كعادتهم كل يوم يعودون مساءً إلى مقر سكنهم بعقار جسر السويس المنهار، يتسامرون حتى وقت متأخر من الليل، للتخفيف من معاناة العمل طوال يوم كامل، من أجل توفير عائد مادى لهم ولأسرهم التى تنتظرهم فى قرية العيايشا بمحافظة قنا، لكن هذه الليلة لم تكن كبقية الليالى فقد كانت نهاية الرحلة لـلكثير من سكان العقار ومن بينهم 4 أفراد من قرية العيايشا.
قبل دقات الساعة الواحدة صباحًا بدقائق قليلة، أظلمت الدنيا فى وجه أبناء قرية العيايشا خلال لحظات معدودة، ليجد بعضهم نفسه وسط المرضى والجرحى بالمستشفى و آخرين بين الأنقاض لا يستطيعون إخراج أنفسهم إلا بمساعدة أهالي المنطقة الذين هرعوا لإنقاذ الأحياء، وانتشال جثث الضحايا قبل أن يصل رجال الحماية المدنية إلى موقع الحادث.
لحظات السمر التى اعتاد عليها أبناء قرية العيايشا فى شقتهم بالدور السابع من العقار المنهار، انتهت بقصص مأساوية حزينة، بعد لحظات من انهيار العقار، فالموت فرق بين أحبة كانوا قبل لحظات ينامون بجوار بعضهم البعض داخل غرفة واحدة، و نقلت جثامينهم الطاهرة محملة فى سيارات نقل الموتى إلى مسقط رأسهم بقريتهم، بعدما كانوا يعودون على أرجلهم محملين بالهدايا و الملابس لأبنائهم و أسرهم الذين ينتظرون عودتهم بفارغ الصبر.
الضحايا الأربعة الذين غيبهم الموت تحت أنقاض العقار المنهار، تعيش أسرهم فى حالة من الحزن الممزوج بالحيرة و الإحباط، بعد فقدان عوائلهم ومصادر رزقهم بعد المولى عز وجل، ينتظرون قرار يعوضهم نسبيًا عن فقدان ذويهم ويوفر لأبنائهم ما يغنيهم عن السؤال، خاصة و أن أحوالهم المادية تكاد تكون تحت خط الفقر.
وطالب أهالي القرية بضرورة كشف الأسباب الحقيقية وراء انهيار العقار، و بحقوق المتضررين من الحادث، سواء أسر الضحايا أو المصابين، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم خرجوا يبحثون عن عمل شريف و رزق حلال لهم و لأبنائهم يغنيهم السؤال أو انتظار العمل الحكومى الذى لا يأتى إلا نادرًا.
"صدى البلد" التقى بعدد من المصابين و أهالي الضحايا، بقرية العيايشا، للتعرف على تفاصيل اللحظات الأخيرة للضحايا والمصابين فى العقار المنهار، والتى رواها المصابين بكلمات ممزوجة بالألم والحسرة بعد فقدان زملائهم فى العمل و أبناء قريتهم، بعد لحظات من الضحك والسمر فى غرفتهم بالدور السابع.
قال أحمد منصور لطيف" مصاب"، منذ فترة غادرت قريتى العيايشا، و توجهت للعمل فى مجال الملابس، مع عدد من أبناء القرية، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعى، إلى أن جاءت الليلة الحزينة وانهارت فوقنا العمارة المنكوبة، حيث كنا فى الدور الثانى مع زميلنا محمود رحمة الله عليه، لتناول وجبة العشاء و انتظار زميل قادم من قريتنا، فتأخرت به السيارة وصعدنا إلى شقتنا فى الدور السابع لنستريح من عناء العمل حتى يأتى، و كنا وقتها مجموعة كبيرة بضعنا نائم وآخرين مستيقظين يتسامرون.
و تابع لطيف، و فى لحظة شعرنا بهزة فى العمار و اعتقدنا أنه زلزال، و قبل أن نأخذ حذرنا، فوجئنا بحالة ظلام و أننا سقطنا للأسفل و كأننا نزلنا فى أسانسير، لنجد أنفسنا بين الخراسانات والحوائط المنهارة والأتربة التى حولت الدنيا لظلام دامس، وبعض زملائي نصفهم تحت الأنقاض، وبصعوبة بالغة استطعنا إنقاذ وانتشال زملائنا، ليأتي بعد ذلك رجال الإسعاف وينقلوننا إلى المستشفيات ونحن فى حالة ذهول.
فيما قال محمد عبده عبدالرازق" مصاب"، الحادث كان فى الساعة 12.50 دقيقة صباحا ، كنا 4 أفراد نجلس فى غرفة ولم نشعر إلا و العمارة تنهار بنا، ونجد أنفسنا على الأرض، و بدأنا وقتها نردد الشهادة لأننا أدركنا أننا نموت، و وقتها كان نصفى الأعلى فوق الأنقاض والأسفل تحتها، وبمساعدة زملائي تم إخراجي من بين الأنقاض ونقلى بعدها إلى المستشفى للعلاج.
و أشار غريب محمد" من أهالى القرية"، إلى أن القرية بها 4 شباب توفاهم الله فى حادث انهيار عقار جسر السويس، كلهم ينتمون لأسر فقيرة للغاية وكانوا السند والعائل لأسرهم وذويهم، مطالبًا بكشف حقيقة و أسباب انهيار لعقار، خاصة و أن المصنع الذى ترددت أنباء عن تسببه فى انهيار العقار تم إغلاقه وتشميعه فى 7 مارس الحالى، مع النظر بعين الرحمة لأسر الضحايا رحمة بظروفهم.
و أضاف عمر محمد" من أهالى القرية"، قريتنا حزينة منذ وقوع الحادث بعدما فجعت فى عدد كبير من أبنائها ما بين شهداء ومصابين، كلهم أبناء عمومهم و أخوال،خرجوا من قريتهم للبحث عن " لقمة عيش حلال" لكن قدرهم شاء أن تكون نهاية بعضهم تحت أنقاض العقار بعد أداء عملهم، ولا نعترض على أمر الله وقضائه، لكن نطالب بحقوق الناس وكشف ملابسات وحقيقة انهيار المبنى.
اقرأ أيضًا :
العثور على جثة مشوهة تحيط بها الكلاب الضالة في قرية العليقات بقنا
تمهيدا لإفتتاحه.. محافظ قنا ونائب مساعد وزير الخارجية يتفقدان مكتب التصديقات والخدمات القنصلية
 
         
         
         
         
         
                         
                         
                     
                                             
                                         
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                         
                         
                         
                                 
                                 
                                 
                                 
                             
                             
                             
                     
                     
                     
                    