الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وردتي البيضاء .. آخر رسائل محمد أبو الغيط لزوجته إسراء قبل وفاته

الصحفي الراحل محمد
الصحفي الراحل محمد أبو الغيط وزوجته إسراء وابنهما يحيى

غيب الموت الكاتب والصحفي محمد أبو الغيط، اليوم عن عمر ناهز 34 عاما، بعد صراع مع مرض السرطان، واعتاد في أيامه الأخيرة مقاومة المرض بالكتابة، ومن بين كتاباته الأخيرة، رسائله المؤثرة لزوجته إسراء.

وكتب بتاريخ 9 نوفمبر الماضي:

وردتي البيضاء الخارقة (٢-٢) - الجزء الثاني

أرفع رأسي من النوم فجراً محاولاً أن أصل لصحن القيء الورقي دون أن أحدث صوتاً يوقظ إسراء. من حقها أن تنام قليلا. كان الأطباء قد أعطوني جرعة "جاسترو جرافين" وهو مادة مُسهلة قوية تحرك الأمعاء، وكذلك تستخدم كصبغة ليظهر مدى الانسداد.

لكن إسراء تصحو فورا، تناولني بصمت وسرعة صحن القيء فأتقيأ ثم تمتد يدها بمنديل في اللحظة المناسبة بالضبط لتمسح لي فمي، ثم برشفات مياه، ثم تهمس: عايز حاجة تاني يا حبيبي؟ أطلب منها الانتظار لينتظم تنفسي بينما أنا واقف. ترفع إسراء ساقاي الثقيلتين واحدا تلو الآخر لإعادتي للسرير.

أطلب تعديل وضع وسادتي، بعد عدة محاولات لضبط ارتفاع المرتبة. تغطيني. أخيرا ستعود لنومها بعد فاصل استغرق نحو ساعة، وسيتكرر بعد ساعة ساعتين على الأكثر.

ذات يوم أخبرني ابني أن من قدرات الرجل العنكبوت "سبايدر مان" الخارقة هي شعوره بالخطر الآتي من خلفه دون أن يراه. قلت له هل تعرف أن أمك لديها نفس القدرة؟. فبدأ في الهتاف لها: ماما سوبر هيرو. ماما سوبر هيرو.

لم يكن تعبيري مجازيا.

منذ عام، بعد عملية استئصال الورم، فقدت تماما قدرتي على النوم المتصل ٨ ساعات كما كنت طيلة حياتي. كل يوم أصحو خلال الليل عدة مرات لأسباب متنوعة: آلام، ضيق تنفس، آلام صدر، كوابيس، جفاف الحلق وأحيانا الجفون حتى اني أحتاج فتح التصاقهما بأصابعي. 

في المقابل لا أعرف بالضبط متى اكتسبت إسراء تلك الحاسة السادسة: بمجرد أن أصحو تشعر بي، دون أن أصدر أي صوت، تتحدث بينما عيناها مغمضتان: انتا كويس؟ محتاج حاجة؟
كل يوم، كل ليلة.

غالبا أكتفي بطمأنتها فتواصل النوم، وأحيانا أطلب مساعدة ما.
في اليوم التالي أسألها لو تذكر ما حدث، أحيانا تذكره وأحيانا لا تعرف أي شيء.

منذ المرض فاجئتني إسراء بما يكفي من القدرات الخارقة حتى صار الطيران احتمالا غير بعيد.

قالت ورقة علمية من جامعة سالزبورج الأسترالية إن أدمغتنا لا تنام بشكل كلي، بل تحتفظ بقدر من الوعي يوازن بين الحاجة للنوم والحماية. يقوم المخ بتنبيه الجسد إذا استمع لصوت غير مألوف، عبر إطلاق موجات اسمها "كيه"، بينما يواصل النوم إذا كانت الأصوات المحيطة مألوفة.

لعل هذا من أقسى ما يفعله ذلك المسخ السرطاني: تغييره لكل ما نعرفه عن أنفسنا والآخرين. تلك القدرة بعقل إسراء قد تطورت بشكل عكسي، فأصبح صوتي المألوف هو علامة الخطر المحتمل لا العكس!

وبالمثل من أشد لحظات المرض ألما نفسيا هي حين وجدتني أبتعد عن إسراء لا إراديا، لأن الغثيان الحاد جعلني لا أطيق أي رائحة بما فيها رائحتها..

منذ زواجنا وأنا أقول أني أعشق تلك الرائحة. دائماً أطلب منها ألا تضع عطوراً أو أي شيء يغير رائحتها. أحب ملء رئتاي بعبير رائحة شعرها وجسدها.

مرة أخرى يتدخل العلم بلهجته الجافة محاولا ترجمة العواطف إلى كيمياء: ربما سر الحب هو "الفيرمونات"، وهي مواد كيميائية هرمونية يفرزها الجسد مثل العرق بمناطق الإبطين والأعضاء التناسلية، من المؤكد أثرها في انجذاب بعض الحيوانات لبعضها، بينما مازال دورها في البشر محل جدل. 

بوجه عام أؤمن أن العواطف البشرية أعقد بكثير من تلك التفسيرات الخطية، رغم حقيقة اعترافي بدورها الهام في ذات الوقت، كواحد من العناصر المركبة للعملية.

أؤمن بالجانب العلمي للحب، كما أؤمن بجوانبه العملية، كما لا يمكنني إلا الاعتراف إلا بمكون آخر غيبي ما تتلاقى فيه الأرواح أو "هالات الطاقة" أو غيرها من مسميات سر الحياة العميق الغامض داخلنا.

إن ادعاء أن الحب هو مجرد تفاعلات كيميائية فقط، يشبه ادعاء أن الرسم ينبع من المكونات الكيميائية للألوان، أو أن الموسيقى هي محصلة الأخشاب والبلاستيك التي تكون الآلات الموسيقية.
١٣ نوفمبر ٢٠٢٢
من جديد أنتفض وسط الليل صارخاً من الألم، فتقفز إسراء من سريرها لتناولني رشفات مياة أرطب بها حلقي الجاف المتلصق، وبنفس اللحظة تضغط على التنبيه الخاص باستدعاء التمريض عاجلا.
أتلوى وأتأوه فقط، بينما تطلب إسراء بسرعة إسعافي بحقنة المسكن الإضافية.
منذ نحو ٢٥ ساعة أنا بين الألم والغيبوبة والهلاوس.


أغمض عيني لحظة فأرى نارا ودخانا، فأستيقظ مفزوعاً. أرى إسراء تبكي. أغمض عيني باللحظة التالية فأرى أنيابا، فأفزع من جديد، حتى يغلب النوم كل شيء.

كانت الأمور قد بدأت تتحسن، توقف عدم تحكمي بالبول والبراز فجأة كما بدأ. كان الأطباء قد شكوا في أن السبب ضغط من العظام على عصب ما، فقاموا بعمل أشعة رنين مغناطيسي أظهرت عدم تضرر الأعصاب. قالوا ربما السبب عرض جانبي لدواء معين مضاد للغثيان، فخفضت جرعة الدواء، وجنباً إلى جنب لجأت لسلاح "طب مكمل" نادراً ما خذلني، وهي تمارين العلاج الطبيعي. استعنت بمقاطع فيديو على "يوتيوب" لأطباء ومعالجين مختصين، وبدأب أصبحت أكرر بمساعدة إسراء تلك التمارين مرتين يومياً. 
نجحت!
استعدت التحكم بأعضائي الحساسة، وما أدق ذلك التوصيف المستخدم لها في اللغة العربية، وكذلك بدأت استعيد قدرتي على الأكل حيث سمحوا بالانتقال من مستوى "سوائل شفافة" إلى "سوائل حرة" إلى "طعام مهروس فئة ٤". 
فجأة حدث الانهيار بعد فحص الأعصاب مباشرة.
يومها مساءا اندلع ألم شديد في كتفي، ظننته في البداية من أعراض بقائي لأكثر من ساعة في وضع غير مريح، بينما انا دائما حساس لتلك الأمور بسبب مشاكل التواء عمودي الفقري، لكن الأمر تفاقم.
باليوم الثاني والثالث انفجر ألم رهيب لا يوصف، مجرد بقاء كتفي مكانه أصبح مؤلماً.
سمعتني إسراء أهلوس: أنا باكره جسمي. فهمست بين دموعها: لكن أنا بحبه.
سمعتني أصرخ: أنا عايز أقطع دراعي. فهمست: بعد الشر.
العلاج الفوري كان قفزة كبيرة بمعدل المسكن مشتق "المورفين" الذي أتعاطاه، نجح ذلك فعلا في تخفيف الألم، لكنه على الجانب الآخر أفسد تماماً كل تحسن أحرزته بانسداد الأمعاء، عاد الشلل كما كان بالظبط، قيء مستمر، لا شيء ينزل للأسفل، ولد هذا بدوره المزيد من المغص والتقلصات.
ما كل هذا الجنون؟


بالأمس أتلمس رقبتي فوجدت كتلة صلبة بيضاوية في حجم اللوزة يسار خط المنتصف مباشرة. بمجرد أن ضغطت قليلاً زأرت آلام كتفي، وتحديداً توزيع العصب المميز الذي يعطي الشعور للإصبعين الخنصر والبنصر. لقد وجدت اللعين! .. أم هو من وجدني؟!
شك الأطباء في كونه تضخماً للغدة للدرقية، ثم أثبتت الأشعة إنها عقدة لمفاوية متضخمة.
اليوم أصبحت "اللوزة" في حجم ثمرة مشمش صغيرة. تضخم مرعب في يوم واحد!
اتفق الأطباء أنه لا بديل عن إزالتها موضعيا، وسيتم ذلك بالعلاج الإشعاعي الدقيق. أجريت اليوم فحصاً لتحديد هل يمكن استبدال البرنامج الاعتيادي الذي قد يستغرق جلسات إشعاع يومياً ببرنامج آخر يضرب مرة واحدة مكثفة. 
ثم استجدت ظاهرة أخرى: انحباس الغازات!
مع كل رشفة من أي سائل أشعر بفقاعة غازية محشورة. مع الوقت فهمت أنها بالضبط آلية مشاكل الأطفال في سن الرضاعة مع التجشؤ أو "التكريع" كما نسميه بمصر.
اكتشفت الحل، وهو بالضبط نفس الحل مع الأطفال: ضربات خفيفة متكررة منتظمة بعد كل بضع رشفات.
أشعر بإحباط شديد بسبب كل هذا الارتداد.
كل يوم أخسر عضوا أو وظيفة من عضو. كأني أتساقط بالتدريج. هل أموت بالتقسيط؟.
أصارح إسراء بأفكاري الرثائية فتطلب مني التوقف عن هذا التفكير، وأنظر لجوانب إيجابية.
أتأملها نائمة على سرير مستواه منخفض للغاية تحتي، فأقول لها: يا إسراء كإنك بتعملي الي بيقولوه في الأفلام "فضلت قاعدة عند رجل جوزاها تخدمه" فتقول إنها تفخر بهذا التشبيه مادام هي من اختارت أن تفعل ذلك لحبيبها، بل تؤكد أنه “ده العادي” لأني كنت سأفعل المثل لو تبادلنا الظروف، “مش كدة ولا إيه؟” فأقول لها أني أقسم أني لو كنت مكانها ما فعلت إلا ذلك، ويشرقني أن أكون عند قدميها لأخدمها، لكني أحمد الله أنني أنا المصاب لا هي. نتشارك البكاء..
بالتوازي تستمر إسراء الخارقة في فعل مالم أتوقعه:
تواصل عملها في مجالها ب"بحوث السوق" بواحدة من الشركات الكبرى عالميا، بل أبلغوها رسميا قبل أيام بحصولها على علاوة نهاية العام، أي حققت مستهدفاتها فلا مجاملات في الأرقام. 
كانوا قد منحوها بسبب ظروفي استثناء العمل الدائم من المنزل. لكنه حقا "عمل". تسهر معي بهذا الجحيم الليلي ثم أفتح عيني في الثامنة فأجدها تفتح شاشتها المليئة بالجداول والأرقام. كلانا يفضل الاعتماد على الذات طالما كان ذلك ممكنا لآخر لحظة متاحة.
بالتوازي كل خطط و"روتين" يحيي تمضي حسب المعتاد إلى حد كبير، تذهب به مواعيد تمارين السباحة والفنون واجتماعات المدرسة. حتى أنا في لحظات وعي بالمستشفى قمت كالمعتاد بمهمة اختيار وجباته للأسابيع القادمة.
ولا ينفي ذلك طبعا حصولنا على مساعدات كبيرة من أصدقاء
رائعين تم دمجهم بالخطة بتنسيق بطرق كثيرة تشمل مجالسة يحيي وتوصيلات لمدرسته أو للمستشفيات وشراء متطلبات وغيرها.. 
لا أعدد هنا أسماء الأصدقاء ورفاق الرحلة من المصريين والعرب زملائي وأحبائي، كي لا أنسى أحدا فأغفل سهوا فضل كثيرين، بل إني لا أنسى أطباء وأفراد تمريض كانوا حقا لا مجازا ملائكة رحمة. من أصبحت أعده صديقي العزيز الدكتور ديفيد فوير مختص إدارة الألم، ولطالما أنقذني بحلوله المبتكرة لتخفيف آلامي، والطبيب ذو الأصول الإفريقية د.إلكيم الذي يسمعني بكل صبر ويستطيع نقل أشد المعلومات ضراة بحفاوة. الممرضة الآسيوية شير التي صادقت أمي بكل لطف، وكذلك بالطبع طبيب الأورام بروفيسور أركناو الذي يحاول معي لآخر لحظة لمساعدتي للوصول لتجارب جديدة، وكذلك بروفيسور جورج حنا الذي منحني من وقته وعلمه بصراحة ولطف. الجميع منقوشون في قلبي وأقول لهم جمائلكم لا أنساها ما حييت..
****
لكن بالعودة إلى مسار حياتنا الماضية أجد أيضا أنها لم تسر دائما بذات سلاسة تحدي الإدارة المالية، وعلى رأسها تحديات الإنجاب وما يتطلبه من ترتيبات الحياتين المهنية والشخصية.
كنا قد اتفقنا أثناء الخطوبة على تأجيل الإنجاب، قلنا بصراحة إنها فرصتنا الوحيدة لنكون منفردين بعلاقة لشخصين لا لثلاثة، واتفقنا بصراحة أنها أيضاً فرصة لنا لننفصل إذا ظهر أننا غير مناسبين لبعض.
لكن بعد ستة أشهر فقط، همست لها باسما: إسراء، أنا عايز أخلف منك.
كانت إسراء تعي تماما متطلبات القرار وتأثيراته، وحاولت أن تشرح لي أن كل شيء في حياتنا سيختلف بعدها، لكني كنت مندفعا بعاطفية وقد أحببت مظهري وأنا والد في أسرة صغيرة.
كانت إسراء وقتها تدرس للحصول على شهادة التدريس الدولية " مونتسوري" لحبها في الأطفال، وبالفعل سرعان ما وجدت عملاً في حضانة أيرلندية بحي المعادي.
بالتوازي كنت أنغمس في أعمالي العديدة المتوازية، حتى أن أغلب فترة الحمل أمضيناها في منزل أسرة إسراء كي تساعدها أمها.
كنت قد وعدتها أننا سنقسم عبء الطفل علينا بالتساوي بالضبط. وعد أحمق. كيف سنفعل بينما اتفقنا على اختيار الرضاعة الطبيعية للطفل مادام بإمكانها ذلك صحيا، وكذلك اخترنا أنها لن تتركه أبداً مع مربية إلا حين يمكنه التعبير عن نفسه.
لم أكن أفهم ما تتطلبه تلك الخيارات من وقت ومجهود، وقصرت في تقديم المطلوب مني، والنتيجة أن إسراء كانت لعامين لا تنام تقريبا، تصحو لترضع يحيي، بينما أنا أغط في نوم عميق. قالت لي إنها أحيانا احتاجتني ونادتني فلم أرد من فرط عمق نومي متأثرا بيوم عملي الطويل فبكت قهرا.
لكن زادت الأزمة تفاقما بعدما سافرنا إلى لندن قبل نهاية العام الثاني من زواجنا، في قفزة كانت خارج المخطط.
فجأة لم يعد حولنا أي دوائر دعم أسري، نبدأ من جديد ببطء صنع دوائر أصدقاء صار بعضهم اليوم من أحب البشر وأكثرهم تقديما للمساعدة، بينما ابتعد آخرون، فضلا عن ارتفاع أسعار كل الخدمات المعاونة لتنظيف المنزل وخلافه.
صار خلافنا الدائم يدور حول نقطة محددة: إسراء ترى أنها تعمل طيلة اليوم مع يحيي، وبالتالي فمجرد عودتي للمنزل صار هو مسؤوليتي أنا الأولى، وهذا لا يجعلنا متساويين فأنا هكذا أرعاه فقط ساعتين أو ثلاثة يومياً بالإضافة إلى الإجازات.

لكن زاوية رؤيتي مختلفة تماما: أنا في الخارج أعمل أيضا ولا ألعب!
أنا لا أتفه أبدا من مدى مشقة العمل المنزلي، لكني لا أقبل أيضا التتفيه من مشقة العمل غير المنزلي!
لذلك فالحساب العادل هو أن وقت عملي بالخارج يكافيء تماما عملها بالداخل، وما بقى هو ما نقتسمه 50٪ - 50٪.
وأنا أصلا أريد هذه الـ 50٪ ليس لملذاتي وأهوائي، بل لأعمل أيضا، أعمالا تحتاجها هذه الأسرة التي تعيش في أحد أغلى مدن العالم المصممة ليعيل الأسرة بها دخلين لا دخل واحد.
لكنها ترد علي محقة بأني أقول ذلك فقط، لكني أفعل كذا وكذا تطوعا بلا مقابل، وكذا بمقابل زهيد، فأرد عليها أنه حتى هذه العمل التطوعي اليوم قد يتحول مصدرا ماديا مستقبلا، فضلا عن أن هذا الجانب التطوعي وحتى “المزاجي” من حياتي وكتابتي موجود منذ عرفتيني، منذ متى وأنا لا أفعل؟  فترد: يفترض منذ أنجبت.
منذ تزوجنا إلى اليوم لم نذكر أبدا كلمة "انفصال" إلا في مرات على أصابع يد واحدة مرتبطة تحديدا بهذا الملف فقط، أو في مرة أخرى خارقة الاستثنائية حين ابتدع ضابط ما بجهة أمنية أن يمنع سفر إسراء ويحيي ويسحب جوازات سفرهما كوسيلة لابتزازي دون أي طلب محدد، لم أفهم لليوم دوافع سيادته، لكن اسراء تعاملت مع القصة بصلابة مدهشة، ومنها قرار بتقدمي لتوكيل طلاق للسفارة المصرية في لندن! وكما حدثت الأزمة فجأة انحلت فجأة، بعد استجوابات ونحوها عادت الحوازات دون أن نفهم هل تم حل المشكلة ذاتيا أو عبر وساطات خير أشكر أصحابها.
لكن ما يعنيني حقا هو تلك المرة التي أنا مسؤول عنها، وقلت لإسراء لاحقا، ومنذ ما قبل السرطان، إنها أسوأ ما أخطأت به في حياتي معها، وهي قراري الأناني بالسفر إلى زمالة دراسية في البوسنة عام 2018. فجأة وجدتني إسراء أخبرها أني سأتغيب شهراً لأدرس زمالة إعلامية ما.