الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد.. الأزهر والإفتاء يحسمان الجدل

حكم الشرع في رفض
حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد

حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد .. كثر في الآونة الأخيرة حالات منع من قبل الآباء والأهل تزويج ابنتهم ممن تريد، الأمر الذي يؤدي إلى عواقب مختلفة منها الهرب أو الانتحار أو القتل ، وغيرها من المسائل التي تدفع إلى السؤال عن حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد، وهل يحق للفتاة أن تزوج نفسها دون موافقة الأب أو وليها.

حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد

وفي بيان الحكم الشرعي في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد، قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن هناك بعض العادات والتقاليد المؤسفة الراسخة في بعض الأسر في الصعيد وغيره تتمثل في تعنت ولي الأمر حرمان ابنته من رغبتها في الزواج بشابٍ مناسب، وذلك انتظاراً لشابٍ ثريٍ، ، أو لزواجها من أحد أفراد العائلة، مشدداً على أنه لا يحق لولي الأمر منع تزويج المرأة برجل كفءٍ ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول.

وأكد الإمام الأكبر خلال حديث سابق له ببرنامج "الإمام الطيب" ، أنه في حالة رفع أمرها إلى القاضي، يجوز له أن يزوجها.

وفيما يتعلق بحدود ولاية الأب على ابنته، وهل له الحَق في منعها مِن التعليم أو العمل بمقتضى ولايته عليها؟، وما هو موقف الأب في شأن الزواج والعلاج ونحوهما، قالت دار الإفتاء المصرية  إن ولاية الأب على ابنته تنقسم إلى: ولاية على المال وهي التي تتضمن الإشراف على الشؤون المالية لمن تحت ولايته؛ كالإنفاق، وإبرام العقود، وولاية على النفس وهي التي يقوم بمقتضاها بالإشراف على شؤنها الشخصية من تأديب وتعليم وتزويج وعمل وتطبيب.

وأضافت الدار : للابنة حَقٌّ على أبيها في أن يُعَلِّمها وأن يتكفل لها بالدواء والتطبيب وذلك من مقتضيات ولايته، ولها أن يزوجها ممن ترغب فيه من الأكفاء، ولا يجوز للأب أن يمنع زواج الابنة بمن ترضاه من الأكفاء، ولا أن يمنعها من مطلق التعليم، ومثلُ التعليم: العملُ إذا قامت الحاجة الخاصة أو العامة إليه، وكان عملًا مشروعًا لا يلابسه شيء مِن الممنوعات الشرعية، وكانت المرأة تأمَن معه على نفسها وعِرضها ودينها، فلا يجوز له حينئذِ منعها.

وتابعت: كما ينبغي على البنات أن يتلطفن في طلب حقوقهن مِن آبائهن، وأن يتوصلن إليها باستطابة أنفسهم ما أمكن؛ لأنه إن كان أداءُ الحقوق واجبًا على الآباء للأبناء، إلا أن عدم التأدب والاحترام مع الآباء عند استيفاء ذلك الحق حرامٌ شرعًا ومن كبائر الذنوب.

حكم الشرع في رفض الأهل زواج ابنتهم ممن تريد

وفي بيان معنى عضل النساء، قالت دار الإفتاء في إجابة السائل: قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 232]، هو ما روى البخاري في "صحيحه": أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا، فَأَبَى مَعْقِلٌ؛ فنزلت: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: 232]؛ وقد بين العلماء أنَّ معنى العضل الوارد في الآية الكريمة هو منع الرجل المرأة من التزويج بمن هو كفءٌ لها؛ قال الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 14، ط. دار المعرفة): [العَضْل أن تدعوَ -أي المرأة- إلى مثلها أو فوقها، فيمتنع الولي] اهـ.

وقال العلامة ابن قُدامة في "المغني" (7/ 24، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومعنى العَضْل: منع المرأة مِن التزويج بكُفئها إذا طَلَبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه] اهـ.

وأوضحت الإفتاء، أن هذا نهيٌ لأولياء المرأة عن أن يمنعوها مِن نكاح مَن ترضاه مِن الأَكفاء، فإن فعلوا كان هذا هو العَضْل المنهيّ عنه،  حيث قال الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 178): [وفي هذه الآية الدلالةُ على أن النكاح يتم برضا الولي والمُنكَحَة والناكح، وعلى أنَّ على الولي أن لا يَعضُل، فإذا كان عليه أن لا يعضل فعلى السلطان التزويج إذا عضل؛ لأن مَن منع حقًّا فأمْرُ السلطان جائز عليه أن يأخذه منه وإعطاؤه عليه] اهـ.

وقال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (8/ 252، ط. دار الكتب العلمية) -مِن كتب الحنفية-: [الحُرَّةُ البالغة العاقلة إذا طلبت الإنكاح مِن كُفء وَجَب عليه -أي وليها- التزويج منه؛ لأنه منهيّ عن العَضْل، والنهي عن الشيء أمر بضده، فإذا امتنع فقد أضرّ بها، والإمام نُصِب لدفع الضرر، فتنتقل الولاية إليه] اهـ.

وأكدت على الآباء وأولياء الأمور أن يتَّقوا الله تعالى في بناتهم وأن يتصرَّفوا معهن بما تقتضيه مصالحهن العامة والخاصة، وأن يستحضروا ما في ذلك مِن الثواب الجزيل عند تحقّقه، والوعيد الأكيد عند تخلّفه؛ وقد روى الشيخان في"صحيحيهما" عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» الحديث. وروى البيهقي في "سننه الكبرى" عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ».