تشهد إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة بكاملها مزيجا من القلق والتوتر نتيجة العنف وتغييب السياسة، ففي الشهور والأسابيع الماضية حدثت عدة عمليات قام بها أفراد فلسطينيون في داخل العمق الإسرائيلي، ففي بنى براك والخضيرة وتل أبيب، قتل فيها أحد عشر إسرائيليا، وفى رد الفعل الإسرائيلي الانتقامي استشهد 20 فلسطينيا، واعتقل العشرات وأصيب كثيرون.

وتتعمق أزمة إسرائيل وفلسطين من زوايا متعددة، تتكاتف جميعها في لحظة مهمة يعيشها العالم والشرق الأوسط على وقع الحرب في أوكرانيا، فيما تتسارع الجهود الدولية لنزع فتيل التوتر في القدس وسط مخاوف من تطور الأمر إلى تصعيد.
جهود دولية لاحتواء التوتر في فلسطين
وتسارعت الجهود الدولية، لا سيما من قبل الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط، خلال الأسابيع الماضية لنزع فتيل توتر يتكرر في هذا التوقيت من كل عام خلال السنوات القليلة الماضية مع إصرار متطرفين يهود على اقتحام باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، ونشوب مواجهات شبه يومية بينهم والشرطة الإسرائيلية من جهة وبين الفلسطينيين من جهة أخرى.
وأجرت الإدارة الأمريكية سلسلة اتصالات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وأطراف أخرى دعت خلالها إلى المحافظة على "الوضع التاريخي" في حرم المسجد الأقصى، ووقف "الاستفزازات" الإسرائيلية في الأماكن المقدسة.
هذا وبجانب التحركات المكثفة لمصر والأمم المتحدة للتوسط بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية في غزة، بعد تهديد الأخيرة بالرد على "الاعتداءات" في المسجد الأقصى.
كما أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اتصالين هاتفيين بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، بهدف دفع جهود التهدئة، وشدد غوتيريش على ضرورة "تجنب أي استفزاز بأي ثمن".

في السياق ذاته، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مغلقة بناءً على طلب من الإمارات وفرنسا والصين والنرويج وأيرلندا بشأن التوترات والمواجهات في القدس، إلا أن الانقسام كان سيد الموقف، فدعت خمس دول أوروبية، لم تنضم إليها الإمارات ولا الصين، إلى إنهاء المواجهات والتوتر وإدانة "جميع أعمال الإرهاب وإطلاق الصواريخ من غزة على جنوب إسرائيل".
وقالت أيرلندا وفرنسا وإستونيا والنرويج وألمانيا في بيان مشترك: "يجب أن يتوقف العنف فورا، يجب تجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين يجب أن يتم احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة بالكامل".
ثم جددت مصر والمغرب، تأكيدهم على الثوابت العربية والدولية ذات الصلة بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة.
ووفقا لبيان مصري مغربي مشترك عقب مباحثات لوزيري الخارجية في الرباط، أمس الاثنين، فقد أشاد وزير الخارجية المصري بدور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس، في دعم صمود المقدسيين والحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للقدس، وعلى وضعها القانوني ومكانتها الحضارية ورمزيتها كأرض للتعايش بين الديانات الثلاث.
بايدن يستعد لزيارة فلسطين
ومن جانب هذا، أفاد مصدر إسرائيلي، أمس الاثنين، بأن الرئيس الامريكي جو بايدن يفكر في زيارة مستشفى “المقاصد” أكبر مركز طبي فلسطيني في القدس الشرقية.
وحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”، فإن الزيارة ستأتي خلال زيارة بايدن إلى اسرائيل المخطط لها الشهر المقبل، ستكون في إطار مبادرة أمريكية بخصوص المستشفى.
وسيزور بايدن المستشفى بدون مرافقين من المسئولين الإسرائيليين، والذي سينظر إليه على أنه لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على ذلك الجزء من العاصمة.

ولم يقم أي رؤساء أمريكيين سابقين بزيارات مماثلة، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن سعت إلى تعزيز الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الحالية، إلا أن الزيارة التي تشير إلى تقسيم القدس من المرجح أن تثير خلافات داخل الائتلاف.
وتأتي الزيارة في إطار مبادرة أمريكية بخصوص المستشفى، ما قد يعني تجديد التمويل بعد أن قطعت إدارة ترامب 25 مليون دولار لـ شبكة مستشفيات القدس الشرقية.
مستشفى المقاصد تستقبل المرضى من أرجاء فلسطين
وجدير بالذكر، أن مستشفى المقاصد هو مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية مستشفى أهلي خيري تعليمي في مدينة القدس، يتبع جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية.
وتأسس في عام 1968، ويعتبر المستشفى تحويليا رئيسيا يستقبل المرضى من أرجاء فلسطين كافة، وفي نفس الوقت يعتبر أيضاً مستشفى تعليمياً يدرب طلبة التمريض والطب والأطباء المقيمين من الجامعات الفلسطينية على اختلافها.
ويوفر المستشفى السكن للمرضى ومرافقيهم من سكان قطاع غزة، حيث يصعب عليهم الوصول إليه.
ويعد المستشفى جزءا من شبكة مستشفيات القدس، التي تضم مستشفى المطلع، ومستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني، ومستشفى سانت جون للعيون، ومركز الأميرة بسمة للتأهيل، ومستشفى مار يوسف تلعب الشبكة دورا هاما في نظام الرعاية الصحية الفلسطيني.

يوجد في المستشفى مختلف التخصصات، هذا وبجانب أنه حصل عام 2017، على شهادة اعتماد اللجنة الدولية المشتركة لجودة الخدمات الصحية (JCI).
القضية الفلسطينية في عهد بايدن
تعد القضية الفلسطينية إحدى أهم القضايا التي تشغل حيزا كبيرا على أجندة السياسة الخارجية لجو بايدن الذي وصل إلى السلطة عقب دونالد ترامب الذي شهد عهده بعض التغييرات الهيكلية والظرفية في السياسة الخارجية الأمريكية.
فالخطوات التي خطتها إدارة بايدن تجاه القضية الفلسطينية أكثر إيجابية، فيبذل جهودا في قضية حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل.
وإعلان إدارة بايدن مد الفلسطينيين ب 15 مليون دولار مساعدات إنسانية لمكافحة السلالة الجديدة من فيروس كورونا، وقرارها بإرسال مساعدات تقدر ب 75 مليون دولار من أجل تنمية قطاع غزة والضفة الغربية و150 ملايين دولار أخرى من أجل برامج الأونروا، كل ذلك يمكن اعتباره خطوات على طريق تطبيع العلاقات الثنائية.
هذا بجانب موقف من مبدأ حل الدولتين: فقد أعلنت واشنطن تمسكها بهذا المبدأ، سواء عبر بايدن شخصيا أو وزير خارجيته.
وكانت جهود بايدن تعمل على الحفاظ على التهدئة بعد حرب غزة، التي انخرطت فيها بالتنسيق الكبير مع القاهرة لوقف العدوان.

إعادة الدعم لمستشفى المقاصد
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح الفلسطينية، إن وكالات أنباء مختلفة طالعتنا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ينوي زيارة الأراضي المحتلة الفلسطينية وسيلتقي بقيادة حكومة الاحتلال والحكومة الفلسطينية.
وأوضح الرقب، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه الأخبار ركزت حول نية الرئيس الأمريكي زيارة مستشفى في القدس الشرقية وهو مستشفى أقامه الأمريكيون وكانوا يقدمون له مساعدات سنوية أوقفها الرئيس الأمريكي السابق ترامب، وتوجد رغبة لدى الإدارة الأمريكية الحالية إعادة الدعم لهذا المستشفى.
وتابع: “من المتوقع أن تشهد زيارة الرئيس الأمريكي للأراضي الفلسطينية فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية والتي كانت تقدم خدمات للفلسطينيين قبل أن يقفلها ترامب وينقل نشاطها للسفارة الأمريكية في القدس الغربية، وقد وعد البيت الأبيض بفتح القنصلية منذ عدة شهور ولكنه اصطدم بمعارضة حكومة الاحتلال”.
وأكد أن الزيارة تتناول الحديث عن العملية السلمية ولكن إعادتها للحياة وعقد لقاءات سياسية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي شبه مستحيل لعدم وجود شريك إسرائيلي، والحكومة الحالية الإسرائيلية على شفى الانهيار وتشكيل حكومة جديدة يحتاج شهورا عديدة.
إعادة الدعم من جديد للفلسطينيين
واختتم: “الزيارة زيارة علاقات عامة دون نتائج كبيرة على الصعيد السياسي، ونتمنى أن يفتتح الرئيس الأمريكي بايدن القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية بنفسه، مع العلم أن هذه القنصلية عمرها أكبر من عمر الكيان، وأن يعيد الدعم للفلسطينيين في جميع القطاعات الإنسانية قبل أن يوقفها ترامب”.
