تعد منطقة جزيرة الزمالك من أشهر المناطق والأحياء الراقية فى مصر، فهي منطقة عرف عنها على مر الزمان أنها حي من الأحياء السكنية الراقية على الرغم من تمركزه في وسط المدينة، إلا أن شوارع الحي تتميز بالهدوء والمساحات الكبيرة فى الشوارع بالإضافة إلى الأشجار التى تضيف لمسة فنية وجمالية.
ولكن خلف هذه المنطقة والحي حكاية مثيرة تدل على الظلم والاستبداد اللذين عانى منهما المصريون ابان مصر الملكية.
فى عام ۱۸۹۷ فى عهد الخديوى عباس حلمي الثاني، سعي أحد رجال الصعيد من محافظة قنا ويدعي "عبد النعيم محمدين" أن يستثمر فى ما لديه من أموال وأن يذهب الى العاصمة حتى يصير أحد الاعيان المعروفين فى أنحاء البلاد .
ولكن وقع محمدين فى متاهة المشاريع التى تملأ العاصمة فقرر عدم المغامرة وأن لا يبتعد عن اصله وعن مهنته الاساسية وهى الزراعة والفلاحة، فبدأ فرحة للبحث عن أرض تكون خصبة يمكنه أن يستصلح فيها وأن تعطي له محصولا جيدآ وتكون قريبة من العاصمة فبدأ برحلة البحث بالقرب من شريان الحياة وهو نهر النيل، ولكن اصطدم بحاجز ارتقاع اسعار الاراضى الزراعية التى يمكنه ان يقوم بشرائها والاستصلاح فيها .
وأثناء رحلة البحث اكتشف وجود جزيرة تقع فى أحضان نهر النيل والتى تعني أنها مليئة بالطمي والنيل سوف يعمل على ريها وتدب الحياة بها، ولكن هذه الجزيرة عبارة عن ارض مهجورة مليئة بالذئاب و الثعالب و الثعابين والعقارب والمخلفات والزبالة .
فسأل عن هذه الجزيرة فقيل له انها جزيرة مهجورة كانت فى الاصل جزرا منفصلة وهي عازار - وبولاق الكبيرة - ومصطفی آغا » ومع مرور الوقت وبحكم الطبيعة الجغرافية اندمجت فى جزيرة واحده تعرف باسم بولاق وأن هذا الاسم أطلقه عليها الفرنسيون عندما دخلوا الى مصر ووجدوا أن هذه الجزيرة يوجد بها منظر طبيعي خلاب من طبيعة وبحيرة وعصافير فأسموها ( Beaulae ) " بمعني البحيره الجميلة.
وعندما سأل عن اسمها فى الوقت الحالى قالوا له أنها تعرف الان باسم الزمالك وهو اسم تركي يعني العشش، فأصر عبد النعيم محمدين أن يشترى أرضا فى هذه الجزيرة لما كانت تحتويه من أرض خصبة وبعد أن رأى ان قصر محمد على القديم يطل عليها .
وبالفعل قام بشراء الأرض وبذل الكد والعرق لتعمير الارض وطرد جميع الحيوانات المفترسة منها ليعمرها ولتنبض منها الحياة فقام وبعث لاقاربه ومعارفه من قريته حتى يقوموا بزراعة الارض وتعميرها ، وفى خلال عامين بدأت الارض تجود بالعديد من المحاصيل وحقق الصعيدى ابن محافظة قنا الهدف الذى جاء من قريته لأجله فصار من الاعيان وأصحاب الاموال وقام بزيادة مساحة الارض التى اشتراها ووصل عدد الصعايده الذين جاءوا ليعملوا ويعمروا فى الارض 2000 شخص وأصبحت المنطقة من اجمل المناطق وتعرف بجنة الله على الارض بسبب الزرع المتواجد بها والنيل الذى يحوطها .
ولكن بعد أن توفى"عبد النعيم محمدين" تم تقسيم الارض بين ابنيه الاثنين ومع ازدهار الارض طمع الملك فى الارض ورأى أن مثل هذه القطعة المميزة لا يستحق أن يسكنها صعايده مهمشون فأصدر مرسوما ملكيا بنفي الصعايده لإمبابة، وأخذ الارض وقام ببناء القصور بها حتى يسكنها الامراء والأغنياء والوزراء و الفنانون.
ولم يجد الصعايده أمامهم سوى أن يمتثلوا لامر الملك وذهبوا الى منطقة إمبابة وبعد أن كانوا منعمين فى الارض ومعهم اموال ويمتلكون أراضى تغيرت الاحوال والمعيشة واصبحوا يعانون من الفقر وقلة الاموال فكانت ارض امبابه أرضا لا يوجد بها زرع وعاش الصعايده فى هذه العزبة لتسمي بأرض عزبة عبد النعيم ثم “ عزبه عسران “ حتى تكاثر النسل فى هذه المنطقة وأخذت تعرف ”عزبة الصعايده” الى يومنا الحالي .
من سكن الزمالك؟
وسكن فى منطقة الزمالك العديد من الرموز والشخصيات الهامة فى تاريخ مصر الحديث امثال الأميرة فايزة والأمير طوسون إبراهيم والأمير سعید طوسون وأحمد عبود باشا وعميد الأدب العربي طه حسين.