الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد وصول عدد السكان 102 مليون .. هل يجوز الاكتفاء بطفلين فقط؟

تنظيم النسل
تنظيم النسل

هل يجوز تنظيم النسل والاكتفاء بطفلين فقط ؟ تشكل الزيادة السكانية خطرًا داهمًا على الاقتصاد المصري، بعد أن بلغ عدد السكان في مصر «102 مليون  نسمة»، و تنظيم النسل حلال ولا يكون اعتراضًا ولا تدخلًا في قدر الله تعالى؛ لأنه من باب الأخذ بالأسباب، والإنجاب حق وواجب في ذات الوقت؛ فهو حق للزوجين، وواجب على المستوى العام والكلي لأنه مطلب وجُودِيٌّ لاستمرار بقاء النوع الإنساني الذي لا يبقى إلا عن طريق التناسل المنضبط.
 

هل يجوز تنظيم النسل والاكتفاء بطفلين فقط ؟

وأكدت الدكتور إلهام شاهين، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أنه يجوز للزوجين أن يكتفيا بطفلين فقط، لكي يتمكن الأب والأم من تربيتهما ولكن دون نية التحديد ويتخذون الوسائل المناسبة لتنظيم النسل.
 

وأضافت شاهين لـ«صدى البلد»، أنه لا يجوز الإجهاض إذا حدث حمل، مشيرة إلى أن تنظيم النسل مباح شرعًا، مشيرة إلى أنه لا يحق للدولة إصدار قوانين تحد من النسل لأن فيه مخالفة لشرع الله تعالى.ولفتت إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تزوج من 9 نساء ولم ينجب إلا 7 أبناء فقط، مشيرة إلى أن المرأة في القديم كانت لا تنجب أكثر من 3 عادة، ومنهن من يزدن على ذلك.

وأشارت إلى أن تنظيم النسل لا يخالف حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة»، مؤكدة أن هذا الحديث يحض على الزواج وتكاثر المسلمين وليس بإنجاب عدد معين من الأبناء، لافتة إلى أن إنجاب طفل واحد يعتبر «تكاثرًا».

وطالبت العالمة الأزهرية، بإرشاد الناس عن خطورة كثرة الإنجاب، وذلك عن طريق البرامج الفضائية والندوات والدروس الدينية ولقاءات التوعية الأسرية بمراكز الصحة فالوعي الديني الصحيح يصحح كثيرًا من المفاهيم المغلوطة لدى الناس.

ونبهت على أن تنظيم النسل جائز شرعًا، وأن التماس الزوجين لوسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما لا ينطبق على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق؛ لأنهم لم يتكونوا بعد.

 



حكم تنظيم النسل

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن القضية السكانية من القضايا المهمة لكونها تمس الأمن الفكري والأمن القومي وتتطلب علاجًا حاسمًا لتفادي الأزمات الاقتصادية المترتبة عليها، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التي ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهيِّة".
 

حكم تنظيم النسل

وأضاف المفتي، في فتوى له، أن ترتيب الأمور أو أقسام المقاصد في الشريعة الإسلامية يكون على درجات مختلفة؛ فأعلاها مرتبة الضرورة والتي إذا لم يفعلها الإنسان يكون مُعرضًا للهلاك والدمار وزعزعة الأمن والاستقرار، وهناك مرتبة أخرى أقل منها في الرتبة وهي مرتبة الحاجيات التي يكون الإنسان فيها في مشقة شديدة إذا لم يفعل أشياء معينة، ثم رتبة التحسينات وتشمل الأمور التحسينية أو الترفيهية، كمسألة تنظيم النسل قياسًا على مراد الصحابة في مسألة العزل، واستنادًا إلى أقوال أهل العلم، ووفقًا لترتيب المقاصد، فإذا كان التحسين جائزًا؛ فمن باب أولى أن يكون الضروري جائزًا، وهو ما ينطبق على مسألة تنظيم النسل حيث تشير الدراسات المعتمدة إلى أنه ضرورة.
 

وشدد مفتي الجمهورية، على أن تنظيم النسل لا يكون اعتراضًا ولا تدخلًا في قدر الله تعالى؛ لأنه من باب الأخذ بالأسباب، مؤكدًا أن الإنجاب حق وواجب في ذات الوقت؛ فهو حق للزوجين، وواجب على المستوى العام والكلي لأنه مطلب وجُودِيٌّ لاستمرار بقاء النوع الإنساني الذي لا يبقى إلا عن طريق التناسل المنضبط.
 

وعن احتجاج بعض المعترضين على تنظيم النسل بظاهر النصوص الواردة في الحث على كثرة التناسل والأولاد، أكد أنه لا يصح أن تؤخذ ألفاظ بعض النصوص الصحيحة على ظواهرها وبطريقة فردية دون مراعاة الأدلة الشرعيَّة الأخرى، التي لم يرد من بينها نص واحد يحدد -ولو تلميحًا- عدد الأولاد المطلوب إنجابهم لكل أسرة، وعلى العكس أيضًا لم نجد نصًّا يحرم تنظيم النسل أو الإقلال منه.
 

هل تنظيم النسل يتعارض مع القدر؟

وأوضح المفتي أن الإيمان بالقضاء والقدر مكون من مكونات الإيمان ويجب أن يكون معتبرًا عند الأخذ بالأسباب، والإيمان بالقضاء والقدر لا يتعارض مطلقًا مع مسألة تنظيم النسل، وهي المباعدة بين الولادات المختلفة وتنظيمها وليس المنع أو القطع المطلق للنسل الذي يرفضه الشرع الشريف ولا يجيزه إلا لضرورة قصوى تتعلق بحياة الأم.
 

تنظيم النسل والرزقوعن فهم البعض لتنظيم النسل بصورة معكوسة؛ حيث توهموا أنها تتعارض كليًّا مع قضية الرزق، باستشهادهم ببعض النصوص الشرعيَّة المحرِّمة لقتل الأولاد من أجل الفقر والعجز عن الاكتساب؛ كما في قول الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» (الأنعام:151)، قال: «إنه فهم مغلوط؛ لأن الغرض من وسائل تنظيم النسل المتنوعة هو منع تكوين الجنين أصلًا؛ فالجنين لا يتكون إذا ما تم استخدام وسيلة تنظيم النسل، وكل ذلك من قدر الله تعالى».

وأردف: «إن أبلغ بيان يوضح وَهْمَ هؤلاء في الاحتجاج بهذه النصوص الشرعيَّة هو استعمال الصحابة رضي الله عنهم تنظيم النسل من خلال الوسائل المناسبة لزمانهم، وبإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته، تلك التي تُمَثِّل السنة العملية المحكمة والمأثورة التي تقرر حقائق دينية ثابتة من شأنها رسم إطار واضح لعملية الإنجاب والتكاثر البشري؛ فالعبرة في ذلك لا تكون بكثرة العدد ولا بجنس المولود، وأن مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بالأمة القوية التي يدها هي العليا لا التي يدها سفلى».

 

حكم تنظيم النسل

ولفت  النظر إلى عدة أمور قائلًا: «لا مانع شرعًا من تنظيم النسل أيًّا كان السبب، سواء لحاجة أو لأمر ضروري أو تحسيني؛ فهذا السبب لا يمنع ولا يتعارض أبدًا مع قضاء الله وقدره؛ فالرزق مكفول لكل إنسان، ولكن على الإنسان أن يسعى في تحصيل هذا الرزق، وأن يبذل كل وجه متقن يتوافق مع الحياة والواقع، ثم يتوكل بعد ذلك على الله عز وجل».

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن هناك اتساقًا بين جميع النصوص الشرعية التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ولا تتعارض مع التوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعي ذلك من قوله عز وجل «فإن خفتم ألا تعدلوا»، مؤكدًا أن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًا عنه شرعًا؛ لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.