الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم الشرع في الكذب للتهرب من الضرائب

حكم التهرب من الضرائب
حكم التهرب من الضرائب

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز شرعًا للمسلم أن يكذب ويُدلِي بمعلومات خاطئة عن راتبه ودخله الحقيقي بغية التهرب من الضرائب.

وأوضحت الدار في إجابتها عن سؤال: "هل يجوز شرعا الكذب للتهرب من الضرائب" أن الكذب من كبائر الذنوب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» رواه مسلم.

وتابعت: التهرب من الضرائب إلحاق الضرر بالدولة وعجزها وتقصيرها في كل ما هي منوطة بالعمل.


قالت دار الإفتاء المصرية، إن التهرب من دفع الضرائب والجمارك ودفع الرشوة لإنقاصهما غير جائز شرعًا؛ ذلك أن هذه الالتزامات المالية عبارة عن مقدار محدد تفرضه الدولة في أموال المواطنين نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع.

وأوضحت «الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: «ما حكم التهرب من دفع الضرائب والجمارك؟»، أن التزامات المواطنين المالية من ضرائب أو جمارك أو غيرهم تخلق نوعًا من التوازن في المجتمع بين فئاته المختلفة، فكان فرض مثل هذه الالتزامات للمصلحة العامة الواجب مراعاتها.

وأضافت أن جماعة من فقهاء المذاهب المتبوعة أقروا الضرائب، لكنهم أسموها بـ"الخراج"، وأسماها بعضهم بـ"النوائب" جمع نائبة، وهي اسم لما ينوب الفرد من جهة السلطان؛ إعمالًا لما تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن في المال حقًّا سوى الزكاة.

واستشهدت فى بيانها الحكم بقوله – تعالى-:«وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ»، [البقرة: 177]؛ فجُمِعَ في الآية بين إيتاء المال على حُبه وبين إيتاء الزكاة، مما يدل على أن في المال حقًّا سوَى الزكاة، مشيرةً إلى ما قاله- صلى الله عليه وآله وسلم- -مؤكدًا هذا المعنى حين سُئل عن الزكاة-: «إِنَّ فِي المَالِ لحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ»، رواه الترمذي.

وأكدت أن ولي الأمر يجوز له أن يفرض ضرائب عادلة في تقديرها وفي جبايتها إلى جوار الزكاة؛ وذلك لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأمة، باعتبار أن ولي الأمر هو القائم على مصالح الأمة التي تستلزم نفقات تحتاج إلى وجود مورد ثابت، لا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها.

ونوه أن ولي الأمر في عصرنا هو: مجموعة المؤسسات التشريعية وفقًا للنظام الحديث، فإن الدولة لها ما يسمى بالموازنة العامة، التي يجتمع فيها الإيرادات العامة، والنفقات العامة، وإذا كانت النفقات العامة للدولة أكبر من الإيرادات العامة؛ فإن ذلك معناه عجز في ميزانية الدولة يتعين عليها تعويضُه بعدة سبل منها فرض الضرائب، إلا أنه ينبغي أن يُراعَى في فرض الضرائب عدمُ زيادة أعباء محدودي الدخل وزيادة فقرهم.

وأفادت بأن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كان أوَّل مَن اجتهد في فرض أموال تُؤْخَذ من الناس من غير زكاة أموالهم؛ لتحقيق المصالح العامة؛ كالخراج، فالخراج واجب على كل من بيده أرض خراجية نامية، سواء أكان مسلمًا أم كافرًا، صغيرًا أم كبيرًا، عاقلًا أم مجنونًا، رجلًا أم امرأةً؛ وذلك لأن الخراج مئونة الأرض النامية.

واختتمت أن الإسلام لا يمنع فرض الضرائب؛ فقد تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن في مال المسلم حقًّا سوى الزكاة؛ ويدل على ذلك قوله- تعالى-: «لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ»، ( سورة البقرة: الآية 177).