الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جريمة تضليل الرأى العام


أى صحفى أو إعلامى لابد أن يكون بالفطرة والطبيعة مع حرية الصحافة والإعلام، دون أى قيود تعوق أو تهدد هذه الحرية.
هذه الحرية ليست ميزة للصحفى أو للإعلامى بقدر ما هى حق للمجتمع كله لكشف أي فساد أو قصور أو إهمال يؤثر على مصالح الناس أفراداً أو جماعات.
غير أن أى حرية تقابلها مسئولية، فلا يمكن للحرية أن تصطدم أو تصادم قيم المجتمع وأخلاقياته وشرائعه، ولا يمكن باسم الحرية مثلاً أن تهين شخصاً أياً كان موقعه، ولا يمكن باسم الحرية أن ندافع عن الرذيلة أو عن الشذوذ أو الإباحية أو أن نساهم فى نشر الرذيلة، ومن هنا كانت أهمية التشريعات والقوانين التى تدعم الحرية وتدافع عنها، وفى نفس الوقت تقننها وتمنع استخدامها أو توظيفها فى هدم المجتمع.
لكن هناك للأسف جريمة أخرى ترتكب باسم حرية الصحافة والإعلام مع أنها لا علاقة لها بالحرية ولا تمت بصلة للإعلام ولا الصحافة، وهى جريمة التضليل المتعمد للرأى العام -وأضع تحت كلمة المتعمد عدة أسطر- فهناك أخطاء واردة فى العمل الصحفى مثل نشر خبر غير دقيق أو حتى غير صحيح بشكل غير متعمد، وفى هذه الحالة فإن الصحف ومؤسسات الإعلام المحترمة تسارع بنفسها بتصحيح او نفى الخبر والاعتذار عنه بمجرد أن يتضح عدم دقته، وذلك احتراماً لنفسها ولمصداقيتها ولقارئها أو مشاهدها، قبل أن يكون احتراماً للجهة التى يخصها الخبر.

أما أن يصر البعض متعمداً على اختلاق ونشر أخبار كاذبة فى إطار ممنهج لتشويه شخص محدد أو جهة أو مؤسسة محددة بغرض التشويه أو إثارة الرأى العام عمداً ضد الشخص أو المؤسسة فهو أمر مرفوض، ليس فقط لما يمثله من اعتداء على الشخص أو المؤسسة الموجه ضدها هذا الفعل ، لكن أيضاً لما يمثله من تلاعب بعقول المشاهدين أو القراء والتغرير بهم وخداعهم ودفعهم لاتخاذ مواقف محددة بناء على معلومات وأخبار مكذوبة.
العدوان فى هذه الحالة لا يقع على المقصود بهذه الحملات التضليلية المتعمدة فقط، لكنه فى الأساس يقع ضد الرأى العام وضد المواطن وضد الشعب الذى يتعمد هؤلاء تضليله، وللأسف أصبح هذا التضليل أمراً شائعاً من أشخاص وجهات إعلامية ابتعدت عن الأداء المهنى وتخلت عن الموضوعية وراحت تمارس حملات تشويه ممنهجة ومتعمدة ولا تتورع عن خداع القارئ والمشاهد ليلاً ونهاراً بأخبار كاذبة وحوارات وهمية.
الموضوع هنا ليس خطأ عادياً لكنه ممنهج ومتعمد، فبعض الجرائد تحولت إلى منشورات دعائية محرضة تستخدم كل أساليب التغرير بالرأى العام من أخبار وموضوعات وحوارات مفبركة وملفقة ، وبرغم التكذيبات المتتالية لكل الجهات لهذه الجرائد أو القنوات إلا أن الإصرار على الكذب والتضليل والتشويه أصبح منهجاً لا رجعة فيه، لأن هؤلاء يأمنون العقاب أو الحساب ولأن القانون عاجز عن ردعهم، ولأنه عند أى لجوء للقانون تخرج الأصوات الحنجورية للتباكى على حرية الإعلام والصحافة، مع أن مثل هذه السلوكيات تمثل جريمة نصب وتضليل على القارئ والمشاهد لا علاقة لها بالصحافة ولا الإعلام ولا الحرية.
الأمثلة كثيرة ولا داعى للحديث عنها تفصيلياً، لاعتبارات الزمالة المهنية التى تجمعنا بمن يعملون فى كل منبر إعلامى صحيفة أو قناة فضائية، لكن التضليل والكذب الممنهج لابد أن يكون مرفوضاً من أى صحفى أو إعلامى، واذا كنا نرفض حبس الصحفيين كما نرفض أي قيود على حرية الإعلام والصحافة، فلابد أن تكون هناك جهة مثل نقابة الصحفيين لديها من وسائل الردع التى تحافظ على حرية الصحافة والإعلام بعيداً عن الكذب والتضليل.
نتحدث كثيراً عن ميثاق الشرف الإعلامى أو الصحفى دون أن نرى أى تحرك فعلى للدفاع عن هذا الشرف الذى ينتهكه البعض ويتاجرون به دون رادع من ضمير أو قانون.