إلى الآن لم أتعرض لمحك حقيقي يجعل مني فارسا نبيلا ، مستحقا لشرف الإشارة لي بقولهم : أحمد .. ذلك الرجل العظيم !
كل التجارب التي مررت بها ، كنت على الشاطئ وقتها ، لم تبتل قدمي حتى الآن ..
لم يمتحنني البحر بعد ..
لم يحدث و قمت بتضحية خطيرة ، أو تفانيت في أمر جلل ، يتناقل خبره أهل الحضر و الوبر ، و من ثم تصل شهرتي الآفاق ، ثم تصيبني حمى الغرور .
كل ما قمت به ، قام به الأوغاد و الرعاع ..
كل ما فعلته ، يفعله أقل عربيد متسكع .
كل المواقف التي عشتها ، عاشها أصغر صعلوك في أضيق زقاق في حارات نجيب محفوظ .
أغضب جدا عندما أتذكر أنني سأرحل دون أن يقام لي نصبا تذكاريا يبث الرهبة في القلوب ، لن يقف العالم على قدم واحدة حين يتردد اسمي ، لن تتناقل اسمي نشرات الأخبار ، لا أحد يعرفني في سكاي نيوز ، أو حتى في المخبز الآلي .
تمر الأيام و لا أرى لنفسي مواقع فخر أحكيها لإبني .. ذلك الوغد المتحمس لهزائمي ، و الناكر لأمجادي طوال الوقت .
أقول له في تيه و زهو : أبوك يكتب كما لم يكتب تولستوي ، و يتفوق على دان براون و سومرست موم .
لكنه يتجاهلني تماما و هو يستكمل جولته قبل الأخيرة في لعبته اللعينة على الهاتف ، ثم يهز رأسه في سخرية ، و هو يشملني بشفقة الإبن الذي يؤسفه أن يرى أبوه في هذه الحالة المزرية ، قائلا بكل أريحية :
روح نام يا نجم ، ارتاح يا كفاءة .