EN 
"الفن مرآة المجتمع".. حقيقة راسخة منذ القدم.. حيث يستمد الفن موضوعاته من المجتمع، من هذا المنطلق قدم الفنان عادل إمام فيلم «زوج تحت الطلب»، ومسرحية «الواد سيد الشغال»، ولم يكن يعلم أن الواقع أكثر تشعبا وقوة مما قدمه.
ظهر أمس خلال إحدى حلقات برنامج «يحدث في مصر» مع الإعلامي شريف عامر، شخص جسد أحداث الفيلم على أرض الواقع، يدعى محمد الملاح، ويعمل كمحلل شرعي لعودة المطلقات لأزواجهن، وتزوج 33 مرة، مما أثار جدلًا واسعًا خلال الساعات القليلة الماضية، عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أصل الحكاية.. مراتي وزميلتي السبب
كشف محمد الملاح، عن تفاصيل أول تجربة له؛ إذ كان يجلس مع أصدقائه، وعرف أن صديقة زميلته طلقها زوجها، واقترحت عليه أن يتزوجها، وقالت: «قالت لي ما تتجوزها أنت وتعمل خير، وأنا قولت لها أنتي بتهزري ولا بتتكلمي جد، وكنت أعرف الزوجة، وعملت كده وروحت اتجوزتها جواز مكتمل الأركان، وبعدها بيومين طلقتها».
وحكى «الملاح» عن ثاني مرة تزوج فيها كمحلل: «تاني مرة عن طريق ناس اصحابي وعن طريق الفيسبوك»، لافتًا إلى أن هناك واقعة زواج حدثت بعدما اقترحت عليه زوجته أن يتزوج صديقة لها، ويكون كمحلل لترجع لزوجها، وهو ما حدث بالفعل، ثم طلقها.
يرفض الحصول على مقابل مادي
أنشأ الملاح صفحة عبر منصة «فيسبوك»، باسم «محلل شرعي لرد المطلقات للزواج الأول مجانا لوجه الله»، ليعمل كمحلل شرعي لعودة المطلقات لأزواجهن.
وأشار «الملاح» إلى أنه يتزوج زواجا شرعيا كاملا بأركانه كافة، ويرفض الحصول على أموال لعدم الدخول على الزوجة الجديدة ليكون الزواج شرعيًا وقال: «كان بيتعرض عليا فلوس عشان أشيل بند إني أدخل بيها، لو عملت كده يبقى ضد الدين أساسا».
وليس هذا فحسب، بل أكد محمد الملاح أنه يوافق أن تتزوج زوجته «محلل»، حال طلاقها منه 3 مرات، مشددًا على قبوله أن تتزوج غيره زواجا كاملا لترجع له، بسبب رغبته في عودتها إليه.
أطول فترة زواج 10 أيام
وعن أطول فترة زواج، قال محمد الملاح، إن أطول فترة زواج بقيت معه 10 أيام، وكان يتردد على الزوجة بانتظام، مشيرًا إلى أن الـ33 زوجة لم تحمل أي منهن، لافتًا إلى أن الزوجات كن «بيعملوا استعدادهم»، إشارة لاستخدامهن وسائل منع الحمل، لافتا أنه يحتفظ بـ33 عقد زواج، ومثلها طلاق على هاتفه المحمول.
عطية: بيعمل كده عشان مزاجه
وسأل شريف عامر الدكتور مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف قائلًا: «ممكن يكون بيعمل كده عشان مزاجه»، ليرد عليه عطية، بأنه لا يستطيع الدخول في النوايا التي لا يعلمها إلا الله، مضيفا: «هو ممكن بكل شياكة وذوق وأدب وبدون الغلط فيه يكون استمرأ الحكايةْ يعني استحلى الحكاية، لأن بيوت جديدة وأشكال جديدة وألوان جديدة وأحجام جديدة».
انتفاضة السوشيال ميديا
انتفضت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر ضد الأخ "محلل شرعي" بعد لحظات قليلة من إعلانه أنه تزوج 33 مرة من أجل إعادة الزوجات إلى أزواجهن، وانتشرت صور من فيلم زوج تحت الطلب، ونشر بعض النشطاء، استنكار علماء أزهر وشريعة إسلامية أقوال "الملاح" التي أعلن فيها عن قيامه بهذا الأمر لوجه الله كعمل تطوعي بدون أي مقابل من أجل حماية البيوت من الخراب وانفصال الأزواج.
دار الإفتاء تواجه المحلل
أكد محمد الملاح، أنه سيتوقف عن عمله كمحلل، إذا أفتت دار الإفتاء المصرية بحرمة هذا الفعل وعدم جوازه، معتبرًا أن الواقع أسوأ بكثير في مشكلات الأسر والطلاق.
وجاءت دار الإفتاء المصرية، بفتواها اليوم لكشف صدق المحلل من عدمه، حيث قالت دار الإفتاء إن "زواج المرأة المَبْتوتة أي المطلقة ثلاثًا لكي تحل للزوج الأَوَّل، وهو ما يُعْرَف بـ(الزواج بشَرْط التحليل) حرامٌ شرعًا باتفاق الفقهاء".
فتنة مجتمعية.. والمحلل ملعون بقول "النبي"
الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال إن زواج التحليل حرام شرعاً، ومن يفعله آثم شرعاً وقانوناً، وله عقاب في الشريعة الإسلامية، لأن الأصل في الزواج هو الاستمرار، وكل من يرتكب تلك الجريمة مخطئ.
وهاجم كريمة الزوج والمحلل على حد سواء، مشدداً على أهمية محاكمة من يرتكب تلك الجريمة بتهمة مخالفة الشريعة، ويمكن أن يتم محاكمته بتهمة ازداء الأديان أو إحداث فتنة مجتمعية.
فيما قال الشيخ السيد سليمان، أحد علماء الأزهر الشريف، إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال في الحديث الشريف أن المحلل ملعون، وهو كالتيس المستعار، وأي زواج محدد المدة أو بغرض المنفعة لا يجوز، والأصل في الزواج هو الاستمرار وانتهائه إما بالطلاق أو الوفاة.
وشدد سليمان أن ما يأتي بغيره للزواج بزوجته بغرض عودتها إليه ومعاشرتها معاشرة شرعية غير أمين على زوجته ولا بيته، غير أنه رغم إثمه إذا تطلقت من غيره "المحلل"، فجائز شرعاً العودة إليه كون أن أركان الزواج في زيجتها الثانية من إيجاب وقبول وإشهار وشهود قد تم بشكل صحيح.
المحلل يستطيع ابتزاز الزوجين ماديا
الدكتورة زينات يوسف، أستاذة علم النفس والاستشارات الزوجية، قالت إن مشكلة «المحلل» هى فى الأساس فقهية ومفهومها عند الكثير من الناس خاطئ، لأن الزواج يعنى المودة والاستقرار والاستدامة ولا يؤقت بزمن معين، ولكن للأسف على أرض الواقع هو أن الزوج تحت الطلب “المحلل” تكون لديه النية أنه سوف يطلقها أو يأخذ مبلغا من الطرفين، وهنا يفقد الزواج معناه والغرض منه، وما يحدث من اتفاق على الزواج وبدون “نكاح” أو زواج مؤقت بغرض التحايل على الشرع، حيث يقوم الزوج نفسه بالبحث عن المحلل لطليقته، ويتم الزواج وعادة دون «نكاح» حتى ترجع الأمور إلى طبيعتها، وتعود إليه زوجته وهذا الوضع مرفوض دينيا واجتماعيا، ومن هنا ننصح الأزواج الرجال بالوعى والتعرف على فقه الأسرة، وتجنب التلفظ بالطلاق مرارا وتكرارا على أتفه الأسباب، لأنه قد يحدث ما لا تحمد عقباه فيجد الزوج زوجته أصبحت محرمة عليه، إلى أن يطأها زوج غيره، وهو وضع مخز ومهين ويضحى بمبلغ كبير من المال نظير هذه المهمة.
وأضافت: قد يرفض المحلل الطلاق، ويقول هى زوجتى وتظل على ذمته ولا يستطيع أحد إجباره على الطلاق، وقد يبدأ فى ابتزاز الزوجين ويطلب المزيد من المال لكى يطلقها حتى ترجع لزوجها الأول، وهذا حدث بالفعل مع بعض الحالات.
