المثل الأعلى في نصرة دين الله ونفع الأمة ونصحها ودلالة الناس على الحق وتعليمهم وهدايتهم وإرادة الخير لهم.

وتابع:  كما ضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الإحسان إلى الناس وبذل المعروف والسعي في قضاء حوائجهم، والمؤمن يجتهد في العمل ويتقن أداءه ويسهم في ميادين العطاء، وهذا ما كان عليه الأخيار الأتقياء الذين صاروا أئمة يقتدى بهم في الخير وتركوا آثارا حسنة بعد مماتهم وجعل الله لهم في الناس ذكرًا جميلا وثناء حسنا، باقيًا إلى آخر الدهر.

العرش اهتز لموت سعد 
وأفاد بأن من تلكم الأمثلة المشرقة والنماذج المضيئة الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي لم يعش بعد إسلامه سوى نحو ست سنين، إلا أنه قدم وأنجز ما قد يعجز عن مثله من عاش في الإسلام عمرًا طويلًا، حتى نال ذلك الفضل الكبير والشرف العظيم، قال الذهبي: "وقد تواتر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العرش اهتزَّ لموت سعد فرحًا به».

وواصل: ومن أولئك الأعلام العظام عطاء بن أبي رباح رحمه الله كان سيد التابعين وعالم الدنيا في زمانه، قال بعض أهل العلم: كان عطاءٌ أسود أعور أفطس أشل أعرج، ثم عَمِيَ بعد ذلك، ومما ذكر في فضائله أنه حج سبعين حجة، وبعدما كبِرَ وضعُف كان يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آيةٍ من البقرة وهو قائمٌ، ما يزول منه شيءٌ ولا يتحرك، مشيرًا إلى أن هذا يعلمنا أن المسلم مهما واجه من الابتلاءات والمصائب فإنه يبقى ثابتًا متجلدًا قويًا لا ييأس ولا يضعف ولا ينطوي على نفسه ولا يمتنع عن النفع والعطاء.

وأوصى من أراد أن تعلوَ همته وتسموَ عزيمته ويزدادَ عطاؤه فليتأمل في سير وحياة الجادّين المنتجين الذين تأصّل فعل الخير في نفوسهم وسمت إلى الفضائل هممهم فكان لهم القِدحُ المعلى من السعادة والنجاح والفلاح. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

المؤمن دائما ذا عمل وهمة
ونبه إلى أنه مما يستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم الوارد في الصحيح: «احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ» أن يكون المؤمن دائمًا ذا عمل ونشاط وهمة وإقبال ومثابرة، يبذل ويُجد ويقدم ويثمر وينجز وينتج ويصلح وينفع ويسعى إلى المجد ويطلب معالي الأمور ويدرك ركاب السابقين إلى ربهم، وفي المقابل يقبح بالمرء أن يكون ضعيفًا سلبيًا فاشلًا خاملًا عاطلًا مهمِلًا مضيعًا واجبه متراخيًا متباطئًا في إنجاز عمله لا يرجى من ورائه نفع ولا ينتظر منه بذل ولا عطاء.

 أوقات العمر ثمينة
وأكد أن أوقات العمر ثمينة، وكل يوم يعيشه المرء مكسبٌ وغنيمة، وإن مَن لم يحفظ أوقاته ويغتنم لياليه وأيامه خسر خسرانًا مبينا؛ فاشتر نفسك اليوم عبد الله وجاهد نفسك في ذات الله وبادر بالتوبة النصوح والتزود من التقوى والمداومة على العمل الصالح قبل حلول الأجل وقدم لنفسك، واغتنم فرصة حياتك واحرص على ما يتعدى نفعه للآخرين ويبقى بعد موتك فإن السوق الآن قائمة والثمن موجود والبضائع معروضة وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيها إلى قليل ولا كثير ذلك يوم التغابن يوم يعض الظالم على يديه.

حكمة الله في خلق الكون
 ومن المدينة المنورة، قال الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إنه ينبغي تقوى الله تعالى والقيام بالواجبات والطاعات, وهجر المنكرات للفوز بالحياة الطيبة, وحسن العاقبة.

وأوضح «الحذيفي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن من حكمة الله في خلق الكون أنه قد خلق هذا الكون ليتم فيهم أمره ولتنفذ فيهم مشيئته، وليحكم فيهم بحكمه لا معقب لحكمه، وليدبرهم بتدبيره المحكم بعلمه وحكمته ورحمته وقدرته، فالخلق يتحولون من حال إلى حال فهم بين فضله ورحمته وبين عدله وحكمته، منوهًا بأنه ما أصاب الخلق من سراء وخير فبمحض فضله ورحمته قال الله تعالى : « مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» وقال تعالى : « أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً » .

النعم مبتدأها من الرب 
ونبه إلى أن النعم مبتدأها من الرب جلا وعلا ومنتهاها إليه لا يستحق أحد عليه نعمة ، ومن رحمة الله بعباده أن أمر العباد بشكر النعم لتبقى وتزيد ، وحذر من عدم شكرها لئلا تزول وتحيد فقال عز وجل : « وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» ، منوهًا بأن شكر نعم اللهتعالى يكون بالقيام بالفرائض وعدم ارتكاب الفواحش والمنكرات ، وتسخير النعم فيما يرضى الله تعالى وتعظيم ومحبة المنعم جلا وعلا.

واستشهد بما قال سبحانه وتعالى : « وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ »، وقال تعالى : « اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ» ، وقال بعض أهل العلم ” لم تأت ساعة من ليل أو نهار إلا ومن أل داود راكع أو ساجد أوعامل بطاعة “، فتذكر أيها المسلم نعم الله عليك وتفكر في ابتداء ربك هذه النعم عليك وأنت لا تستحقها عليه وأثن بها على الرب سبحانه كما أثنى بها النبي صلى الله عليه وسلم على ربه بقوله: «يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كل نجوى يا منتهى كل شكوى يا كريم الصفح يا عظيم المن يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها يا ربنا ويا سيدنا و يا مولانا ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله ألا تشوى خلقى بالنار» رواه الحاكم في المستدرك من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال صحيح الإسناد .

المصائب والنوازل مكفرات للسيئات
وأضاف أن المصائب والنوازل مكفرات للسيئات فقال: والمصائب تكفير لسيئات المسلم ورفعة لدرجاته عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة » رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم وصححه .

المصائب والنوازل مكفرات للسيئات 
وأكد أن المصائب والنوازل والكوارث العامة تثاب عليها أمة الإسلام بالصبر والاحتساب وهي عبرة للناس ليتفكروا من أي أبواب الذنوب أتوا لئلا يكرروا الذنب ولئلا يرتكبوا ماهو أكبر ولئلا يعاقبوا بما هو أعظم وليتذكروا ما كانوا فيه من النعم قبل النازلة لتدوم عليهم العافية والأمن والرخاء بالطاعات ، قال سبحانه في سننه: « عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا».

وأفاد أن الله تعالى لا يديم على الأمة النوازل والكربات والشدائد بل يرفعها إذا شاء فانتظر إيها المسلم رحمة الله في الشدة وقابلوا البلاء بالدعاء والإنابة فإن الرب سبحانه غني عن عذاب الناس ولكنه سبحانه يحب لهم أن يعملوا الصالحات ويهجروا المنكرات.

غنى العبد وسعادته في التذلل
وأشار إلى أن غنى العبد وسعادته في التذلل لله فقال: أن غنى العبد وسعادته في اضطراره إلى ربه ويقينه بذلك ودوام الدعاء قال سبحانه : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ »، وأن خذلان العبد وخسارته وهلاكه وشقاءه في ظنه أنه غنى عن ربه وغروره بنفسه وبما اتاه الله من النعم قال تعالى : « وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ (10 ) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ (11)» من سورة الليل، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ » رواه البخاري .

إذا جاءتك من ربك نعمة فاشكر
وعن الشكر والصبر على البلاء فقال: إذا جاءتك من ربك نعمة فاشكر، وإذا أصابك ما تكره فاصبر، فإنما أنت عبد الله ومالكه لا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًا وتوجه بقلبك إلى الله إذا نزلت بك مصيبة أيها العبد ، كما في الحديث « وأعلم أن الفرج مع الكرب وأن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا واعلم أنما هي الأعمال تسعد بها وتشقى والدنيا دار العمل والأخرة دار الجزاء على الخير والشر»، وقال تعالى في الحديث القدسي : « يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إيها فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ».