EN 
الناصر صلاح الدين.. لم يكن الكثيرون يعلمون عنه سوى أنه قائد عربي، حتى قدمه فارس السينما المصرية أحمد مظهر، الذي برع في تقديم الشخصية ببراعة دفعت المشاهدين خاصة الأطفال والشباب الى التعلق بهذا البطل، ولم تكن شخصية صلاح الدين الوحيدة التي برع فيها مظهر، بل ترك علامة مميزة في كل شخصية قدمها ليترك تراثاً كبيراً من فن الزمن الجميل.
تحل اليوم ذكرى رحيل الفارس أحمد مظهر الذي غادر دنيانا في 8 مايو عام 2020 حزينا منكسرا بعد أن عانى في حياته، خاصة سنواته الأخيرة.
مولد الفارس
ولد أحمد مظهر بحى العباسية بالقاهرة، فى 8 أكتوبر عام 1917، وكان يقطن بجوار عدد من المشاهير، منهم الأديب العالمى نجيب محفوظ، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، والتحق بالكلية الحربية عام 1938، وتزامل في دفعة جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وثروت عكاشة، وكمال الدين حسين، وعبد الحكيم عامر.
شارك فى الحرب العالمية الثانية، كما شارك فى حرب فلسطين عام 1948، وانتقل إلى سلاح الفرسان، وكان ضمن الفريق المصرى للفروسية، وتم تعيينه قائدا بمدرسة الفروسية بعد الثورة، وكان أحمد مظهر فى فنلندا للمشاركة فى مسابقة دولية للألعاب الأوليمبية حين تم استدعاؤه بشكل عاجل وسريع للمشاركة في ثورة 1952.
رد قلبي علامة فارقة
ذات يوم، جمعت الصدفة أحمد مظهر مع أحد رواد الفن زكي طليمات، الذي أقنعه بخوض تجربة التمثيل، ليقدم معه مسرحية "الوطن" عام 1948، ثم دخل عالم الفن السينمائى من بوابة الفروسية حينما اختاره المخرج إبراهيم عز الدين ليقوم بدور في فيلم ظهور الإسلام عام 1951.
وبعدها رشحه يوسف السباعى لبطولة فيلم "رد قلبى" عام 1952، وحقق هذا الفيلم نجاحا كبيرا، وبعدها بدأت شهرة أحمد مظهر ونجوميته.
استقال من الجيش للترشيح للأوسكار
عقب مشاركته في ثورة 1952، وتحديدا عام 1956، استقال أحمد مظهر من الجيش، برتبة عقيد، وعمل سكرتيراً عاماً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وتفرغ عام 1958 للعمل في السينما، وبرع فى تجسيد الأدوار التراجيدية، فجسد شخصية صلاح الدين الأيوبى، وحقق نجاحا كبيرا فى فيلم دعاء الكروان، الذى رشح لتمثيل مصرفى الأوسكار.
ورغم شخصيته الجادة برع أيضا فى تجسيد الأدوار الكوميدية، ومنها أدواره فى أفلام، الجريمة الضاحكة، ولصوص لكن ظرفاء، والأيدى الناعمة، كما شارك فى العديد من المسلسلات التليفزيونية التاريخية والدينية والاجتماعية وله 10 مسرحيات.
شلة الحرافيش
ارتبط الفنان أحمد مظهر بعلاقة صداقة قوية مع أديب نوبل العالمى نجيب محفوظ، وكوّنا مع عدد من عمالقة الأدب والفن مجموعة أصدقاء أطلقوا على أنفسهم شلة "الحرافيش"، منهم مصطفى محمود، صلاح جاهين، توفيق صالح، وغيرهم، وصاحب إطلاق هذا اللقب هو "مظهر" نفسه.
واعتادوا أن يجتمعوا دائما على مقهى الفيشاوى بالحسين، ومقهى على بابا، وبدأت العلاقة بين نجيب محفوظ وأحمد مظهر منذ عام 1943، قبل أن يخوض مظهر المجال الفنى، واستمرت حتى وفاة الفنان أحمد مظهر.
أزمات في حياة الفارس
واجه الفنان الراحل أحمد مظهر، عددا من المواقف الصعبة خلال حياته، أكثرها إيلاما حين نسى مسدسه الميري وبه طلقات رصاص حية، وجاء صديقه ليلعب مع ابنه، فأخذ ابنه السلاح وأطلق عدة طلقات علي صديق الفنان أحمد مظهر، ما أدى لوفاته في الحال.
كما تعرض الفنان الكبير لأزمة نفسية كبيرة فى نهاية حياته، عندما تم اقتصاص نصف الفيلا الخاصة به التي يعيش فيها، لتدخل ضمن الطريق الدائرى، فظهر الفنان الكبير فى أحد البرامج التلفزيونية باكيا، مشيرا إلى أنه يزرع فى حديقة الفيلا مجموعة من النباتات النادرة.
ورغم تعاطف الناس معه ومحاولات التدخل لحل هذه المشكلة، إلا أنها لم تحل، ورفض مظهر الحصول على أى تعويض، ورحل فارس السينما عن عالمنا فى 8 مايو من عام 2002، متأثرا بشعوره بالقهر.
