الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشرقية للدخان: طرح رخصة جديدة لتصنيع التبغ خطوة لتعميق الصناعة المحلية وجذب استثمارات

منتجات التبغ والدخان
منتجات التبغ والدخان

تتجه الدولة المصرية في الفترة الأخيرة إلى تعميق التصنيع المحلي في كافة القطاعات، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والمنتجات إلى جانب فتح أسواق تصديرية جديدة، واجتذاب المستثمرين الأجانب بتوفير فرص متنوعة، وكذلك زيادة العملة الصعبة التي تساعد في دعم احتياطي النقد، وقد قامت الحكومة خلال الفترة الماضية بعقد العديد من الاجتماعات مع الشركات الأجنبية بالسوق المحلي لتشجيعها على التوسع في استثماراتها، وكذلك لجذب شركات جديدة، من خلال طرح فرص استثمارية في مجالات مختلفة.

وتعتبر صناعة التبغ والدخان من أهم الصناعات التي تغطي حاجة السوق المصري، ومع ذلك فإن نشاط تصنيع المنتجات التبغية محصور حتى تاريخه في الشرقية للدخان، أما نشاط استيراد السجائر المصنعة في الخارج وتوزيعها في السوق المصري فتعمل فيه العديد من الشركات، وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت منتجات تبغ جديدة بالظهور في الأسواق العالمية (الجيل الجديد) ومنها على سبيل المثال (السجائر الإلكترونية، البخار (Vape) والتبغ المسخن) وقد بدأ تواجد تلك المنتجات المصنعة في الخارج منذ فترة قريبة في السوق المصري بشكل غير رسمي، وإذا ما تم تقنين تلك الصناعة وفقا للآلية المعمول بها في تصنيع السجائر التقليدية وتم بذل الجهد المطلوب من الشركات المصنعة في تسويقه سينعكس ذلك إيجابا على السوق المصري خلال السنوات القادمة. من هنا جاء قرار الدولة بطرح رخصة ثانية لتصنيع المنتجات التبغية (التقليدية والجيل الجديد)، بطريقة المزايدة المحدودة، بهدف توسيع السوق وخلق مناخ تنافسي، بحيث يكون نشاط الصناعة مرخصا لشركتين بدلا من شركة واحدة مع السماح كما هو معمول به حاليا للعديد من الشركات بمزاولة نشاط توزيع المنتجات التبغية سواء المصنعة في مصر أو المستوردة والمصنعة في الخارج. 

اقرأ أيضا:

ولأن الشركة الشرقية للدخان من الشركات المهمة في مجال صناعة التبغ، وتستوعب الكثير من العمالة، وحيث تمتلك  الحكومة المصرية ممثلة بالشركة القابضة للصناعات الكيماوية، 50.5% من أسهمها، فقد راعت شروط الرخصة الجديدة المحافظة على مكانة الشرقية للدخان، بالرغم من أن بعض الشركات العالمية والمحاية المتواجدة في السوق المصري حاولت في الماضي ولا تزال تحاول من وقت لآخر سحب جزء من حصة الشرقية للدخان عن طريق وضع أصناف من منتجاتها ضمن الشريحة السعرية الأدنى، كما سعت تلك الشركات لمنافسة الشرقية للدخان باستيراد منتجات مصنعة في الخارج لتسويقها ضمن أصناف هذه الشريحة، مستغلة الاتفاقيات الاقتصادية مع بعض الدول، لذلك فقد تضمنت الشروط منع الشركات التي تعمل في مجال تصنيع السجائر التقليدية لدى الشركة الشرقية للدخان، وكذلك الشركات التي تستورد المنتجات المصنعة في الخارج- بما فيها الشركة التي ستحصل على رخصة التصنيع الثانية- من تسويق منتجاتها من السجائر التقليدية ضمن الشريحة السعرية الأدنى، التي ستخصص فقط لأصناف السجائر المملوكة بنسبة 100% من قبل الشرقية للدخان. 

وكذلك فانه يجب أن تلتزم الشركة التي ستحصل على رخصة التصنيع الثانية على الأقل خلال السنوات الأولى بإنتاج الكميات المحددة من السجائر التقليدية في كراسة الشروط لإثبات جديتها في الاستثمار في السوق المصري من حيث القدرة على الإنتاج والتسويق داخل السوق المصري وخارجه، وتوفير فرص عمالة محلية وبالتالي فإن التزام الشركة التي ستمنح لها الرخصة الجديدة لن يكون فقط محصورا على المقدرة المالية فيما يتعلق بقيمة رسوم منح الرخصة، بل يتعداه إلى جدّية الاستثمار في مشروع صناعي ذو طاقة إنتاجية مؤثرة تنمو باستمرار لتغطي حاجة السوق المتطورة من جميع المنتجات التبغية والبحث عن أسواق خارجية قدر الامكان مما يجعلها قيمة تمثل إضافة إلى الاقتصاد الوطني.

علاوة على ذلك، ولتوفير دخل إضافي للشرقية للدخان، تضمنت كراسة الشروط إمكانية قيام الشركة التي تحصل على الترخيص بشراء أو استئجار بعض الأصول غير المستغلة بالشركة الشرقية للدخان، والتي يتم استخدامها حاليًا لإنتاج السجائر الفاخرة (مباني-أراضي-خطوط إنتاج) بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه من خلال إحدى مكاتب التقييم المعتمدة، وبموافقة الجمعية العامة للشركة.

ومن المتوقع أن تزيد قيمة الرخصة الجديدة عن 300 مليون دولار أمريكي، كما تضمنت شروط الرخصة الجديدة إلزام الشركة التي ستحصل عليها بالموافقة على أن تكون الشركة الشرقية للدخان من ضمن المساهمين فيها، بنسبة 24% من رأس المال دون أن تتحمل أي نسبة من قيمة الرخصة، وذلك لتأمين أرباح دائمة لها من نشاط الكيان الجديد، والذي سيكون له الحق في تصنيع السجائر التقليدية ومنتجات التبغ الالكترونية من الجيل الجديد.

ويعد ملف تقنين صناعة الجيل الجديد من منتجات التبغ في مصر (السجائر الالكترونية، البخار (Vape)، التبغ المسخن) من الملفات شديدة الأهمية، لما له من منافع اقتصادية ضخمة، حيث يتم تداول تلك المنتجات حاليا بشكل غير رسمي، وهو ما يهدر مليارات الجنيهات على الدولة، من جمارك ورسوم وضرائب، يمكن تحصيلها لو تم تداولها بشكل قانوني، سواء كان ذلك من خلال الشركة الشرقية للدخان، التي أعلنت في بيان للبورصة المصرية، الأسبوع الماضي، دراستها إنتاج بدائل التدخين مثل السجائر الإلكترونية، وبدأت مشاورات مع مصنعي هذه السجائر استعدادًا لطرحها بالأسواق، كما أن الشركة التي ستحصل على الرخصة الجديدة، سيكون مسموحا لها أيضا ممارسة نشاط التصنيع والتسويق للمنتجات التبغية (التقليدية والجيل الجديد) داخل السوق المصري وخارجه. إن تقنين تصنيع المنتجات التبغية (الجيل الجديد) من خلال الشرقية للدخان والشركة الجديدة سيسمح بالمنافسة الجادة إضافة إلى نشاط الاستيراد من قبل الشركات الأخرى، كل ذلك سيسهم في خلق حصة سوقية جيدة لتلك المنتجات في السوق المصري والتي لا زالت في مراحلها الأولية. ومن المعروف لدى الشركات العالمية أنه من المسموح أن تقوم بتصدير منتجاتها المصنعة في الخارج إلى السوق المصري، بما فيها الجيل الجديد، كما أن الرسوم الجمركية الحالية على استيراد تلك المنتجات تقل كثيرا عن المعمول بها في معظم الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن أن استيراد منتجات الجيل الجديد من التبغ سيكون مسموح بها لكافة الشركات المرخص لها ذلك.

ومن الملفت أن تقوم بعض الشركات التي تم دعوتها للمنافسة على الرخصة الجديدة- والتي لا تمثل حصتها مجتمعة أكثر من 10% من حجم السوق- بمخاطبة الجهات المختصة للمطالبة بتأجيل طرح المزايدة واستثناء منتجات الجيل الجديد من التبغ من رخصة التصنيع، بما يمثل تدخل سافر في توجهات الحكومة المصرية الاقتصادية، والتي من حقها أن تمنح رخصة تصنيع مباشرة دون مزايدة، لكنها قررت توفير فرص منافسة متساوية للجميع بشفافية كاملة، ويعد توجه تلك الشركات دليل على عدم جديتها في الحصول على الرخصة، أو عدم قبول منتجاتها في السوق المصري، ورغبتها في إبقاء منتجات الجيل الجديد من التبغ خارج إطار الصناعة المصرية من خلال الشرقية للدخان والشركة التي ستحصل على الرخصة الجديدة. إن ذلك التوجه يهدف إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني.