الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خناقات واستقالات .. ماضي كيروش مع إيران يرسم ملامح مستقبل منتخب مصر

صدى البلد

يعرف الجميع أن المدرب البرتغالي كارلوس كيروش -  المدير الفني الحالي للمنتخب الوطني المصري - يمتلك سيرة ذاتية ضخمة وحافلة بالفصول سواء على صعيد الأندية، حيث درب ريال مدريد وسبورتينج لشبونة، وعمل كمساعد للسير أليكس فيرجسون في مانشستر يونايتد، أو على صعيد المنتخبات الوطنية، حيث درب الإمارات والبرتغال وجنوب أفريقيا وإيران وكولمبيا.

وفي هذا التقرير نروي قصة أطول فصول سيرته وتجاربه التدريبية والتي تحكي الكثير عن شخصية البرتغالي المخضرم، ألا وهي تدريبه لمنتخب إيران.

كارلوس كيروش هو صاحب المدة الأطول من بين جميع الذين تولوا تدريب المنتخب الإيراني، حيث تولى قيادة "أسود فارس" منذ عام 2011 وحتى 2019 في 80 مباراة خسر خلالها 8 مباريات فقط بينها 4 وديات، وتحت قيادة كيروش احتل المنتخب الإيراني قمة تصنيف المنتخبات الآسيوية لمدة 17 شهراً متواصلة، وهي الأطول في تاريح المنتخب على الإطلاق.

الفترة الأولى من 2011 - 2014

بعد مغادرة كيروش للمنتخب البرتغالي،  وافق على تدريب المنتخب الإيراني في فبراير 2011 التالي بعد يمتد لـ3 أعوام ونصف حتى نهاية كأس العالم 2014، لكنه سرعان ما قدم استقالته في الشهر نفسه لأسباب شخصية وعائلية، بالتزامن مع اضطرابات سياسية كبيرة في إيران، لكنه عاد وتولى المنصب مجدداً في أبريل بجهاز مكون من مدرب الحراس البرتغالي دان جاسبار والمدرب المساعد الإيراني أوميد نمازي.

في انطلاقته مع إيران، أقام كيروش معسكراً تدريبيا في النمسا خلال شهر يوليو، ولعب 3 مباريات ودية اعتمد خلالها طريقتي لعب 4-2-3-1 و4-3-3.

أخصائي المحترفين واستبعاد الأساسيين

في بداية توليه قيادة المنتخب الإيراني جمع كيروش قائمة بأسماء اللاعبين الإيرانيين المحترفين في الدوريات الأخرى والإيرانيين أصحاب الجنسيات الأخرى، مثل الإيراني الألماني دانييل دافاري والألماني الآخر أشكان دجاكه، والإيراني الهولندي رضا قوتشان نجاد، والإيراني الأمريكي مهرداد بيت آشور، والإيرانيين السويديين أميد مظري وسامان وقدوس.

لكن كيروش كذلك استبعد لاعبين اعتبرهم "عاديين" ولكنهم دائمي الحضور بقائمة المنتخب، مثل سيد مهدي رحمتي وهادي عقيلي ومحمد خلعتبري وشجي خليل زادة، ووضعهم في "قائمة سوداء"، حيث لم يستدعهم في أي مباراة بحسب وصف الصحافة الإيرانية.

وعقب المعسكر انطلقت تصفيات كأس العالم، حيث كان لدى إيران أقوى خط هجوم بتصفيات آسيا برصيد 17 هدفاً، بعد العقم التهديفي الذي شهدته فترة توليه البرتغال في كأس العالم 2010. وقع منتخب إيران في مجموعة تضم منتخبات، كوريا الشمالية وأوزبكستان وقطر ولبنان، وتأهل رفقة كوريا إلى كأس العالم مباشرة بعدما حقق الأسود 5 انتصارات وتعادل وخسارتين مفاجئتين على أرضهم، أمام لبنان وأوزبكستان بهدف للاشئ لكل مباراة، لتصعد إيران بصعوبة إلى المونديال بفضل يعود بنسبة ليست بالقليلة إلى نتائج الفرق الأخرى.

في ديسمبر 2012، قاد كيروش المنتخب الإيراني في بطولة غرب آسيا، حيث اعتمد في أغلب القائمة على اللاعبين الشباب في الدوري المحلي والذين لم تتح لهم فرصة الانضمام للمنتخب الأول، وأقصيت إيران من البطولة حيث حلت في المركز الثاني في دور المجموعات بعد البحرين، إلى جانب السعودية واليمن متذيل المجموعة، حيث تأهل العراق كأفضل ثان، وفازت سوريا باللقب بعد الفوز على العراق بهدف نظيف في النهائي.

كأس العالم 2014

وقعت إيران في مجموعة تضم الأرجنتين ونيجيريا والبوسنة والهرسك، تعادلت إيران سلبيا مع نيجيريا (أول مباراة في تاريخ إيران بلا هزيمة في  المباراة الافتتاحية في المونديال) وخسرت من الأرجنتين بهدف للاشئ بأقدام ليونيل ميسي وخسرت من البوسنة والهرسك بثلاثية مقابل هدف.

في ترتيب أفضل اللاعبين في دور المجموعات، حصد مهرداد بولادي على أكبر عدد من النقاط بين اللاعبين الإيرانيين، بل وكان الثاني بين جميع المنتخبات المشاركة برصيد 9.7 نقاط خلف الألماني توماس مولر، واحتل كل من اشكان دجاكه ومسعود شجاعي وجهان بخش المرتبة الأدنى. بحسب موقع "الفيفا".

قال كيروش بعد مباراة نيجيريا إن منتخب إيران لعب بواقعية وقاتل على كل كرة أمام خصم صعب، ولكنه أضاع فرصة الفوز في أولى لحظات اللقاء، وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن فريق كيروش أصابه نحس المباراة رقم 13 في المونديال أمام نيجيريا، التي لم تستطع مجاراة الإيرانيين، وكانت نتيجة التعادل غير عادلة، كما أشاد أسطورة الكرة الإنجليزية ومانشستر يونايتد، ريو فرديناند خلال تصريحات لـ"بي بي سي"، بقدرة كيروش على بناء فريق جديد وقوي لإيران.

وأمام الأرجنتين صمد فريق كيروش أمام التانجو حتى الدقيقة 91 قبل أن يقتل ميسي المباراة ويقود الأرجنتين للفوز والوصول للنهائي فيما بعد. وأشاد الرئيس الإيراني حسن روحاني بـ"الفهود" وقال إنهم لعبوا بشكل رائع وبذلوا مجهودا غير عادي ولكن النتيجة لم تكن تليق بهم، وأن عليهم أن يرفعوا رؤوسهم.

بينما قال كيروش إنه فخور بلاعبي فريقه، وأنه يتمنى لو أنهم لعبوا بهذه الطريقة في كل مباراة، لكنه أشار إلى النقطة التي سببت الهزيمة في النهاية بشكل غير مباشر وقال: "نحن بحاجة إلى السيطرة على قوانا الذهنية وتركينا وزراعة عقلية الفوز"، لكنه عاد وأكد على ضرورة أن "يخرج اللاعبين من الملعب" ونسيان تلك المباراة. وأكد أن إيران كان تستحق ركلة جزاء وبطاقة حمراء للمدافع الأرجنتيني وأنه لو كان بمكان الحكم لخجل من نفسه.

وقال مهاجم إنجلترا السابق مايكل أوين بعد المباراة "أشعر بغاية الأسف تجاه إيران، لقد كانوا استثنائيين". وقال ميسي بعد المباراة: "أعتقد أن إيران قدمت أداءً جيداً للغاية، وسعت إلى الاستفادة من منظومتها الدفاعية، وكان من الصعب اختراق حاجزهم الدفاعي". وكتب النجم البرتغالي كرستيانو رونالدو عبر تويتر:"مبارك للمنتخب البرتغالي، كانت مباراة غير عادية، انتم تستحقون الفوز".

لكن تفاجأ الجميع بهزيمة مدوية لإيران أمام البوسنة بثلاثية مقابل هدف، بقيادة مهاجم مانشستر سيتي آنذاك إيدين دجيكو ولاعب وسط روما ميرالم بيانيتش، كانت إيران لديها أمل في التأهل لدور الـ16 في حالة خسارة نيجيريا.

وصف كيروش منتخب البوسنة بأنه أفضل منتخب في المجموعة، وأنه لا يزال رغم الفشل في التأهل فخورا بلاعبيه الذين بذلوا ما بوسعهم وسجلوا وصنعوا العديد من الفرص لكن كان من المستحيل أن يفوزوا على البوسنة  في هكذا مباراة مؤكداً أنه لم يلعب مباراة دفاعية.

وفي أمم آسيا 2015، وبعد اعتلاء إيران قمة المجموعة التي تضم الإمارات والبحرين وقطر على الترتيب، فاجأت إيران الجميع بخروجها على يد العراق من دور ربع النهائي بركلات الترجيح.

الاستقالة الثانية

في 21 مارس 2015، أعلن كيروش استقالته من تدريب المنتخب الإيراني بسبب "ضغوط" يتعرض لها جهازه الفني ورئيس اتحاد الكرة الإيراني علي كفاشيان، الذي قال إن "كيروش أعلن أنه لا يمكنه الاستمرار في هذا الوضع. بناء على ذلك لا يمكننا إجباره على البقاء في هذا المنصب".

وقال كيروش:"نعم استقلت اليوم، والسبب هو الضغوط الواقعة علي وعلى رئيس الاتحاد". وعن مصدر الضغط قال: "لا داعي للحديث عن ذلك والجميع يعرف ما هي المشكلة. لا أحد يستطيع أن يقول إنني لم أكن أنوي مواصلة العمل مع المنتخب. هذا الانفصال لم يكن أمنيتي وقراري، ولا حتى رئيس اتحاد كرة القدم يريد ذلك، لكننا اضطررنا لذلك خلافا لرغباتنا". ويشار إلى أن الضغوط الواضعة على كيروش ورئيس الاتحاد كانت من قبل وزير الرياضة الإيراني.

خاصة وأن كيروش أعرب عن غضبه من عدم الدعم خاصة المادي من قبل وزارة الرياضة في إيران، وجاءت الاستقالة بعد منع كيروش من مغادرة الأراضي الإيرانية لقيادة المنتخب الإيراني في مباراتين وديتين في أوروبا، بسبب التخلف عن دفع ضرائب كان الاتحاد الإيراني وعد بتسويتها.

لكن بعد عقد عدة جلسات أعلن كيروش ورئيس الاتحاد عودة المدرب البرتغالي لقيادة الفريق حتى مونديال 2018 في روسيا.

صدامات وخلافات وانتقادات

أظهر كيروش شخصيته القوية من جديد بعد تجاهل قرار إيقاف محلل الأداء في جهازه الفني مهرداد خانبان بداعي "إهانة وزير الرياضة ورئيس ومسؤولي اتحاد الكرة، ما دفع لجنة الأخلاقيات "القيم" في الاتحاد للاستقالة احتجاجاً على تصرف كيروش.

خاض كيروش خلافات كبيرة مع المدربين الإيرانيين الذين تولوا منصب المدرب المساعد، حتى قرر عدم الاستعانة بمدربين إيرانيين، ما أثار موجة انتقادات واسعة ضده، خاصة بعد الخروج المخيب من أمم آسيا وحديث المحللين عن انخفاض مستوى أداء المنتخب المتواصل وإصراره على الأداء الدفاعي والافتقار إلى الحلول البديلة والأفكار المبتكرة وعدم التسجيل من الضربات الثابتة، فضلا عن ارتفاع قيمة راتبه ومكافآته وجهازه الفني.

لكن اتحاد الكرة الإيراني وضع بنداً في العقد الثاني مع كيروش على الاستعانة بمدربين إيرانيين. لكن استمرت عملية التصيد والحديث عن عدم إيمانه بالمدربين الإيرانيين من جهة، وسوء اختياره للمدربين الإيرانيين من جهة أخرى.

من بين الانتقادات التي وجهت إلى كيروش كذلك تدخله في طريقة إقامة الدوري الإيراني واختيار مدير المنتخب وإقامة المعسكرات معتبرين أنه تدخل في سلطات اتحاد الكرة.

الاستقالة الثالثة

قدم كيروش استقالته مجدداً من المنتخب الإيراني بسبب عدم تنفيذ مطالبه بتوفير الإمكانيات اللازمة للمنتخب من ملعب ومعسكرات، قائلا إن الاتحاد لم يف بالوعود التي قدمها واتفقوا عليها.

لكن الاتحاد الإيراني أعلن رفضه استقالة كيروش وتعهد من جديد بتوفير جميع الإمكانات المطلوبة والمتفق عليها فيما هو قادم.

في كأس العالم 2018 في روسيا، قدمت إيران عروضاً قوية ومقنعة في مجموعة شبه مستحيلة، تضم إسبانيا والبرتغال والمغرب، استهلت إيران مشوارها بالفوز على المغرب بهدف عكسي عزيز بوحدوز في مباراة كانت قوية من كلا الجانبين، وخسرت إيران من إسبانيا بهدف نظيف، وتعادلت مع البرتغال بهدف لكل فريق، حيث سجلت أنصاريفرد هدف إيران من ضربة جزاء في الدقيقة 94.

الاستقالة الرابعة والأخيرة

بعد الخسارة في كأس آسيا بثلاثية نظيفة أمام اليابان في قبل النهائي، في أقرب نقطة للحصول على أول بطولة خلال 8 سنوات قضاها مع إيران، وأول بطولة لإيران منذ عام 1976.

أعلن كيروش استقالته قائلا: "أعتقد أن أبسط شئ يجب فعله هو اقتباس الأغنية القديمة لفرانك سيناترا التي تقول: «والآن حانت النهاية» متابعا «أنا سعيد وفخور بما فعلته، حان الوقت لكي أظهر امتناني للجماهير الإيرانية واللاعبين عن آخر ثماني سنوات. بالنظر إلى الصعوبات والحدود التي نعمل فيها، فإنهم سيظلون في قلبي فيما تبقى من حياتي».


لكن النهاية لم تكن بتلك الرومانسية بشكل كامل، حيث قال إنه استقال قبل أن يقال، وشن هجوماً على اتحاد الكرة، واتهم المقربين من علي كفاشيان بمحاولة صنع المشاكل للمنتخب وأنه لا توجد مشاكل لديه مع رئيس الاتحاد، وأكد أن بقائه سيسبب مشاكل لكفاشيان ولا سيما مالية.