الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوم عاشوراء .. 6 أحداث تاريخية مهمة وقعت فيه

أحداث تاريخية وقعت
أحداث تاريخية وقعت يوم عاشوراء

عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر مُحَرَّم في التقويم الهجري، ويسمى عند المسلمين بـ “يوم عاشوراء” فهو اسم إسلامي، ووقعت فيه العديد من الأحداث التاريخية لا تنسى مع مر الزمان حيث تعد أحداثا فارقة في تاريخ البشرية، ويعدّ صيام يوم عاشوراء سُنة، وصيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «..صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»


وتحدث بعض المؤرخين عن العديد من الأحداث التي وقعت في العاشر من محرم وهو المسمى بـ “يوم عاشوراء”، ومنها:

 

1- نجاة سيدنا موسى من الغرق في يوم عاشوراء

ومن الوقائع المهمة التي وقعت في عاشوراء وأخبرنا بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نجاة سيدنا موسى عليه السلام من الغرق، حيث كان فرعون متجبرا ومتكبرا في الأرض، ونادى في قومه فقال لهم: أنا ربكم الأعلى. وكفر بالله سبحانه وتعالى ونكّل ببني إسرائيل، فجمع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قومه للخروج، وتبعهم فرعون، فجاء الوحي في ذلك اليوم العظيم لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن يضرب البحر بعصاه. قال الله تعالى: «فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» سورة الشعراء (63).

 

انقسم البحر قسمين؛ قسم عن اليمين وقسم عن الشمال، كل واحد منهما كأنه جبل مائي عظيم، وأصبح بينهما طريق يابس وأرض ممهدة. فلما رأى فرعون هذه الآية العظيمة والمعجزة الخالدة لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لم يتّعظ، ولم يعتبر، بل إنه لَجَّ في طغيانه، ومضى بجنوده يلحق سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، لكن الله سبحانه وتعالى تدارك سيدنا موسى عليه السلام بلطفه، وعذّب فرعون ومن كان معه من الطغاة، فأغرقه الله عز وجل في ذلك البحر، وجعله آيةً تُتلى على مر الزمان والدهور، ونجّى الله سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه من بني إسرائيل. قال الله تعالى:«وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ» سورة الدخان (30). هذا هو العذاب الذي عاقب الله به قومَ فرعون الذين تجبّروا وتكبّروا، ولم يتّعظوا بما جاء به سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

 

وتدارك فرعون الأمر في اللحظات الأخيرة حينما أشرف على الغرق، فقال في الوقت المستقطع والضائع: آمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل، فرد الله سبحانه وتعالى عليه بقوله: «آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» سورة يونس (91). يقول الله تعالى: «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ» سورة البقرة (50).

 

فرعون لم يؤمن بالله سبحانه وتعالى ربًَّا، ولم يؤمن بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نبيًا ورسولًا، بل كان يقول لقومه: ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري. طغى وتجبر وكفر، لكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لكل من يتجبر ويتكبر، ومن خصائصه سبحانه وتعالى أنه يقصم ظهور الجبابرة.

 

وذكرت الروايات أنه كان مع سيدنا موسى ستمائة ألف من المؤمنين، وكان مع فرعون مليون وستمائة ألف ممن لم يؤمن بسيدنا موسى عليه السلام، بل كانوا جندًا مُجَنَّدةً لفرعون، يدافعون عن الباطل، ويناصرون الكبرياء والجبروت، فكانت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يأمر البحر بالالتطام على فرعون وجنوده، فالتطمت عليه أمواج البحر، فأغرقه الله سبحانه وتعالى والذين معه وأنجى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

 

لذلك لما وجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهود يصومون يوم العاشر من المحرم وعلم أنهم يصومون ذلك اليوم شكرًا لله على نجاه سيدنا موسى، قال: "نحن أولى بموسى منهم" وأمر بصيام يوم عاشوراء.

2- استشهاد الإمام الحسين في يوم عاشوراء


وفي اليوم العاشر من شهر محرم سنة 61 من الهجرة جرت حادثة مروعة مفجعة ومصيبة كبرى ألمت بالمسلمين وملأت قلوبهم حزنا وأسى ومرارة، ففي يوم الجمعة في العاشر من شهر محرم قُتل سيدنا الإمام أبي عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب حفيد سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، ابن بنته السيدة فاطمة الزهراء البتول -رضى الله عنهم- على أيدي فئة ظالمة.

 

واستشهد الإمام الحسين وهو ابن ست وخمسين سنة وهـو الذي قال فيه سيدنا الرسول وفي أخيه: "الحَسَن والحُسَين سيدا شباب أهل الجنة". ودعــا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم للحَسَن والحُسَين فقال: "اللّهُمّ إني أحبُّهما فأحِبَّهُما"، وقال الرسول عنهما: "هُما ريحانتاي من الدنيا".

 

وروى البخاري عن عبد الله بن عمر أن رجلًا من أهل العراق سأله عن المحُرِم في الحج الذي يقتل الذباب فقال: أهلُ العراق يسألون عن قتل الذباب، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله.

 

3- نجاة نوح من الطوفان في عاشوراء
وفي يوم العاشر من المحرم نجا الله سفينةَ سيدنا نوحٍ من الطوفان، وسيدنا نوح عليه السلام أول رسول أرسل الى قوم كفار وظل يدعوهم الى الإسلام تسعمائة وخمسين سنة وهم يكذبونه ويسبونه ويضربونه أحيانا حتى يُغشى عليه، فأوحى الله -سبحانه وتعالى- إليه أن يصنع الفلك قبل أن يأتي الطوفان ويَعُمَّ الأرض، وقبل أن يرسل سبحانه وتعالى مطرًا فيفيض فيها، والمياه فتفجر منها وتتجمّع، فتُغرِقَ الكافرين من قوم سيدنا نوح وينجى المؤمنين.

 

وكان قد آمن مع سيدنا نوح نحو ثمانين شخصاً ما بين رجال ونساء، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يصنع سفينه ويركبها هو ومن آمن ويأخذ معه من كل جنس من الكائنات اثنين ذكر وأنثى، وأرسلَ الله تعالى ماءً من السماء وعلى خلافِ العادة، أخرجت الأرض ماءها أربعين يوما.


ولما كان سيدنا نوح -عليه السلام- يصنع السفينة كما جاءه الأمر من الله، كان قومه يمرّون من أمامه ويسخرون منه، إلى أن جاء الأمر بأن يركب في السفينة هو والذين آمنوا معه، حتى أن سيدنا نوحًا طلب من ولده كنعان أن يؤمنَ معه ويركبَ في السفينة لينجوَ من الغرق ولكنه رفض.

 

وقال له كما جاء في قوله تعالى: « وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ»، سورة هود: آية 42، فرفض ولده كنعان أن يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويتّبعَ أباه سيدنا نوحًا وذلك كما قال الله: « قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ»، وبذلك رفض أن يكون من الناجين، فأهلكه الله تعالى غرقًا، ونجّى نوحًا والذين معه في السفينة، وكان ذلك في يوم عاشوراء.

 

وورد فى إحدى الروايات أنّ سيدنا موسى -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم يوم عاشوراء شكرًا لله تعالى على نجاة سيدنا نوح عليه السلام- من الطوفان، وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فرح بنجاة سيدنا موسى، فإن سيدنا موسى فرح بنجاة سيدنا نوح من الطوفان.

 

4 ـ كسوة الكعبة في يوم عاشوراء

كسوة الكعبة الشريفة من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، ويرتبط تاريخ الكسوة بتاريخ الكعبة نفسها؛ لذلك اهتم المسلمون بكسوة الكعبة المشرفة، وصناعتها، والإبداع فيها، وتسابقوا لهذا الشرف العظيم حتى جعلوا يوم تبديلها من كل عام احتفالاً مهيباً لا نظير له.

 

وقد تحدّث بعض العلماء والمؤرخين عن أحداث وقعت يوم عاشوراء، مثل أن الكعبة كانت تُكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء ثم صارت تُكسى في يوم النحر وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة.

 

5 ـ توبة الله على سيدنا آدم في يوم عاشوراء

من هذه الأحداث المهمة أيضا التي روتها كتب التاريخ عن يوم عاشوراء أنه في هذا اليوم تابَ الله على سيدنا آدم، وقيل: هو اليوم الذي أُهْبِطَ فيه سيدنا آدم إلى الأرض، وعن توبة أبونا آدم يقول الله تعالى: (وَعَصَى ءادمُ ربَّهُ)، وقال الله تعالى: {فَتَلقَّى ءادمُ من ربّهِ كلماتٍ فتابَ عَلَيْهِ إنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيم)، وأخبر الله تعالى عنه وعن أمنا حواء انّهُما قالا: “رَبَّنا ظَلَمْنَا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِر لنَا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ منَ الخَاسِريْن”.

 

وكان نزول سيدنا آدم -عليه السّلام- من الجنة إلى الأرض بأمر من الله تعالى لتحقيق سنّة الاستخلاف في الأرض، وبعد نزول آدم عليه السّلام وزوجه إلى الأرض بدأ بتعميرها وإصلاحها وحملت حواء من آدم عليه السّلام وأنجبت هابيل وقابيل وغيرهما من الأولاد والذّريّة الذين تناسلوا بدورهم وأدّوا رسالتهم في تعمير الأرض وإصلاحها.

 

وذكر الحافظ ابن رجب في «لطائف المعارف»: صح من حديث أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد أنه قال: "سألت عبيد بن عمير عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: المحرم شهر الله الأصم فيه تيب على آدم عليه السلام فإن استطعت أن لا يمر بك إلا صمته فافعل".

 

وجاء عند الترمذي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال لرجل: «إن كنت صـائمًا شهرًا بعد رمضان فصم المحرم، فإن فيه يوما تاب الله فيه على قوم، ويتوب فيه على آخرين» فلعل قوله: «على قوم» يدخل فيه آدم عليه السلام في آخرين.

 

6 - غزوة ذات الرقاع في عاشوراء
وفي يوم عاشوراء وقعت غزوة ذات الرقاع في السنة الرابعة للهجرة، حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة ومعه من أصحابه سبعمائة مقاتل يريد قبائل من نجد وهم بنو محارب وبنو ثعلبة من بني غطفان، وكانوا قد غدروا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقتلوا سبعين من الدعاة الذين أرسلهم النبي للدعوة إلى دين الإسلام وتعليم الناس الخير.

 

وبعد أن تهيأ المشركون لقتال النبي وأصحابه لما علموا بخروجه وتقارب الفريقان قذف الله الرعب في قلوب قبائل المشركين فهربوا تاركين وراءهم نساءهم، فلم تقع حرب وقتال وكفى الله نبيه ومن معه من الصحابة شرّ هذه الجموع الكافرة. وسُميت بذات الرقاع لأن الصحابة لفوا على أرجلهم الخِرَق بسبب ما أصاب أقدامهم في هذه الغزوة من جراح تساقطت فيها أظافرهم لما اصطدمت بالحجارة والصخور.