قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حقوق المرأة.. بين "هوس مايا" والتفاسير النسوية المعاصرة

محمد الغريب
محمد الغريب

لم أكن من عاشقي الدراما الهندية وحلقاتها التي تربو على الألف والألفين، إلا أن لقصة "هوس مايا" واقعها الذي دفعني لمشاهدة ما يقرب من عشرين حلقة، فـ "مايا" تلك الفتاة الهندية التي عانت من غياب أبيها ورهبتها منه في آن واحد جعلتها تعيش حالة انفصام واضطراب أفقدتها لذة الحب ذاتها وسلبتها معاني الأمان، ولم تكن عندي سوى صدى لواقع نحياه ونعيشه مع "مايات" أخريات لكنهن وإن بدون مجهولات الماضي إلا أن حاضرهن يعكس اضطرابا لا يقل عن نظيرتها في الحالة والمسمى.

سيدات اِعْتَدْنَا توجيه خطابٍ عام لخطاب ديني ذكوري لاستخدامه فزاعة تُكدر بها السلم العام، على آخرها بتر كلماتٍ أطلقتها نقيب أطباء القاهرة، الدكتورة شيرين غالب، في تحديد الأولويات الحياتية للزوجة الطبيبة.

"مايات مصر الجديدة" اللائي لا نجد من سيرتهن إلا القليل؛ لا يتورعن عن نظريات المؤامرة الذكورية حتى من النساء أنفسهن، سبقها حديث «القُفه» التي استثمرت لترويع داعية أزهري شهير، كان نتيجتها أن أجبر على "اَلْخَرَسِ اَلْفِيسْبُوكِي"؛ لعجزه عن مجاراة أجندة النسوية الجديدة، والتي تدرك "المايات" أنها تصريحات «مصطبة» اعتاد عليها قائلها.

ومؤخراً شاعت بين الحركة النسوية تفسيرات معاصرة للقرآن الكريم وللفطرة الإنسانية بمقاييس القرن الـ 14، تفسيرات وتأؤيلات للطلاق مكتسباته وحقوقه لطرف واحد من المعادلة، ولم نعد معها في حاجة لتفاسير قديمة رسخت الذكورية وتغلبت للرجال وشهوتهم على حساب المرأة_ حسبما يزعمون، وحق ما يروج له هؤلاء خاصة إذا كانت المادية سببا في تخلي بعض الرجال عن ذكوريتهم، فأصبحت طاعة الزوجة لزوجها فيما يشيعون ذكورية عفنة، ونشوزها نوع من المعاصرة، والمساكنة بديلا للزواج وغيرها من الأمور التي لا تهدف إلا لهدم أسمى العلاقات الإنسانية عبر العصور، ولله در الإمام الشافعي القائل: "من أمن العقاب أساء الأدب".

ولست أعتب على المفسرات النسويات ما يهرطقون به من مقابل متعة ورضاع وغيرها من الأشياء التي تجعل من الأنوثة شهوة بالتراضي، والرجل مجرد بنك متنقل، قدر ما آسف على صمت المؤسسات المعنية للحديث في شؤون الدين والحياة لمن "هب ودب".

وبالعودة لأجر إرضاع الصغير وتعليق حقه في الحياة بصراعات خارجة عنه، فأنَّ لهم أن للزوجة أجر رضاعة في المطلق وأنَّ لهم أن الطفل يُعاقب على أخطاء الآخرين- حتى وإن كانت المرأة مُطلقة تستحق الأجرة-، كما أن من قال بالمرأة الوناسة والفَرْجُ المكتسب بالأجر، لم يزد عن كونها للفراش وله خُلقت، فلا تجب عليها الخدمة ولا الطاعة ولا غيرها من أسباب الزوجية وسر كينونتها وعظمة خلقتها ككائن معطاء مربي ومضحي لأسرته وفلذات أكباده.

فالحياة الزوجية يا سادة خط أحمر، إن حبذتم أن تكون هذه لهجة الخطاب التي تدفعكم للالتزام خشية الوقوع في المحظور، فلم يُعهد لنبي مرسل أمر التزويج أو التفريق، ولم يكن النبي-صلى الله عليه وسلم- سوى ناصح لسيدة نسائكم من العالمين، ولم يكن مفرقا بين زوجين إلا باستحالة عشرة بينهما وعن قرار لمن ملك سلطة الارتباط والتفريق، فلم يطلق نيابة عن زوج ولم نر في حديثه أمرا لفراق، وحسبكم قوله صلوات ربي وسلامه عليه: " ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده".

قد زعمتم في كثير من النصوص أن الله- جل وعلا- لم يبح تعدد المرأة تحت الرجل الواحد، مع علمكم بأن الله تعالى أنصفها في ذلك وأن الرجل مخير لا موصى عليه، فجعل له حق تقرير مصيره دون ظلم يحاسبه به الله، وللمرأة الإيجاب والقبول، وقد بالغتم في غل يديه عن تأديب امرأته وأولاده خشية من تخشون، وتناسيتم أمر الله- تعالى- في فئة من النساء وآية لم تزد عن كونها بيانا لمن نشز منهن. تغافلتم عن قوله صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع ومسؤول عن رعيته.. والرجل راعٍ على بيت أهله"، فكنتم أنتم من تمارسون الوكالة عنه فزعمتم حقها في التبرج والسفور والخروج والنفور وغيره من الأمور دون إذنه.

ونصيحتي.. اعلموا أن الزواج فطرة لم يزد الإسلام في جعله آية من الآيات الدالة على عظمة الخالق، فقال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وبينت السنة النبوية ما على طرفيه من بعض الواجبات تجاه الآخر، فقال صلى الله عليه وسلم:"خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي"، وزاد -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: "كُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإِمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ راعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِها راعِيَةٌ وهي مَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها".

وفي طاعة الزوجة لزوجها قال: "إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، و صامَت شهرَها، و حصَّنَتْ فرجَها، وأطاعَت زوجَها، قيلَ لها: ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ"، وفي شأن الأبناء حوت الآية التي تجتزأ لحاجة في نفس نهاد حق الولد على والديه بالتساوي وحال الطلاق الخلافي والتراضي أيضا: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ".

ختاما.. مع يقيني بأن الله ما أنزل ما تقولون به وما يزعمه النسوة المُخربة، إلا إنه من الحق أن أقول لو كانت المرأة غير مُلزمة في عصركم هذا فنساء الجاهلية أكرم منهن منزلة فقد اخترن رفيقا وخدمنه بحب، ويكفي وصية أم لابنتها في هذا الموضع "فالخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة"، وإن كانت تنتظر أجرة رضاع طفلها فإن الأمة أرقى منهن قدرا، وإن كانت تفاسيركم المعاصرة أنها مأجورة دولارياً كان أم ديناريا عن الإرضاع فقد أسقطتم حضانتها ورددتم على أنفسكم في أنها الأولى منه حتى يفطم، فللرجل أن يبحث حينئذ عن مرضع بأجر زهيد أو بالمجان إن استطاع، ويكون الأبناء في كنفه، فَلسنَّ بحاجة إلى هذا الوعاء الذي انتهت مهمته بالخروج منه .