الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الانسحاب الأمريكي من العراق لصالح داعش وإيران؟

في الوقت الذي لا تزال فيه أصداء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، تبدو فوضوية ومثيرة للعواصف، وتسببت في تجدد الحرب الأهلية الأفغانية بكل قوة طيلة الأسابيع الأخيرة، لأنه كان ولا يزال انسحاب فوضوي متسرع وغير مدروس، بعد نحو عقدين من التواجد الأمريكي في أفغانستان، ولمجرد إرضاء الرأي العام الأمريكي دون حساب التوابع الاستراتيجية الفادحة على أفغانستان التي دمرها الإرهاب وحطمتها طالبان واستباحها الأمريكان طيلة العقدين الماضيين.
فإن أنباء الانسحاب الأمريكي الوشيك من العراق، والكشف وفق تصريحات وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين: على أن لقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، سيبحث مجمل العلاقات العراقية - الأمريكية، لافتا الى أن جولة الحوار ستشهد الاتفاق على "جدولة الانسحاب الأمريكي".. تثير الصخب والضجة الهائلة وسط الشعب العراقي، وبين العالمون ببواطن الأمور في العراق.
فطيلة العام الماضي الذي تولى فيه مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة في بغداد، ورغم جهوده ومحاولاته المضنية للإمساك بتلابيب البلد، فإن القوى الإيرانية والشيعية والطائفية والإرهابية الموجودة على الأرض تعوق حركته، ولعل التفجير الإرهابي في مدينة الصدر قبل عدة أيام واحتراق مستشفي الإمام الحسين الخاص بكورونا، دليل على "نار هائلة" تحيط بحكم الكاظمي في العراق، وتنسف للأسف كل خطوات الإصلاح والبناء، لكن بعيدًا عن تقييم حكم الكاظمي وهو ليس موضوع هذا المقال، فإن الأنباء المترددة بقوة عبر تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وعبر تقرير "وول ستريت جورنال" والتي كشفت التفكير الأمريكي في إعلان بيان بالانسحاب تثير القلق.
.. بديهيًا فليس هناك عراقي واحد يريد أن توجد قوة أجنبية على أرضه، لكن هل تنسحب إيران وتُفكك ميليشياتها التي يفوق عدد عناصرها ال200 ألف عنصر في العراق بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي؟!
هل يخرج تنظيم داعش الإرهابي ويعلن تحلل وهزيمة باقي عناصره، وهو لا يزال كيان قائم وتنظيم موجود في العراق على حد تصريحات فؤاد حسين؟!!
للأسف لن يحدث هذا ولن يحدث ذاك، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق، إن حدث سيكون خطأ فادحًا مريرًا على غرار الخطأ الدموي في أفغانستان. صحيح أن العراقيين أو الأفغان قبلهم لايريدون قوى أجنبية موجودة فوق أراضيهم، لكن الأمور ليست بهذه البساطة. فهناك جيش جرّار من الميليشيات في العراق تابع للقوى الإيرانية، ومنذ سقوط بغداد 2003 وقد اعتبر لعراق مرارًا وتكرارًا محافظة إيرانية تابعة، لفرط التواجد والنفوذ الإيراني فيه. والانسحاب الأمريكي اليوم وفي "عز هيمنة إيرانية" في العراق وفي قلب الفوضى والمحرقة داخل العراق، سيعد تسليمًا للعراق إلى القوى الأكبر الموجودة فيه فعليًا وهى الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له وتنظيم داعش الإرهابي.
والحاصل، أن الاستراتيجية الأمريكية في العراق، وعلى مدى السنوات الماضية، ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل صدام حسين تبدو "مهترئة وفوضوية" وتكاد تكون وباعتراف الأمريكان أنفسهم سلمت البلد لطهران.
المطلوب اليوم ليس انسحابًا أمريكيًا وفق شعارات "براقة كاذبة" ترفعها جماعات إيران المسلحة تحت أوهام السيادة والاستقلال وهكذا شعارات، ولكن تقوية الجيش الوطني العراقي بقوة والإعلان عن برنامج دعم هائل لإعادة بنائه، والاتفاق مع القيادة العراقية وبضغط أممي ودولي على تفكيك الميليشيات الإيرانية المسلحة في بغداد، وتبني استراتيجية فاعلة لوقف النفوذ الإيراني في بغداد. أما غير ذلك فسيكون هراءً أمريكيًا يدفع بالعراق مجددًا، وبأقوى مما هو موجود اليوم لآتون حرب أهلية ضارية قد تأخذ عقدًا كاملاً قبل العودة للانتخابات أو الاتفاق على شكل المستقبل.
على بايدن وإدارته، أن يراجعا استراتيجيتهما في العراق وأفغانستان.. قبل أن يفوت الآوان ويصبح البلدين قريبًا جزءًا من دائرة إيرانية وتوسع فارسي على حساب الأوطان العربية والإسلامية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط