الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إثيوبيا تنتهك الاتفاقيات للمرة الرابعة ومصر تلجأ لمجلس الأمن.. هل يوقف سد النهضة؟

سد النهضة
سد النهضة

يمثل ملف سد النهضة أهمية كبرى للدولة المصرية، التي أكدت مرارا وتكرار وفي كل مناسبة ولقاء مع جميع الشركاء الإقليميين والدوليين، ضرورة التوصل إلى اتفاق مرضٍ للأطراف الثلاثة وملزم، يحفظ حقوق شعوبهم في الحياة والتنمية.

وفي آخر تحديث لملف سد النهضة، أكدت مصر في رسالتها لمجلس الأمن عدة نقاط أبرزها الرفض القاطع لأي قرارات أحادية.

سد النهضة

مصر تشكو إثيوبيا دوليا

وأكدت مصر رفضها القاطع لأي قرارات أحادية من جانب إثيوبيا، التي تصر على عدم التعاون مع دولتي المصب، فيما يتعلق بعملية ملء وتشغيل سد النهضة، وتواصل استفزازاتها، ضاربة بجميع الاتفاقيات ونصوص القانون الدولي عرض الحائط، فيما تتمسك القاهرة بالحل السلمي لأزمة سد النهضة، حيث إن القاهرة لن تفرط في أمنها المائي، وكل الخيارات متاحة لحفظ حق مصر التاريخي في المياه.

ووجه سامح شكري، وزير الخارجية، أمس، الجمعة، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد،  وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015 وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب.

سد النهضة

وأشار وزير الخارجية إلى أن مصر سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية للتوصل لاتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا أفشلت جميع الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة.

مصر لن تتهاون مع المساس بحقوقها

وأكد وزير الخارجية في خطابه إلى مجلس الأمن، أنه مع تمسك مصر بضرورة التوصل لاتفاق حول سد النهضة يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، إلا أن الدولة المصرية لن تتهاون مع أي مساس بحقوقها أو أمنها المائي أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له.

ودعا شكري، مجلس الأمن لتحمل مسئولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس والذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن مصر تلقت رسالة من الجانب الإثيوبي يوم 26 يوليو الجاري تفيد باستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه مصر وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا.

سد النهضة

التحلي بالمسئولية والقانون

وتُشدِّد مصر على مطالبتها لإثيوبيا بالتحلي بالمسؤولية والامتثال لقواعد القانون الدولي والمبادئ الحاكمة للمجاري المائية عابرة الدول، وفي مقدمتها تجنب الضرر ذي الشأن، وتُحملها كامل المسئولية عن أي ضرر ذي شأن على المصالح المصرية قد ينجم عن انتهاك إثيوبيا لالتزاماتها المُشار إليها.

لا يمكن التعويل على مجلس الأمن

وفى هذا الصدد، قال الدكتور نور ندى، أستاذ الإدارة  بأكاديمية السادات ومتخصص فى الشأن الأفريقي، إن الوضع الأن أكثر توترا، خاصة بعد إعلان الجانب الإثيوبى بدء الملء الثالث وذلك قد يضع القيادة السياسية فى مأزق، على الرغم من القيام بجميع الإجراءات واتباع الخط القانونى والتمسك بالحل السلمى، موضحاً أن الملء الثالث مع فترة الجفاف سوف يؤدى  إلى نقص فى حصة مصر فى المياه.

وأضاف ندى، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن مصر الآن أمام مفترق طرق ولا يمكن التعويل على مجلس الأمن فى ظل صراع الدول العظمى روسيا وأمريكا على الأراضى الروسية  ومحاولة استقطاب كل طرف الدول الأفريقية، وبالتالي سوف تدخل أزمة سد النهضة ضمن عمليات الاستقطاب.

أهمية رسالة مصر لمجلس الأمن

من جانبه، أكد الدكتور عباس شراقي أن ما يحدث من الجانب الإثيوبى تعنت واضح ويعد انتهاكا للاتفاقيات للمرة الرابعة، فالتخزين الثالث الذى أوشك على الانتهاء ويتبقى له أقل من عشرة أيام يعد الانتهاك الرابع، مشيرا إلى أن تقدم مصر بشكوى رسمية لمجلس الأمن يعد تأكيداً من القيادة السياسية المصرية على أن القضية تؤثر فى الأمن والسلم بالمنطقة، وبالتالي نطلب من مجلس الأمن أن يباشر سلطاته وأعماله فى حماية الأمن والسلم بما يتعلق بقضية سد النهضة.

وأوضح شراقي، في تصريحات خاصة، أن الجانب المصرى يظهر لمجلس الأمن عدم التزام إثيوبيا بما جاء فى الإعلان الرئاسى لمجلس الأمن فى سبتمبر الماضى، والذى دعا إلى استئناف المفاوضات فى أسرع وقت وخلال جدول زمنى فى وجود أطراف دوليين، وعدم اتخاذ قرارات أحادية تؤثر فى سير المفاوضات، ولَم تلتزم إثيوبيا بأى من هذه التوصيات، مشيرا إلى أن لجوء مصر لمجلس الأمن يؤكد أن القاهرة ملتزمة بالشرعية الدولية والوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بالطرق الدبلوماسية.

مجلس الأمن يحتاج إرادة سياسية

فيما قالت الدكتورة أمانى الطويل إن المرتين السابقتين اللتين حضرا بها فى مجلس الأمن لم يجدوا إرادة سياسية حقيقية من الدول الأعضاء بمجلس الأمن وكان لا يوجد اهتمام، متمنية أن يكون هناك إرادة سياسية حقيقية من الدول الأعضاء بمجلس الأمن لحسم قضية سد النهضة نظرا لما تشهده الساحة السياسية الدولية اليوم من صراعات بين روسيا وأمريكا بشأن الأزمة الأوكرانية، فذلك الأمر سوف يجعل هناك إرادة سياسية من الدول الأعضاء تجاه تلك الأزمة.

فكرة إنشاء سد النهضة

فى عام 1956 – 1964، تم تحديد الموقع النهائي لسد النهضة الكبير الإثيوبي بواسطة مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح States Bureau of Reclamation (إحدى إدارات الخارجية الأمريكية) خلال عملية مسح للنيل الأزرق أجريت بين عامي 1956 و1964 دون الرجوع إلى مصر حسب اتفاقية 1929.

وبين أكتوبر 2009 - أغسطس 2010، قامت الحكومة الإثيوبية بعملية مسح للموقع، وفي نوفمبر 2010 تم الانتهاء من تصميم السد.

في يوم 31 مارس 2011، حصلت إثيوبيا على عقد قيمته 4.8 مليار دولار دون تقديم عطاءات تنافسية للشركة الإيطالية ساليني، وفي 2 أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوي حجر الأساس للسد وقد تم إنشاء كسّارة للصخور جنبا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع.

في 15 أبريل 2011، أعاد مجلس الوزراء الإثيوبي تسمية السد بسد النهضة الإثيوبي الكبير، حيث كان في البداية يطلق عليه “مشروع إكس”، وبعد الإعلان عن عقود المشروع سمي “سد الألفية”، وفي مايو 2011 أعلنت إثيوبيا أنها سوف تتقاسم مخططات السد مع مصر حتى يمكن دراسة مدى تأثير السد على المصب.

مارس 2012 أعلنت الحكومة الإثيوبية عن ترقية لتصميم محطة توليد كهرباء السد، وزيادتها من 5250 ميجاوات إلى 6000 ميجاوات، وكان من المقرر الانتهاء من المشروع في يوليو 2019.

وفي 15 يوليو 2020 أعلن وزير الري الإثيوبي عن البدء في ملء سد النهضة رغم عدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكداً أن صور الأقمار الاصطناعية الأخيرة لسد النهضة كانت صحيحة.