الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر تستطيع

الإنسان.. تلك الخلطة العبقرية، أبدع ما خلقت الذات الإلهية، بوتقة الممكن والمستحيل، وعاء المشاعر والمجون، خلطة التعقل والجنون.. إنه الإنسان.

وما هذا الكائن الحَمول إلا جسد وروح تجذبه من غياهب الخمول، عقل ذو قلب ليحننه، أو قلب ذو عقل يهذبه، هذا هو الإنسان.

يستطيع أو لا يستطيع محض قرار وإرادة وضمير، فكلنا نقدر لكن هل كثيرنا يصبِر! وفي قول آخر هل يصدِق! فالحلم ابن صدق والعِلم وِلْد صَبر، فأيهما نفعله حق!

وإذا كانت الدنيا رهن الرغبات ومفاتيح الغايات في جيب الأمنيات، فهل نحقق المستحيلات ببعض توسلات، قطعاً هذا طريق الضبابيات.

فالحلم مشروع والتمني مطلوب ولكن هناك دائماً سؤال ما هي الإمكانيات إذا توفرت الإرادة والإدارة والعزيمة والقرار، هل ما تطلب يتماشى مع ما تستطيع؟

تفكر قليلاً وتمهل كثيراً، فالإجابة عن هذا السؤال لكَ أو عليك، فإذا كنت تقدر ولا تملك فالزم طريق الحلم ولا تحيد، أما إذا كنت تملِك ولا تَقدِر فأسلك مسلك الراشدين وابحث عن ما يتوافق مع أملك وعملك وقدراتك وذلك هو عين الحق اليقين.

وذلك على مستوى الأفراد، فهل تصلح لأن تكون سياسة دولة يعتمد عليها مصير أُمة!

وليكون الجواب عادلاً فلنعود لقانون الكون كمرجِع، ألم يُقسم الله الأرض لبيئات وجعل منها غابات وصحراء وسهولا ووديانا، ومنح كل بيئة طبيعة جوية وبشرية وحيوانية قدر استطاعتها، فلن نجد الجمل في القطب الجنوبي ولا الدب في الصحراء الكُبرى، إذاً هو الكون صانع الدستور فإذا سألت عن الدول أصبح السؤال مشروعا.

لذا عندما نعقُب بعد بسم الله بجملة “مصر تستطيع”، نفتح أبواب التساؤلات والأمنيات، التحديات والغايات، فهل مصر تستطيع؟

وبينما نشهد انعقاد مؤتمر “مصر تستطيع” في نسخته السادسة، وعلى مدار دوراته السابقة أثبتت مصر أنها تستطيع...

توسع زراعي، اتجاه صناعي، ميزان تجاري، بناء، علاقات خارجية استقرار الجوانب الأمنية، شبكة طرق إقليمية، تطوير السكك الحديدية، بنية تحتية، مدن جديدة، القضاء على الإرهاب، توازن السياسات الداخلية، الشمول المالي، مبادرات صحية، تنمية مجتمعية، مجالات أسرية، مؤتمرات شبابية، فعاليات دولية، اهتمامات ثقافية، حفلات فنية.

لفتات إنسانية، تصدر الجيش مراتب عالمية، العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، رقمنة الحكومة، محطات تنقية المياه، عاصمة إدارية، تنمية ريفية، حياة كريمة، مشروعات صغيرة، ترسيم الحدود المصرية، اكتشافات تعدينية، تعمير سيناء، مواجهة وباء، السيطرة على الغلاء، قضاء على العشوائيات.

ولنتذكر نجاح مصر في التعامل مع تداعيات الحرب، تمكين الشباب، دعم المرأة، صناعات كيماوية، محطة طاقة نووية، مدراس تعليم فني تخصصية، الاهتمام بالجوانب البيئية، والحنكة في إدارة الأزمات الخارجية، استعادة مكانة مصر الخارجية، الحفاظ على الهوية المصرية، إعادة الحياة للكنوز الفرعونية، المدن الذكية، إقامة جامعات عالمية.

وغيرها من المشروعات التنموية، لذا فمصر تستطيع بإمكانياتها القوية وسواعد أبنائها العفية، وفهم الظروف الخفية، وتقديرها لدقة الظروف الدولية أن تعبر للجمهورية الجديدة التي طالما حلمنا بها جميعاً.

وفي كل نسخة من المؤتمر نجد أن مصر تستطيع بإحدى أدواتها، ولعل أولى نسخ المؤتمر كانت “مصر تستطيع بعلمائها”، ثم أعقبتها دورة “مصر تستطيع بالتاء المربوطة”، ثم بأبناء النيل، ثم بالتعليم، تلاها الاستثمار، وصولاً لتلك النسخة التي تستطيع مصر فيها بالصناعة بمشاركة أبناء مصر من العلماء وأصحاب التجارب الناجحة من أبناء مصر في الخارج.

والجدير بالذكر أن الدورات الأربعة الأولى خرجت بـ ٤٥ توصية، منها ٢٨ قيد التنفيذ، منها إطلاق أول أطلس شمسي لمصر، وتصنيع أول لوحة إلكترونية للحاسب الآلي في مصر، فضلاً عن تبادل الخبرات بين العلماء وهيئات الدولة المختلفة في العديد من المشروعات القومية.

وعن أمنياتي الشخصية أن تكون الدورة القادمة باسم "مصر تستطيع بقوتها الناعمة"، تلك القوة المتمثلة في الأدب والثقافة والفنون، وذلك تأكيداً على دورها وتأثيرها في حياة الشعوب، فالكلمة كالطلقة إذا خرجت لا تعود تصيب دون أن تخيب.

وربما أبالغ في أمنياتي إذا ذهبت لنسخة خاصة بالإعلام وحده، فهو سلاح ذو حدين، وأخطر ما فيه أنه داخل كل بيت لإجبارياً، فلديك القدرة على اختيار كتاب تشتريه أو فيلم تذهب إليه، لكن البرنامج التلفزيوني داخل البيت والمواقع الإخبارية نذهب طواعية إليها لحاجتنا الملحة للمعرفة، بالإضافة إلى أن الإعلام هو أحد أسرع أدوات صناعة الوعي تليه القوى الناعمة وكم نحن بحاجة لصناعة وعي حقيقي واستعادة الوعى الفطري، فالكثير من المشاكل التي نحن بصددها بسبب الوعى، ومثال على ذلك الزيادة السكانية المطردة والمرعبة.

كل الشواهد والحقائق تجزم بأن مصر استطاعت فعل الكثير، ولا يزال أمامها الكثير والكثير، فمصر ستستطيع لكن هل أنت تستطيع!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط