الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طعنها بـ "رقبة زجاجة".. حكاية مقتل راقصة شهيرة رفضت دفع إتاوة لزعيم البلطجية| نوستالجيا

امتثال فوزي
امتثال فوزي

تحولت لواحدة من أشهر الراقصات وطلبها العديد من المنتجين في أفلامهم لتربعها على عرش الجمال والرقص، ومع زيادة شهرتها زاد طمع زعيم البلطجية لفرض إتاوة عليها تدفعها كمثيلاتها من الراقصات، لكن مع رفضها كشر البلطجي عن أنيابه وأرسل إليها أحد اتباعه والذي غرس "رقبة زجاجة" في رقبتها لتنتهي حياة أشهر راقصة في شارع عماد الدين. 

 

فقبل 86 عاما من الآن تحديد في مايو 1936 شهد محيط كازينو "البوسفور" الأشهر في شارع عماد الدين حينها، واحدة من أبشع جرائم القتل التي أثارت اهتمام مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء الحكومة المصرية حينها. 

تلك الفترة كان يطلق عليها عصر الفتوّات لانتشارهم في الشوارع والحارات الشعبية، وكانوا يباشرون عملهم في حماية الملاهي الأجنبية المنتشرة في أنحاء القاهرة، وكانت تحميهم الامتيازات الأجنبية من الوقوع تحت طائلة القانون، مما زاد من خطرهم.

امتثال فوزي

وفي شارع عماد الدين، كان هُناك مجموعة من الفتوات يحمون المسارح والملاهي الليلية المُنتشرة على جانبي الشارع، ولعلّ أبرزها كازينو «البسفور» المُجاور لمحطة مصر، حيثُ يقع في آخر شارع عماد الدين، وتمتلكُه الراقصة امتثال فوزي وصديقتها ماري منصور، وكان مسرح مقتل مالكته.

 

أسماء، هو الاسم الحقيقي لامتثال فوزي، وُلدت في قرية «مير» التابعة لمركز ديروط، جاءت امتثال إلى القاهرة رفقة عائلتها، ثم التحقت بمدرسة «افيروف» بالعطارين وتعلمت اللغة اليونانية، ولكن والدتها فضّلت إخراجها من المدرسة وإبقاءها بالمنزل، وبسبب ظروف مرّت بها احترفت الرقص، وكانت تعمل بمقهى «الغزاوي» بالإسكندرية، وبلغت شهرتها الآفاق، مما دفع بديعة مصابني للذهاب إلى الإسكندرية للتعاقد مع امتثال.

 

وبعد فترة قليلة، تركت امتثال فوزى العمل بصالة بديعة واشتركت مع صديقتها ماري منصور في إدارة صالة بجوار محطة مصر عُرفت بمسرح أو كازينو البسفور.

 

وفى ذلك الوقت، كان فؤاد الشامى فتوة عماد الدين والذى كان رجاله يسيطرون على الشارع ومنشغلين دائمًا بجني الإتاوات، وبعض العمليات التى تدر عليهم أرباحًا كبيرة، ولم يشغل بال فؤاد الشامى تحصيل إتاوة من امتثال، فى حين أنها تدفع لغيره من الفتوات، على الرغم من وقوعها فى منطقة نفوذه.

 

بلغ نفوذ امتثال مداه، مما دفع الشامى لفرض إتاوة عليها، والتي لم تتردد في إعطائه ما طلب تجنبًا لشره، فأخذ كل فترة يطلب منها المزيد حتى ضاقت به ذرعًا، ورفضت دفع أى إتاوة يطلبها الشامى أو غيره من الفتوات، ما أوقعها فى الكثير من المتاعب، وبالفعل أرسل فؤاد الشامى أحد رجاله إلى امتثال يطلب لقائها فرفضت، مما أذهل الشامى، ففى الوقت الذى تدفع له بديعة وتأمن شره ترفض امتثال.

 

فرض بعدها الفتوة إتاوة قدرها 50 جنيهًا شهريًّا وإلا قام بقتلها، أبلغت امتثال رجال الشرطة، وكان قسم الأزبكية يطل مباشرة على كازينو البسفور، فلما علم الشامى بذلك شعر بضياع هيبته بين رجاله، وما زاد الموقف امتناع بعض راقصات عماد الدين دفع الإتاوات، ارسل الشامى أحد رجاله ويدعى كامل الحريرى، مساء يوم الجمعة 22 مايو 1936م، وانتظرها خلف مسرح البسفور وقام بغرز رقبة زجاجة مكسورة فى عنقها لتلقى حتفها على الفور.

 

ألقت قوات الشرطة القبض بعدها على فؤاد الشامي ورجاله، واعترفت فنانات شارع عماد الدين أيضًا بالإتاوات التى كان يفرضها عليهنّ مقابل الحماية وعدم التعرض.

أحدثت هذه الجريمة هزة فى المجتمع المصرى، وزاد من الضغط على الحكومة للقضاء على الفتوات، وفى ذلك الوقت شنت مجلة روزاليوسف حملة على الفتوات ورجال البوليس بسبب تساهلهم مع الفتوات، مما أدى إلى استفحال أمرهم، وما زاد الأمر سوءًا مقتل الراقصة سكينة، الشهيرة بعيوشة، بعد مصرع امتثال بأربعة أيام فقط.

 

وحُكم على الشامي بالمؤبد، وظل بالسجن حتى عام 1957م، وعندما خرج، اعترف بندمه الشديد، قائلاً: «الله يخزي الشيطان، لقد كانت امتثال جميلة حقًّا، لا تستعمل مواد الزينة، وكانت أيضًا محبوبة من زميلاتها ومن العاملين معها، وكانت إذا ما طالبتها بفلوس تشتمني باليوناني، فأقول لها: إذا كنتِ شاطرة اشتميني بالعربي، فتنطلق فورًا في شتمي بالعربي دون أن تخشاني مع أني كنت (شيطان فظيع)، ولكنني كنت أحبها».

 

وفى عام 1972م، تم انتاج فيلم باسم «امتثال» من بطولة ماجدة الخطيب فى دور «امتثال» وعادل أدهم فى دور «فؤاد الشامى»، وتم فيه دمج قصة امتثال فوزى مع قصة الراقصة عيوشة.