الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم التصفيق للرجال.. الإفتاء توضح

حكم التصفيق للرجال
حكم التصفيق للرجال

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: “هل حديث «التَّسْبِيحٌ للرِّجَالِ، والتصفيق للنِّسَاءِ» يقصد به تحريم التصفيق للرجال؟”.

 

وأجابت دار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلة: “هذا الحديث الشريف ورد في حال كون المسلم في الصلاة، فحَمْلُه على غيرها فيه تكلُّف، والفقهاء عندما تكلموا عن حكم التصفيق خارج الصلاة تكلموا عنه باعتبار غَرَضِه وما قد يصاحبه من المظاهر التي تُخرِجُ المسلمَ عن حدود اللياقة العامة والآداب؛ كمن يفعله تشويشًا على الناس في المساجد، أو من يجعلونه من مظاهر العبادة خارجين بذلك عن الخشوع والتدبر، ودار كلامهم في هذه الاعتبارات بين الحرمة والكراهة والحل؛ تبعًا لِمدى ما يحدثه ذلك من تشويش أو خروج عن المقصود، ولكنهم نصوا أيضًا على أنه إن كان لحاجة أو منفعة صحيحة فإنه حلال”.



وأضافت أن العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي نقل استدلال بعض العلماء بهذا الحديث على التحريم، ثم رد عليه بأن هذا خاصٌّ بالصلاة، وبأن التصفيق لا يختص به النساء، فلا تَشَبُّهَ فيه أصلًا؛ فقال في "كف الرعاع" المطبوع بهامش "الزواجر" (2/ 296، ط. الحلبي): [وقد حرمه بعض العلماء؛ لخبر: «إنما التصفيق للنساء»، وأنت خبير بأنه لا دلالة في الخبر؛ إذ (أل) فيه للتصفيق الذي يُؤمَرون به في الصلاة، وليس هذا منه، وبأن التشبه بهن إنما يَحرُم فيما يختص النساء به، وهذا ليس كذلك] اهـ.

 



 

وأشارت إلى أن الاستدلال بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: 35] فغير صحيح؛ لأنها نزلت فيمن كانوا يصدون عن الإسلام بفعلهم هذا، فالإنكار إنما هو للصد عن سبيل الله، ولكونه عند البيت الحرام، لا لمجرد التصفيق أو الصفير.


والمعتمد عند الشافعية أن التصفيق إن لم يكن فيه خروجٌ عن اللياقة والآداب العامة فهو حلال وليس حرامًا حتى ولو كان على جهة اللَّعِب، وأنه حلالٌ إذا كان تعبيرًا عن الإعجاب؛ قال العلَّامة ابن حجر الهيتمي في "شرح الإرشاد" -كما نقله في "كف الرعاع" (2/ 296) عن نفسه أيضًا-: [ومنه يُؤخَذ حِلُّ ضربِ إحدى الراحَتَينِ على الأخرى، ولو بقَصْدِ اللَّعِب, وإن كان فيه نوعُ طَرَبٍ, ثم رأيتُ الماوردي والشاشي وصاحبَي "الاستقصاء" و"الكافي" ألحقوه بما قبله، وهو صريح فيما ذكرْتُه وأنه يجري فيه خلافُ القضيب، والأصحُّ منه الحِلُّ، فيكون هذا كذلك] اهـ.



ويلتحق بذلك كلُّ ما يُحتاج فيه إلى التصفيق؛ كما مثَّل العلَّامة الشبرامَلِّسيُّ في حاشيته على "نهاية المحتاج" (2/ 47، ط. مصطفى الحلبي): [لذلك بفعله تحسينًا لصناعةٍ (أي إعجابًا بفنٍّ معيَّن) من إنشادٍ ونحوه، ومنه ما يفعله النساء عند ملاعبة أولادهن] اهـ.



فإذا كانت الأعراف السائدة تجعل التصفيق دلالةً على الإعجاب والاستحسان فلا ينطبق على التصفيق حينئذٍ ما ذكره الفقهاء مِن كونه علامةً على المجون أو ذهاب المروءة أو غير ذلك من العلل التي من أجلها صرح بعضهم بكراهته أو تحريمه، ولا يصح إيقاعُ حكمهم بمنع التصفيق -كراهةً أو تحريمًا- على فعله إعجابًا واستحسانًا كما هو السائد بين الناس في هذا العصر مسلمين وغير مسلمين، وحينئذٍ فلا يصح أن يُنسَب تحريمُ ذلك (الذي تغيرت دلالته واختلف واقعُه) إلى المذاهب الفقهية المتبوعة؛ لأن العلماء قد أجمعوا على أنه إذا تغيَّرت العوائدُ تغيَّرت الأحكامُ المتعلقة إليها، وأن خلاف ذلك جهالةٌ في الدين؛ كما نص على ذلك الإمام القرافي المالكي في كتابه "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام" (ص: 218، ط. مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب).