الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على العرب والمهاجرين الحذر.. اليمين المتطرف يقود إيطاليا ويتوغل في أوروبا|ماذا يحدث؟

جورجيا ميلوني زعيمة
جورجيا ميلوني زعيمة الحزب اليميني المتطرف في إيطاليا

تتجة أوروبا إلى مستقبل متغاير وسياسات متغايرة على عكس النهج الذي أنتهجته طوال السنوات الماضية، حيث يشكل صعود اليمين المتطرف إلى مراكز صنع القرار مفاجأة لم تكن بالحسبان بالنسبة للقادة الأوروبيين، حيث بدأت الأحزاب اليمينة المتطرفة التي تميل إلى التمسك بذاتها وقوميتها وترفض الانخراط مع أي أجناس أوعرقيات أو ديانات أخري، إلى الصعود بشكل كبير إلى مراكز صنع القرار في أوروبا مما يشكل تغيرا كبيرا في السياسات الأوروبية.

ويعتبر فوز جورجيا ميلوني رئيسة حزب إخوة إيطاليا "فراتيلي ديتاليا" برئاسة الوزراء بإيطاليا مثالا صارخا على هذا التغير الذي انتهجته الشعوب الأوروبية وبسبب الحرب الروسية الأوكرانية وفشل الحكومات الأوروبية الحالية على حماية وأمن أوروبا وحماية الشعوب من مخاطر الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

صعود اليمين المتطرف في إيطاليا

وكانت نتيجة الانتخابات الإيطالية فوز حرب "إخوة إيطاليا" بأغلبية المقاعد البرلمانية مما يؤهله أن يشكل الحكومة ورئيسة الحزب وهي جورجيا ميلوني تصبح رئيسة للوزراء.

ووفق النتائج الأولية لأحزاب التحالف اليميني الثلاثة، فقد حصد إخوة إيطاليا أعلى نسبة أصوات بالانتخابات التشريعية بنحو 24.6%، حل بعده حزب الرابطة بنسبة 8.5% بقيادة ماتيو سالفيني، وحزب فورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برلسكوني حصد 8%، وبذلك يكون التحالف قد حصد أغلبية الأصوات بنسبة تقارب 43 بالمئة وهو ما يكفي لضمان السيطرة على مجلسي البرلمان.

ووفق المركز الإيطالي للدراسات الانتخابية، فإن حزب إخوان إيطاليا والرابطة الشمالية سيكونان قد حصدا معا، أعلى نسبة من الأصوات التي سجلتها أحزاب اليمين المتطرف على الإطلاق في تاريخ أوربا الغربية منذ عام 1945 ولغاية اللحظة.

من هي جورجيا ميلوني؟

في بداية حياتها كانت جورجيا ميلوني تتمسك بأفكار موسوليني، ففي سن 15 عاما انضمت لـ "الحركة الاجتماعية الإيطالية" التي تضم سياسيا ورثة حزب موسوليني، لكنها غيرت موقفها لاحقا.

وفي عام 2006 أصبحت ميلوني عضوة برلمانية بعمر 29 عاما قبل أن تصبح أصغر وزيرة في تاريخ البلاد بعمر 31، عندما أمسكت حقيبة وزارة الشباب عام 2008.

وتتشبث جورجيا ميلوني بأفكار معادية لدخول المهاجرين للبلاد، ودعت لفرض حصار من القوات البحرية على ساحل البحر المتوسط في إفريقيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى إيطاليا.

كما ترفض ميلوني نظام الكوتا لتعزيز وجود المرأة في السياسة والأعمال، بحجة أنه يجب على النساء الارتقاء إلى القمة بناءً على مهارتهن ومزاياهن الخاصة، مثلها.

ولا تملك ميلوني شهادة جامعية لكنها تزعم حصولها على إجازة جامعية في اللغات، وهذا ليس حكرا عليها فهناك ساسة إيطاليون لا يحملون الشهادة الجامعية.

وعملت في وظائف مختلفة بعد التخرج من المدرسة، مثل العمل في سوق شعبي، ومربية للأطفال، وساقية في حانة، بينما استمرت بالخوض في النشاط السياسي اليميني في البلاد.

وتتزعم ميلوني حزب "إخوة إيطاليا" الذي ظهر على الساحة السياسية قبل نحو عقد فقط، إثر الانقسام الذي حل في حزب "شعب الحرية" الذي تزعمه فيما مضى رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو بيرلسكوني.

سياسات اليمن المتطرف في إيطاليا

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، إن فوز الحزب الشعبوي الذي تتزعمه جورجيا ميلوني في الانتخابات العامة، لتكون أول رئيسة للوزراء في تاريخ البلد، حيث تقود ميلوني ائتلافا فاز بغالبية مقاعد البرلمان ويؤلف حكومة هي الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية، يمثل نجاحها تغييرا هائلا في إيطاليا، بعد أسابيع فقط من انتصار اليمين المتطرف في الانتخابات في السويد.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن من المتوقع أن تصبح ميلوني التي أجرت حملتها الانتخابية تحت شعار "الله الوطن العائلة"، أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، وأن عملية تشكيل حكومة جديدة قد تستغرق أسابيع.

وأشار إلى أن ميلوني قد تراجعت عن فكرة انسحاب إيطاليا من منطقة اليورو، لكنها تري  أن روما يجب أن تشدد على مصالحها أكثر وتتبنى سياسات تتحدى بروكسل في كل شيء تقريبا من قواعد الإنفاق العام إلى موجات الهجرة الواسعة.

ولفت إلى أن تحالف ميلوني يريد أيضا إعادة التفاوض بشأن صندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من تداعيات الوباء، وترى أن الـ200 مليار يورو (193 مليار دولار) التي من المقرر أن تتلقاها إيطاليا يجب أن تأخذ في الاعتبار أزمة الطاقة، كما تؤيد ميلوني بشدة عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا.

وتابع: "سيتحتم علي ميلوني معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا ديناً يمثل 150 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان". 

وأوضح فهمي أن إيطاليا بحاجة ماسة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد "كوفيد - 19" والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها وبفارق كبير عن الدول الأخرى.

ولفت إلى أن ائتلافاً حكومياً كهذا ستُواجه فيه ميلوني تحدياً حقيقياً في التعامل مع حلفاء  سواء سيلفيو برلوسكوني أو ماتيو سالفيني، لن يستمر طويلاً .

أسباب صعود اليمين المتطرف في أوروبا

ومن جانبه، قال رامي إبراهيم، الباحث في العلاقات الدولية، إن صعود اليمين المتطرف في أوروبا يشكل تغييرا جوهريا وتحولا كبيرا في التوجهات والسياسات الأوروبية تجاه الملفات الداخلية والخارجية، وهذه التوجهات قد تمثل خطورة كبيرة على بعض القضايا العربية والإفريقية، هذا إلى جانب ملفات الهجرة ومعاملة المسلمين في دول الاتحاد.

وعن أسباب صعود اليمين المتطرف في أوروبا، أضاف إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها بعض الدول الأوروبية جعلت الفرصة سانحة أمام هذا التيار الذي يعيش على انتقاد برامج الحكومات والسياسات الاقتصادية التي تنفذها، كما أنه من ضمن الأسباب اتجاه المجتماعات الأوروبية إلى رفض سياسات اللجوء والهجرة، وهو الأمر الذي يتوافق مع برامج الأحزاب اليمينية المعادية للهجرة.

وأوضح أن اليمين المتطرف يكن العداء للمسلمين ويعمل على تنميط المسلمين والمهاجرين، ويرى أنهم يمثلون بؤر إرهابية وضرورة عدم إدماجهم في المجتمع الأوروبي.

وأبدى الباحث في العلاقات الدولية، تخوفه من هذا الصعود لليمين المتطرف في عدة دول أوروبية منها السويد والمجر وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وغيرها من العواصم الأوروبية، قائلا: "حتى وإن لم تصل معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى الحكم إلا أنها أصبحت مؤثرة في القرارات التي تتخذها حكوماتها، ما ينذر بالعودة إلى الفاشية واتخاذ سياسات أكثر حدة تجاه المهاجرين والمسلمين سواء في هذه الدول أو غيرها".

ولفت إلى أن الدول العربية تملك أدوات التعامل والتفاوض مع اليمين المتطرف، مستخدمة سلاح النفط وأيضا قدرة بعض الدول العربية على مواجهة الإرهاب والحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية، كما نجحت مصر في مواجهة هذه الموجات القادمة من إفريقيا بعدم المرور من أراضيها أو سواحلها، وجميعها أدوات ممكن تستخدم في مواجه السياسات الجديدة لهذا التيار.

وأضاف إبراهيم، أن اليمينة المتطرفة جبورجيا ميلوني، قبل أن تتفرغ لقضايا الشرق الأوسط، أمامها ملفات داخلية ملف المهاجرين الذين يتدفقون إلى السواحل والحدود الأوروبية والإيطالية، والأهم من ذلك مواجهة الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبلها أزمة وباء كورونا.