الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتخابات العراق.. رجالات إيران يتبادلون المواقع

في الوقت الذي يرى فيه البعض، إنه من الظلم والإجحاف وصف نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، بأنها انتصار لإيران بشكل أو بآخر أو بالأحرى، تبدل مواقع رجالاتها في المشهد السياسي داخل العراق. فإن المنصفون، يرون ضرورة الانتظار حتى إعلان التحالفات..
لكن مع هذا فإن النتائج المبكرة لانتخابات العراق، والتي لم تعلن رسميًا حتى اللحظة تنبىء عن مؤشرات كثيرة:-
أولها تبدل مواقع رجالات إيران، ففى الوقت الذي أطاح فيه ناخبو العراق بائتلاف الفتح الذي يقوده هادي العامري- ومعروفة صلته الوثيقة بإيران وحارب في صفوفها في "حرب الثمان سنوات" ضد بلده العراق- بعدما فقد أغلب مقاعده ولم يفوز سوى بـ14 مقعد مقابل 45 مقعدا في الانتخابات الماضية، فإن رجل إيران الأول نوري المالكي – رئيس الوزراء الأسبق وعبر ائتلاف دولة القانون، الذي يقوده نجح في اختطاف 37 مقعدًا ليأتي في المركز الثالث بعد "الصدريون" وبعد تيار تقدم الذي يقوده رئيس مجلس النواب الحالي، محمد الحلبوسي.
فـ ناخبو العراق أطاحوا بالعامري لكنهم أعادوا تصدير نوري المالكي، وهو أسوأ سياسيًا وإيرانيًا. ولا يوجد عراقي واحد لا يعرف نوري المالكي ولا يعرف الثمان سنوات التي قضاها في الحكم، وانتهت 2014، وشهدت كوارث مدوية منها مجزرة سبايكر وسقوط الموصل في يد تنظيم داعش الإرهابي.
فرس السبق في الانتخابات العراقية، هو مقتدى الصدر، والذي نجحت كتلته "سائرون" وفق النتائج المبكرة غير الرسمية، في حصد 73 مقعدًا وهو مكسب سياسي كبير لاشك في ذلك. لكن الحيرة تجاه مقتدى الصدر طيلة الـ18 عاما الماضية منذ سقوط بغداد 2003 لم تنته.
فالرجل في المشهد العراقي أو عند رجل الشارع العادي، له مواقف جادة، يبدو من مظهرها، إنه يريد إحداث تغيير بالمشهد وفي مقدمتها مطالبته بـ"حل الميليشات وحصر السلاح بيد الدولة" وهو ما يقوله نصًا. لكن المشكلة إنه نفسه لديه ميليشا قوية، هى ميليشيا "سرايا السلام"، وأتباعه من قبل فيما سموا بـ "القبعات الزرقاء" تصدروا الثورة التشرينية بقوة قبل نحو عامين، وقاموا بانتهاكات عارمة مسجلة ومنشورة ضد أفرادها. 
وفي الوقت الذي يدعو فيه مقتدى الصدر، لامتداد عربي وأن يعود العراق لينفتح على جيرانه العرب من جديد، وقد زار السعودية في زيارة كان لها صداها. فإن مقتدى الصدر، هو ابن السياسة الإيرانية في العراق قولاً واحدًا. وجيش المهدي الذي قاده ليتصدى للوجود الأمريكي في العراق أواخر 2003، كان بأيدي إيرانية، وتحت أعين "مخابرات إيران". كما إنه أي مقتدى الصدر- ليس مغضوبا عليه من قبل إيران ولا تشعر طهران نحوه بالقلق، أو إنه عدو لها أو أن فوزه بالانتخابات اليوم، أو سياساته المعلنة من قبل تشكل تهديدا عليها. بالعكس هو "ابن بار" بالسياسة الإيرانية في العراق. لكنه "داهية" يتلاعب بالمصطلحات والمفردات التي يريدها الشارع العراقي.
والمعنى من هذه القراءة، أن الصدر والحلبوسي ونوري المالكي وهادي العامري، كلهم رجالات الحظيرة الإيرانية، وللأسف لم تفرز الانتخابات في العراق، ولم ينجح نحو 9 ملايين ناخب شاركوا فيها، في إحداث تغيير أو اختراق حقيقي. فالمحاصصة السياسية والطائفية ستبقى قائمة في العراق. وبالفرض نجح الصدر في تشكيل الحكومة المقبلة عبر تحالف مع أخرين كالديمقراطي الكردستاني الذي فاز بنحو 34 مقعدًا، أو "تيار تقدم" للحلبوسي الذي فاز بـ38 مقعدًا. فإنه لن يكون قادرا على تغيير اللعبة السياسية كما يريد ملايين العراقيين. فالمشهد تحكمه إيران ورجالاتها تبادلوا المواقع والأشرس والأسوأ – مثل نوري المالكي- عادوا للمشهد بكل قوة.
كما لايمكن إغفال، ما قالته النائبة، عالية نصيف القيادية بائتلاف دولة القانون، من إنهم بصدد تشكيل تحالف يضم نحو 85 مقعدًا، وإذا نجح نوري المالكي في مسعاه فسيتم "تحييد الصدر"، وبالخصوص أن هناك خلافات واسعة بينهما، ولا يمكن أن يتحالفا معًا. 
وبعد.. فهذه قراءة أولي، وتُظهر أن مكاسب إيران حاضرة لم يمسسها أحد. ولم يجرؤ في الاقتراب منها أحد. أما تيار "ثورة تشرين" . فكما كان معلومًا من قبل، فإن الثورة في الشارع غير اللعبة نحو البرلمان والحكم، والتربيطات لاختطاف المقاعد والسلطة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط