الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فرنسا: مخاوف من حرب أهلية بين المسلمين والفرنسيين المتشددين

صدى البلد

هل يمكن أن تسقط فرنسا  في براثن حرب أهلية، بين الفرنسيين المتطرفين،  والمسلمين الفرنسيين،  في حال نجح اريك زيمور،  اليميني شديد التطرف، اليهودي الديانة ، بالفوز  بالإنتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في أبريل 2022 ؟ .  
 تساؤل أصبح أكثر إلحاحًا على الساحة الفرنسية ، بعد أن ظهر مدى التباين في المواقف بين أريك زيمور،  اليميني اليميني شديد التطرف ،  و النائب الفرنسي المسلم ، كريم زريبي ، الجزائري الأصل ، و ذلك خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت بينهما في إطار الحملات الإنتخابية،  للرئاسة الفرنسية،  التي تسيطر عليها قضايا الأمن الداخلي ،  و مكافحة الإرهاب و التطرف ، مثلما تسيطر عليها القضايا الإقتصادية.. فمن تابع هذه المناظرة سيرى أن مكمن الخطورة،  يتجسد  في قناعة  أريك زيمور التامة،  بأن المشكلة في فرنسا ،  ليست  في القلة القليلة من المسلمين  المتطرفين،  والخارجين عن القانون ، و  لكنه يرى أن المشكلة تكمن  في جوهر الإسلام نفسه،  حيث وصف اريك زيمور الإسلام ،  بأنه دين شمولي،  لا يقبل الآخر . 
 يذكر أن أريك زيمور جزائري الأصل هاجر والده من الجزائر الى فرنسا سنة 1952 ، و هو يرفض أن يوصف بالعربي،  مؤكدا أنه ينتمي للقبائل ، و هو عرق أمازيغي يتحدث اللغة الأمازيغية  . و رغم أن القبائل مسلمو  الديانة إلا أن بعضهم يطالب بالأنفصال عن الجزائر . و يتجمع أبناء القبائل في  منطقة جبلية تطل على البحر المتوسط و عاصمتها تيزي أوزي ، و يعرفها المصريون من خلال فريق كرة القدم الجزائري  الشهير،  جيت تيزي أوزو. 
 
 وكانت  قمة الخلاف بين أريك زيمور،  والنائب  زيريبي،  قد وصلت لآوجها  خلال المناظرة ،  إثر    إتهام  أريك زيمور  لكل سكان  الضواحي الفرنسية ، التي تسكنها أغلبية مسلمة ، من الدول العربية و الإفريقية ،  بأنهم متطرفون ، وإرهابييون ، و يعيشون من تجارة المخدرات ، مشددا على أن كل "القائد"  ينتمون للمسلمين،  و القائد ، هي كلمة عربية تستخدم في فرنسا لوصف تجار و مروجي المخدرات  . في حين رد عليه كريم زريبي قائلًا "بأن المتطرفين والخارجين عن القانون، لا يمثلون سوى نسبة خمسة في المائة فقط من سكان الضواحي ،  مستشهدا في ذلك  بأن المسلمين الفرنسيين  يقدمون خدمات جليلة  لفرنسا سواء في صفوف  قواتها المسلحة ، او في شرطتها،  أو في  مدارسها كمعلمين،  او اطباء في مستشفياتها ،  أو كرؤساء شركات  ناجحة تساهم في تطور الاقتصاد الفرنسي.. كما أكد كريم زريبي أن المسلمين الفرنسيين   يحترمون قيم الجمهورية الفرنسية، وعلى رأسها  علمانية الدولة التي اقرها الدستور الفرنسي سنة ١٩٠٥ و التي تم بمقتضاها  فصل الكنيسة  عن الدولة ، أي فصل الدين عن الدولة ، بعد أن كانت فرنسا تخضع لسلطة الكنيسة .لكن اريك زيمور،  و هو صحفي في صحيفة " لوفيحارو" ، لم يقتنع بوجهة نظر زريبي ، مؤكدا  انه في حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية ، فانه سيمنع الحجاب في الشوارع الفرنسية ،  بزعم  أن الحجاب يستخدم  لاغراض سياسية . كما كشف عن أنه   سيمنع أيضا الأسماء  غير الفرنسية مثل ، محمد ، و إيناس،  بزعم أن من يعيش في فرنسا ، ينبغي أن يحمل إسما فرنسيا  ....و اتهم اريك زيمور ، سكان الضواحي الفرنسية ،  بأنهم يعيشون في فرنسا بعادات  و تقاليد الدول الاسلامية التي أتوا  منها ،و ليس بعادات و تقاليد الدولة الفرنسية ، مشيرا إلى  انه مثل كثير من الفرنسيين،  يخشى دخول هذه الضواحي ،  التي تعيش بثقافة الدول الإسلامية و ليس بثقافة الدولة الفرنسية  . كما إتهم سكان الضواحي الفرنسية بأنهم إما متطرفون،  إما خارجون  عن القانون ،  إما تجار مخدرات،  مشيرا إلى  أن هذه الأحياء أصبحت بمثابة دويلات منفصلة داخل الدولة الفرنسية .و رد عليه زريبي  قائلا"  كيف لك أن تحكم على سكان الضواحي ، و تعتبر أولادها  خارجين   عن القانون،  أو   تجار  مخدرات،  و أنت لم تدخل هذه الضواحي . و أعترف زريبي مع ذلك من منطلق إيمانه بتقاليد الجمهورية الفرنسية ،  بأن هناك تجاوزات تحدث في  هذه الضواحي ، و أن الجميع متفق على معالجة هذه التجاوزات  . 
 يذكر ان فرنسا بها ٦ ملايين مسلم،  من اجمالي  ٦٥ مليون نسمة ،  في حين ترى مصادر اسلامية ، ان المسلمين في فرنسا يقتربون  من ١٠ ملايين مسلم  .و كان المسلمون من شمال إفريقيا،  و أفريقيا السمراء،  قد هاجروا لفرنسا خلال الحربين العالميتين الأولى ، و الثانية ، حيث قام معظمهم  بإدارة عجلة الإنتاج كعمال في المصانع الفرنسية ، عندما كان الفرنسيون مشغولون بالقتال على جبهات القتال . كما أن كثير من المسلمين شاركوا في صفوف القوات المسلحة الفرنسية ، خلال الحربين العالميتين الأولى و الثانية . و كانت الهجرة الثالثة قد جرت في  سبعينات القرن الماضي من بينهم كثير من المصريين،  تزامنا  مع الطفرة الإقتصادية و الصناعية التي شهدتها فرنسا  ،  حيث ساهم هؤلاء المسلمون  في النهضة الصناعية التي شهدتها فرنسا في هذا التوقيت  .

 يذكر أن المسلمين  اضطروا للعيش في أحياء منفصلة  في ضواحي المدن  الفرنسية الكبرى مثل، باريس ،و مارسيليا،  و ليون،  و غيرها ،  لرخص إيجارات الشقق بهذه   الضواحي،  بالقياس بأسعار الإيجارات داخل المدن الكبرى . 
 و أخيرا و ليس آخرا ،  فانه  لحسن الحظ أن أريك زيمور،  الذي يمثل اليمين المغالي في التطرف في فرنسا،  و الذي يعتبر أن كل مشاكل فرنسا سببها المسلمون ،  لم يحصل في إستطلاعات الرأي الأخيرة إلا على نسبة 5ر12 في المائة فقط ،  في حين حصل الرئيس الفرنسي ، إمانويل ماكرون،  على النسبة الأعلى،  5ر22 في المائة ، رغم أنه لم يعلن ترشحه رسميا حتى الآن ،  ثم تلاه كلا من ، مارين لوبن،  زعيمة اليمين المتشدد،  بنسبة 5ر16 في المائة،  يليها فاليري بريكريس مرشحة حزب  الجمهوريين،  الذي يمثل اليمين المعتدل بنسبة 16  في المائة .  
 و نهاية،  لابد أن نعترف ، بـأن صعود اليمين في فرنسا ، التي أشتهرت دائما بقوة أحزابها اليسارية،  خاصة الحزبين،  الإشتراكي ، و الشيوعي ، هو نتاج التطرف الديني لقلة من المسلمين لكن للأسف   " القلة هي التي  تكتب دائما التاريخ و ليس الأغلبية " كما رد المتطرف أريك زيمور على النائب كريم زريبي.