الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحفة عمرها 125 عاما.. كيف بنى السكاكيني باشا أحد أشهر قصور القاهرة وعلاقته بالأشباح؟

صدى البلد

300 تمثال رائعة الجمال، تخفي ملامحها خيوط العنكبوت المحيطة بها، تقف شامخة بحديقة واحد من أكبر وأجمل القصور التي بنيت في القاهرة الخديوية، قصر “السكاكيني” التحفة المعمارية النادرة ذات الطابع الإيطالي، لصاحبها جابرييل حبيب السكاكيني باشا، لها أصل وحكاية قديمة تبلغ من الزمن قرابة 125 عاما منذ بنائه.

 

من هو السكاكيني؟

الحكاية بدأت في عام 1856 بقدوم أسرة شامية من سوريا لمصر، برفقتها ابنهم جابرييل حبيب السكاكيني، الذي عمل موظفا بسيطا في حفر قناة السويس، نجح السكاكيني في التحول من موظف بسيط لشخص ذو أهمية كبيرة تنبع من اهتمام الخديوي إسماعيل به، عندما قدم السكاكيني حلا سحريا للمسؤولين عن حفر قناة السويس الذين كانت تواجههم مشكلة ضخمة بسبب الفئران التي انتشرت بشكل مرعب وسط المشروع، وتسببت في نقل الأمراض بين عمال السخرة ووفاة المئات منهم وتلف معدات كثيرة، وفشلت كل محاولاتهم في القضاء عليها. 

الموظف البسيط حبيب السكاكيني اقترح حلا على مرؤوسيه للقضاء على الفئران، الذي تمثل في جمع عدد كبير من القطط واحتجازها في مكان ما لتجوع تماما، ثم إطلاقها في مكان الحفر لتأكل الفئرانْ ونجحت الفكرة نجاحا باهرا حتى علم الخديوي إسماعيل بمقترحها وأعجب بذكائه واعتمد عليه في عدة أمور هامة، كان الأمر الذي حول السكاكيني من موظف صغير لرجل ذو شأن، خاصة عندما حقق رغبة الخديوي إسماعيل في بناء دار الأوبرا الخديوية خلال 6 أشهر فقط،  كي تشاهد الامبراطورة الفرنسية “أوجيني” رواية «عايدة» خلال زيارتها لمصر في افتتاح قناة السويس، حيث اقترح السكاكيني على الخديوي أن يتم العمل في دار الأوبرا على مدار 24 ساعة، ويتم تقسيم العمل على 3 أقسام طوال اليوم كل منها 8 ساعات حتى تم بالفعل بناء دار الأوبرا في 6 أشهر، وهو ما دفع الخديوي لمنحه رتبة الباشوية وأصبح حبيب السكاكيني باشا، ثم منحه قطعة أرض ذات مساحة هائلة في وسط القاهرة كهدية له، وهي التي استغلها السكاكيني في بناء قصره القائم حتى الآن حاملا اسمه.

 

تحفة معمارية ب 300 تمثال و400 نافذة

يمثّل قصر السكاكيني تحفة أثرية تحكي جزءاً مهماً من تاريخ مصر، حيث يمتزج الطراز المعماري الأوروبي الرائع مع الروح المصرية ليكون نسخة من ذلك القصر، الذي شاهده جابرييل حبيب السكاكيني صاحب القصر في إيطاليا، ووقع في غرامه ويخرج مشهد فني خاص تتداخل فيه الطرازات المختلفة من حول العالم، وبني في عام 1897 على بركة أرض تسمى "قراجا التركماني"، أو "بركة قراجا" في منطقة الظاهر تسمى بالشيخ قمر، وقد قام بردم البركة وبناء القصر عليها، واستعان جبرييل بمعماريين إيطاليين جاءوا خصيصا لبناء القصر وأشرف على تشييده المكتب الاستشاري العالمي في ايطاليا، واختار لقصره موقع يتفرع منه 8 شوارع رئيسية.

وللقصر قبب مخروطية الشكل وتصميم على الطراز البيزنطي، الذي يرجع للعصور الوسطى، وتم بنائه على مساحة 2698 متر، ويضم أكثر من 50 حجرة، ويحتوي على 400 نافذة وباب، و 300 تمثال، منهم تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكينى بأعلى المدخل الرئيسي للقصر، ومصعد ويطل على شرفة بها قبة مستديرة تؤدي إلى غرفة الإعاشة الصيفية.

يتكون القصر من خمسة طوابق، السفلي منها تحيط به أربع غرف، والطابق الثاني مكون من ثلاث قاعات مزخرفة، بينما توجد أربع صالات وغرفتان خاليتان من الزخارف، وتبلغ مساحة الصالة الرئيسية 600 متر مربع وتحتوي على ستة أبواب تؤدي إلى قاعات القصر، أما أبوابه فصنعت من الخشب المشغول بالحديد الايطالي.


يحيط بأركان القصر 4 أبراج تعلو كل برج قبة صغيرة، وعند الدخول إلى القصر من البوابة الخلفية توجد نافورة جفت منها المياه تتوسط مساحة من الأزهار والأشجار، وأمامها تمثالان لأسدين من الجرانيت الأبيض والرخام قدما من إيطاليا.

 

تنازل للدولة وترميم

 

بعد وفاة «السكاكيني» عام 1923 قسمت ثروته بين الورثة الذين تنازلوا عن القصر للدولة، وقام أحد أحفاد «السكاكيني» وكان طبيبًا بالتبرع بحصته لوزارة الصحة، وفي الفترة من عام 1961- 1983 أصبح مقرًا لمتحف التثقيف الصحي، وفي نهاية الفترة بعد نقل المتحف من القصر تم تخزين بعض معروضات المتحف في بدروم أسفل القصر، حتى استلمه المجلس الأعلى للآثار، وتم تسجيله كأثر إسلامي عام 1987.


وسبق أن أعلن الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بدء أعمال الترميم المعماري الدقيق لقصر السكاكيني بالظاهر، حيث تم إدراجه ضمن خطة ترميم وزارة السياحة والآثار، مؤكدًا أن أعمال الترميم ستتم عن طريق الحرف الأثرية والوحدة الإنتاجية والحدائق والتجميل بالمجلس ليخرج بصورة رائعة الجمال حضارية.

 

قصص خارقة وأشباح


يتداول بعض أهالي المنطقة منذ سنواتٍ طويلة، قصصاً مختلفة عن أشياء خارقة تحدث داخل القصر، مثل إضاءة أنواره فجأة خلال ساعات الليل، أو تحرّك القصر حول نفسه، أو ظهور ابنة صاحب القصر تقف في الشرفة، وكذلك يعتقدون بسماع أصوات مخيفة مثل صريخ وبكاء متواصل بداخله.


بعد تداول تلك الروايات والحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية قال أحد العمال، بجوار القصر، إنه يعمل في مكان مجاور للقصر منذ 20 عامًا، وينتهي عمله في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ولم يسمع شيئًا من الإشاعات المنشورة قد تحققت فعلًا، كما أن هناك حارس للقصر، ولم يسمع أو يرى بالقصر أي شئ غريب.


وأضاف صاحب أحد المحلات المجاورة لقصر السكاكيني، أنه يعمل بجوار القصر منذ 40 عامًا، ويسهر بمحل عمله حتى الساعة الثانية صباحًا، ولم يصادف أن سمع أي صوت غريب عند جلوسه بجوار سور القصر، مشيرًا إلى أنه منذ 20 عامًا كان هذا القصر متحفًا تابعًا لوزارة الصحة، حيث كانت تعرض فيه بعض الرسومات لجسد الإنسان، وشكل الهيكل العظمي، والأعصاب.