الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يدل عدم تحلل الجثث على صلاح الميت؟ الإفتاء ترد

هل يدل عدم تحلل الجثث
هل يدل عدم تحلل الجثث على صلاح الميت؟.. الإفتاء ترد

تحلل جثث الموتى، لم يثبت لم في حق الموتى أن جثثهم لا تتحلل بعد الوفاة، ولكن إذا ظهر على جثة أنها لم تتحلل فإن ذلك يعتبر كرامة خص بها الله صاحبها، ومع كل ذلك فإنه يكون في علم الغيب الذي اختص الله به نفسه ولا يجوز الجزم به.




تحلل جثث الأنبياء
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الحديث الشريف فالذي ثبت في الخبر الصحيح أن الأرض لا تأكله من الأجساد هم أجساد الأنبياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، أي يقولون: قد بليت، قال: إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام. رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه.


حكم تشريح جثة الميت
قالت دار الإفتاء المصرية، إن تشريح جثة الميت بعد وفاته جائزٌ شرعًا، سواء كان ذلك لصالح مصلحة الطب الشرعي أو لصالح العملية التعليمية بكليات الطب؛ بشرط مراعاة الشروط الشرعية.


وأوضحت «الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: «ما حكم تشريح جثة الميت لمعرفة سبب الوفاة؟» أنه لابد أن يكونَ تشريح جثة الميت في حدود الضرورة القصوى التي يقدرها الأطباء الثقات، بمعنى: (أنه إذا كانت جثة واحدة تكفي لتعليم الطلاب؛ فلا يصح أن يتعدى ذلك إلى جثة أخرى)، وأن يكون صاحب الجثة قد تحقق موته موتًا شرعيًّا وذلك بالمفارقة التامة للحياة.


وتابعت: "لا عبرة بالموت الإكلينيكي؛ لأنه لا يعد موتًا شرعًا"، مشددةً على ضرورة مراعاة الإجراءات المنظِّمة لعملية التشريح طبيًّا، والتي تضمن ابتعاد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرَّمه الله ولا تجعله عرضة للامتهان، أو تحولـه إلى قطع غيار تباع وتشترى؛ ولكن المقصد المراد منها هو: التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وأن يكونَ ذلك في ظروف تليق بالكرامة الإنسانية.


تحنيط جثث الموتى
وأضافت أن تشريح جثث الموتى من الوسائل التي بها اهتم الباحثون على مَرِّ الزمان للتعرف على طبيعة الإنسان والكشف عن الأمراض والأغراض العلاجية؛ فقد عرفه قدماء المصريين وقاموا بتشريح أجساد موتاهم من أجل تحنيطها، كما استخدمه أطباء المسلمين الأعلام -كأبي بكر الرازي وابن سينا وابن النفيس وغيرهم- وبرعوا فيه مع تدوين وتسجيل ما اكتشفوه من أسرار جسم الإنسان والحيوان والنبات.


وأكدت أن الشريعة الإسلامية أمرت الإنسان باتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر؛ فأمرته بالبعد عن المحرمات والمفسدات والمهلكات، وأوجبت عليه عند المرض اتخاذ كل سبل العلاج والتداوي؛ فعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ- رضي الله عنه- قال: جاء أَعرابِيٌّ إلى رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: « يا رسولَ اللهِ، أَنَتَداوى؟ قال: «تَداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لم يُنـزِل داءً إلَّا أَنزَلَ له شِفاءً؛ عَلِمَهُ مَن عَلِمَهُ، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ»، رواه أحمد.


استخدام الجثث في أغراض الطب
وواصلت أن الضرر الذي يلحق بالعامة إذا لم يحصل طالب كلية الطب على الجثث لتشريحها أشد من الضرر الذي يلحق بالمتوفى الذي يُستولى على جثته لتشريحها، وذلك لأن إباحة تشريح جثة الإنسان بعد وفاته اقتضتها أغراض التعليم لعلوم الطب.


واستكملت أن تشريح جثة الميت يساهم في تقدم علوم الطب والأدوية من خلال استكشاف الأمراض غير المعروفة التي يكشف عنها تشريح الجثة بعد الوفاة والوقوف على الأسباب الحقيقية لها مقارنة مع الأعراض التي ظهرت على المريض والتشخيص الموصوف له قبل الوفاة، فضلًا عن مساعدة القضاء في معرفة الأسباب الحقيقية للوفاة ومعرفة ملابساتها في الحالات القضائية.


واختتمت أن التشريح يدخل ضمن الحاجات التي تمس المصلحة العامة للناس؛ إحياءً لنفوسهم وعلاجًا لأمراضهم ولمعرفة أسباب الحوادث التي تقع عليهم، ولا ينافي هذا ما قرَّره الشرع الشريف.


حكم حرق الجثث بسبب كورونا
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا خلاف بين المسلمين في أن للإنسان حرمة وكرامة حيًّا وميتًا، كما يشير إليه قول الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" [الإسراء: 70]، ومن كرامته بعد موته دفنه في اللحد أو القبر بالكيفية الشرعية التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما ورد عنه من السنة الصحيحة، ودَرَجَ عليه أصحابه والتابعون وسائر المسلمين إلى الآن، فلا يجوز بحالٍ إحراقُ جثث موتى المسلمين، ولم يُعرَف الحرقُ للجثث إلا في تقاليد المجوس، وقد أُمِرنا بمخالفتهم فيما يصنعون مما لا يوافق شريعتنا الغراء.




وأكدت أن الحرق ينافي التكريم؛ ولأن للميت حرمة كحرمة الحي؛ وقد روى أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا»؛ قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (13/ 144، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [هذا كلام عام يراد به الخصوص؛ لإجماعهم على أن كسر عظم الميت لا دية فيه ولا قَوَد، فعلمنا أن المعنى ككسره حيًّا في الإثم، لا في القَوَد ولا الدية؛ لإجماع العلماء على ما ذكرت لك.


حكم الدفن في تابوت
يجوز شرعًا دفن الموتى في هذه التوابيت التي تحمي الموتى من تسرُّب المياه إلى المقبرة، ويحافظ عليها من عوامل التعرية؛ لِمَا فيها من زيادة تحقيق مقصد الشرع من القبور.


ويجوز الجمع بين أكثر من تابوت في مقبرةٍ واحدة للضرورة المتحققة بقلَّةِ المقابر الصالحة للدفن، ويجبُ الفصل بين الأموات بحاجز ولو كانوا من جنسٍ واحد، وذلك كله بشرط التعامل بإكرام واحترام مع الموتى؛ لأن حُرمة الإنسان ميتًا كحُرمته حيًّا.