الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

”أصحاب ولا أعزّ“

رشا شكر
رشا شكر

بدأ عرض فيلم أصحاب ولا أعزّ وهو النسخة العربية للفيلم الإيطالي Perfect Strangers والفيلم تم إنتاجه بنسخ عديدة إسبانية ومكسيية وجنوب كورية وفرنسية وروسية وبولندية حتى وصل عدد النسخ تقريباً إلى ١٦ نسخة.

وقبل الحديث عن النسخة العربية للفيلم والتي تميل أن تكون  بنكهة لبنانية أكثر منها نكهة عربية بشكل عام، يجب أن نعرف لماذا نجح واشتهر الفيلم في نسخته الإيطالية والذي ظهر في عام ٢٠١٦ وتخطت إيراداته ١٦ مليون يورو في إيطاليا.

الفيلم أوروبي إيطالي النكهة وبه كثير من هوية الحياة في إيطاليا وتلقائياً بحر متوسطي ولهذا جاءت النسخة اللبنانية قريبة من روح العمل الأصلي.

الفيلم عكس الأفلام الأمريكية التي تتحدث عن دمار الأرض وحمايتها من الشر الخارجي، الفيلم ببساطة يتحدث عن دمار العالم الشخصي لنا بأبسط الأدوات قرباً لنا وهي تليفوناتنا الشخصية. إذا كانت قوى الشر في الأفلام الأمريكية أحد أسباب دمار عالمنا، ففي فيلم أصحاب ولا أعز الحقيقة تتسبب في دمار عوالمنا الصغيرة بالكشف عن التوائتنا وعيوبنا الشخصية ومعالم ضعف حياتنا التي تؤدي إلى خرابها.

الفيلم الإيطالي من أوائل الأفلام التي تكشف عن الكوارث التي يمكن أن تسببها هواتفنا من رسائل وايميلات وصور في تدمير الحياة الخاصة، فلم تعد صورة وسائل الاتصال حالمة ورومانسية كما كان في أفلام كثيرة في السابق. الفيلم حطم فكرة استسهالنا لاستخدام وسائل الاتصال والتواصل وفكرة الاستسهال والراحة والتراخي انعكست في فكرة الاجتماع على مائدة العشاء في أحد بيوت مجموعة الأصدقاء والطعام والطبخ وتفاصيله القريبة من القلب والتي ما هي إلا غطاء كبير لشقوق كثيرة في عوالم شخصيات الفيلم وحياتهم التي انهارت مع الحقيقة. 

الفيلم في نسخته الإيطالية والعربية يستخدم فكرة خسوف القمر وارتباط أمزجتنا وحياتنا بمراحل القمر والقمر في خسوفه يُعتم فيكشف لنا عن عالم معتم داخلنا أول مرة نراه بعيداً عن ما نريد تسليط الضوء عليه في الأيام العادية وخسوف القمر طاقة استثنائية تظهر مرتين في العام وهي نفس مذاق الحقيقة التي لا تكشف عن نفسها إلا في توقيتات استثنائية. وما إن مر خسوف القمر في الفيلم عادت الحياة إلى طبيعتها وعادوا البشر إلى حياتهم العادية كما كانوا.الفيلم درامي كوميدي وبه بعض الملامح المسرحية الواضحة.

سعدت بمشاهدة النسخة العربية من الفيلم الإيطالي أولاً لأنها تجربة جديدة على الإنتاج السينمائي العربي الذي يبدأ مرحلة دمج مع منصات العرض الرقمية وبالرغم من معرفتي بالأحداث والحوار والذي بالمناسبة كان أحد أسباب نجاح الفيلم الإيطالي الرئيسية فإنني كنت متشوقة كيف سيتم دمج اللهجة المصرية والتي مثلتها النجمة مني زكي والنجم إياد نصار في الفيلم واللهجة اللبنانية والتي مثلها عدد من النجوم اللبنانيين الكبار. هذه أيضاً تجربة جديدة تستحق تقييم الجمهور. على المستوى الشخصي لأن لي أصدقاء من لبنان أعجبني المزج ولكن الجمهور العربي بشكل عام قد يكون له رأى مختلف في دمج اللهجات العربية وتذوقها فنياً.

ولا يجب أن ننسى أنه بالرغم من نجاح الفيلم في نسخته الإيطالية إلا أن الفيلم في النهاية سيواجه تقييم الجمهور العربي فكان وجود النجمة منى زكي باللهجة المصرية وأدائها الرائع أحد الأسباب القوية في تعريب الفيلم وفرض نكهته العربية.

من ضمن الأمور التي لا يستهان بها أداء التمثيل العالي والقريب للقلب للنجوم اللبنانيين نادين لبكي وجورج خباز وعادل كرم وديامونه بو عبود. تصوير الفيلم يتجول كثيراً في تعبيرات الوجوه لأنه في الأصل يعتمد على الحوار وليس على مواقع التصوير أو القصص المتشابكة. الفيلم يعتمد كثيراً على ردود الأفعال عند كشف حقيقة ما ضمن مناسبة اجتماعية في نفس المكان.

دمج الإنتاج السينمائي العربي مع أحد أكبر المنصات الرقمية لانتاج المحتوى الدرامي تجربة إنتاج سينمائي جديدة على العالم العربي وجماهيرية وتستحق المشاهدة والتقييم خصوصاً مع وجود منتجين على درجة كبيرة من الوعي والحس الفني والذوق الرفيع وربما تأخرت الأسواق العربية على هذا الدمج ولكنه أصبح قريباً وسيزداد.