الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميراث الحكمة والصمود .. ميركل في زيارة وداع مبكر للعالم من البيت الأبيض

المستشارة الألمانية
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

ربما لن تكون زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن هي الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأخيرة.

وفي الواقع، يبدو الأمر وكأن ميركل ستودع العالم وداعًا مبكرًا من أقوى عواصمه، قبل أن تتقاعد من منصبها الخريف المقبل، وستسلم القيادة الأخلاقية للعالم الغربي إلى بايدن الذي يؤمن بها بالفعل.

تقول قناة "سي إن إن" الأمريكية إنه يصعب تذكر أي وقت لم تكن ميركل فيه داعمة للتحالف الأوروبي الأمريكي عبر الأطلسي، هي التي تطور وعيها السياسي تحت ظلال "الستار الحديدي" السوفييتي المعادي للغرب، والذي ضم إلى إمبراطوريته ألمانيا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية وقبل ولادة ميركل بعشر سنوات.

تعاصر ميركل الآن رابع رئيس أمريكي ورابع رئيس فرنسي وخامس رئيس وزراء بريطاني توالوا على مناصبهم بينما ثبتت هي في موقعها منذ صعودها الأول إليه عام 2005، وطوال ستة عشر عامًا قضتها في السلطة مرت ميركل بمواقف عصيبة وشدائد ثقال، وبعد عاصفة الأزمة المالية العالمية عام 2008 دافعت بقوة عن المشروع الأوروبي الذي كان يترنح منذرًا بتفكك التكتل الأقوى في العالم.

انحازت ميركل إلى مواقف أخلاقية في مواقف كانت تتطلب قدرًا كبيرًا من الصلابة والبصيرة والقدرة على الدفاع عن الموقف؛ فعلت ذلك في قضايا مثل فتح الحدود الأوروبية لموجات المهاجرين واللاجئين من الشرق الأوسط، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

وكان على ميركل أن تدافع بكل قوتها مرة أخرى عن المشروع الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي هدد بتصدع التكتل الأقوى في العالم تحت ضربات اليمين القومي المتطرف الصاعد في أوروبا والولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، بل كان عليها الدفاع عن تماسك التحالف الغربي نفسه في وجه انعزالية ترامب ونفوره من العمل الجماعي.

ووفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط"، لم تكن أنجيلا ميركل تخطط للترشح لولاية رابعة لترؤس الحكومة الألمانية. وما غيّر رأيها كان صدمة فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.

بعد ثمانية أيام من تلك الانتخابات، جاء الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما إلى برلين ليودعها. ويقال إنه ناشدها خلال العشاء الترشح مجدداً لأنها الزعيم الوحيد القادر على توحيد الغرب والعالم. وبعد أربعة أيام من ذلك، أعلنت ميركل ترشحها وخوضها الانتخابات.

وينشغل كثيرون بمعرفة اسم من سيخلف أنجيلا ميركل في قيادة ألمانيا وفي المستشارية بعد انتخابات 26 سبتمبر المقبل إذا فاز بها الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحلفاؤه، وعلى رأسهم الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا. غير أن السؤال الحقيقي الذي يجب التفكير فيه هو أي ألمانيا سنرى بعد 16 عاماً لهذه الزعيمة على رأس حكومة أكبر اقتصاد في أوروبا الغربية وقوة الدفع الأولى في الاتحاد الأوروبي؟

قد تختلف الآراء في السيدة التي ستبلغ السابعة والستين في 17 يوليو، لكن ما يجمع عليه الألمان أنهم كانوا في الأعوام الستة عشر يعرفون أن لديهم قائداً قد يخطئ وقد يصيب إنما في كل الأحوال لا يخشى مواجهة الأزمات ونسج التوازنات.