الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكرى ميلاد محمود حمدي زقزوق الفيلسوف المفكر.. مدرسة في العلم والخلق يندُر تكرارها

الدكتور محمود حمدي
الدكتور محمود حمدي زقزوق

تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد العالم الجليل الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق والذي ولد في السابع والعشرين من شهر ديسمبر عام 1933، وتولى زقزوق تولى العديد من المناصب العلمية والإدارية بجامعة الأزهر الشريف والجامعات العربية والإسلامية، وله العديد من المؤلفات العلمية المتنوعة في علوم الفكر والعقيدة والفلسفة الإسلامية، إضافة إلى العديد من المؤلفات والأبحاث المنشورة في المجلات العلمية والمؤتمرات الدولية المختلفة،وقد وافته المنية في 4 يناير عام 2020  ظل طوال حياته  مشغولاً بالبحث و بقضية تجديد الخطاب الديني وتناقضات الضلال العقلي  لتقديم فكر تنويري نحن في أشد الحاجة له.

 


الدكتور محمود حمدي زقزوق كان شيخاً مستنيرًا وعالما أزهريًا سجلت كتبه ومؤلفاته وفلسفته ومنصابه حروف من نور في حياته كعالم أزهري شكلت دراسته للفلسفة في ألمانيا وتلقى تعليمه هناك الأمر الذي كان له مردودا طيبا بعد عودته لبلاده .,. إنه الدكتور محمود حمدي زقزوق الذي وافته المنية اليوم عن عمر 87 عاما

 

نشأته

ولد الدكتور محمود حمدي زقزوق في السابع والعشرين من ديسمبر عام 1933، بمحافظة الدقهلية، وحصل على إجازة العالمية من كلية اللغة العربية بالأزهر - عام 1959، والشهادة العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر - عام 1960، ودكتوراه الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا - عام 1968.

 

عين حمدي زقزوق مدرسا للفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الأزهر - عام 1969، وعمل أستاذ مساعد - عام 1974، وعمل أستاذ - عام 1979، وعمل وكيلًا لكلية أصول الدين بالقاهرة ثم عميدًا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهرفى الفترة من عام ( 1987وحتى 1989) , ومن عام ( 1991حتى 1995، ونائب رئيس جامعة الأزهر - عام 1995، ثم وزير الأوقاف - عام 1996.

 

بداياته

التحق  حمدي زقزوق بالمعهد الديني عام 1947، حالفه الحظ عندما قرر شيخه فتح فصول لتدريس اللغتين الإنجليزية والفرنسية  لمن يريد التعلم من الطلاب فأسرع لتعلم اللغتين كما كان حريصا على ممارسة الرياضة طوال حياته.

سفره إلى ألمانيا

سافر زقزوق إلى ألمانيا عام 1962 والتحق بمعهد جوته ليستكمل دراسة اللغة الألمانية، الشك المنهجى لدى كل من ديكارت والغزالى.. هو الكتاب الذى يعتز به الدكتور حمدي زقزوق من بين أكثر من ثلاثين كتابا له ومنها: " الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضارى"، " الدين والفلسفة والتنوير"،" الدين والحضارة"، "دراسات فى الفلسفة الحديثة"، " مقدمة فى علم الأخلاق"، " الإسلام فى عصر العولمة" وغيرها.

انبهر العالم الأزهري بألمانيا وعرف تقاليد الشعب الألماني في تقديس العمل والجدية والانضباط واحترام النظام الأمر الذى مكنه فى فترة زمنية قصيرة من أن يعيد بناء بلده وينهض بها من كبوتها.

 

سنوات كثيرة أقامها هناك ، لكن المشكلة الأكبر عام 1964 عندما اعترفت ألمانيا بإسرائيل وأقدمت مصر على قطع العلاقات معها.

مؤتمراته

شارك زقزوق في المؤتمر الدولي للعلاقات الثقافية في مدينة بون بألمانيا - عام 1980 ، كما شارك في المؤتمر السنوي للجمعية الدولية لتاريخ الأديان بجامعة هامبورغ بألمانيا - عام 1988 ، ومؤتمر دار حضارات العالم في برلين بألمانيا عن الاتجاهات الإسلامية المعاصرة - عام 1991 ، ومؤتمر مركز أبحاث الحوار(حريصا) - لبنان - عام 1995.

الهيئات التي ينتمي إليها

عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، عضو المجلس الأعلى للأزهر.

عضو اتحاد الكتاب ، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلسفية المصرية ، مقرر اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ، عضو مجلس الامناء بالجامعة الألمانية بمصر.

مؤلفاته

المنهج الفلسفى بين الغزالى وديكارت ، الإسلام في تصورات الغرب، مقدمة في علم الأخلاق، دراسات في الفلسفة الحديثة،  تمهيد للفلسفة، القاهرة،  مقدمة في الفلسفة الإسلامية الإسلام في مرآة الفكر الغربي، القاهرة، الدين والحضارة، الدين والفلسفة والتنوير.

 

رحلته العلمية والعملية 

▪️حصل الدكتور زقزوق على الثانوية الأزهرية عام 1955م والتحق بعدها بقسم الفلسفة بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1959م، ثم حصل على درجة العالمية وإجازة التدريس عام 1960م.

▪️نال درجة الدكتوراة في تخصص الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا عام 1968م.

▪️عُيِّن مدرسًا في تخصص الفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1969م، ثم ترقَّى إلى درجة الأستاذية عام 1979م.

▪️شغل رئاسة قسم العقيدة والفلسفة، وبعدها عين وكيلًا، ثم عميدًا لكلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة، وكان مُقرِّر اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.

▪️أُعير الدكتور زقزوق إلى عدة جامعات وبلدان؛ كجامعة طرابلس، وكلية الشريعة بجامعة قطر، ثم سافر إلى تونس ليشارك في اللجنة العلمية لترقية هيئة التدريس بجامعة الزيتونة.

 

▪️شَغَل منصب نائب رئيس جامعة الأزهر، وعُيِّن وزيرًا للأوقاف 15 عامًا، كما عُين رئيسًا لمركز الحوار بالأزهر الشريف.

▪️شغل عضوية هيئة كبار العلماء، ومجلس حكماء المسلمين، والأمانة العامة لبيت العائلة المصرية.

 

الفيلسوف المفكر 

▪️تأثر الدكتور زقزوق بالدكتور محمد البهي - المفكر الإسلامي ووزير الأوقاف الأسبق، الذي تلقى بين يديه الفلسفة في جامعة الأزهر، وتعلم اللغة الألمانية وأتقنها حبًّا فيه، ولما أتيح للدكتور زقزوق فرصة التعيين في كلية دار العلوم وفرصة أخرى في كلية أصول الدين، اختار أصول الدين بناء على استشارة أستاذه البهي.  

▪️كان الدكتور زقزوق مفكرًا وفيلسوفًا أديبًا، جامعًا بين التمكن من علوم الشريعة والثقافة الإسلامية، والدراية الواسعة بالثقافات والحضارات المتنوعة.

▪️وخلال رحلته العلمية إلى ألمانيا موفدًا من قبل الأزهر الشريف، توصل في رسالته العلمية التي نال بها درجة الدكتوراة، إلى إثبات أن الإمام الغزالي سبق الفلاسفة في القول بنظرية الشك المنهجي، في بحثه: «الشك المنهجي لدى الغزالي وديكارت، دراسة مقارنة»، والتطابق بين ما قاله الغزالي وديكارت، كما أنصف الإمامَ الغزالي من خصومه.

 

إثراؤه للحياة العلمية 

▪️أثرى الدكتور زقزوق الحياة الثقافية في علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشاركات والمؤلفات على مدار عمره، سيما في فترة توليه وزارة الأوقاف المصرية.

▪️خمسة عشر عامًا قضاها الدكتور زقزوق على رأس الوزارة، لم يترك فيها مجالًا للإصلاح والتطوير إلا سلكه فبدأ بضم المساجد الأهلية، واشترى مصنع دمنهور للسجاد لفرش المساجد، وقَصَر الدعوة على الأئمة والمصرح لهم من قبل الوزارة، واهتم بالأئمة تدريبًا وتثقيفًا، ونَظَّم صناديق النذور بقرار وزاري، وأنشأ المكتبات العامة في بعض المساجد.

 

▪️وفي الجانب العلمي كانت له اسهاماتٌ بارزةٌ على الصعيد العالمي والمحلي والتي من أهمها؛ اعتناؤه بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ليكون منبرًا للفكر والثقافة، فأقام مشروعات عدة من خلال عقد خمسة عشر مؤتمرًا إسلاميًّا، والتي وظفها لخدمة قضايا إسلامية كبرى مثل:

(الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري - الإسلام والغرب - الإسلام والقرن الحادي والعشرين - نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي - الإسلام ومتغيرات العصر - التجديد في الفكر الإسلامي - حقيقة الإسلام في عالم متغير - مستقبل الأمة الإسلامية - التسامح في الحضارة الإسلامية - مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة - مقومات الأمن المجتمعي في الإسلام - تجديد الفكر الإسلامي - مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر- القدس في الدين والتاريخ).

▪️كما أصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في عهد توليه الوزارة موسوعات كبرى لعدد من كبار العلماء، من أهمها: الموسوعة القرآنية المتخصصة - موسوعة علوم الحديث الشريف - موسوعة أعلام الفكر الإسلامي - موسوعة الحضارة - موسوعة التشريع الإسلامي - موسوعة التصوف الإسلامي - موسوعة الفلسفة الإسلامية - موسوعة العقيدة الإسلامية - موسوعة الأخلاق الإسلامية.

▪️وبذلك يكون الدكتور زقزوق قد أثرى الحياة الثقافية في مختلف علوم الفكر والعقيدة والفلسفة بالعديد من المشروعات والكتب والموسوعات، التي يدافع من خلالها عن سماحة الإسلام، وينشر الفكر الوسطي المعتدل في وجه متطرفي الفكر والإرهاب؛ وقد زادت مؤلفاته الشخصية باللغة العربية وما ترجمه باللغات الأخرى على الثلاثين مؤلفًا، والتي من أهمها: (مقدمة في الفلسفة الإسلامية - الدين والفلسفة والتنوير - دراسات في الفلسفة الحديثة - الإسلام في تصورات الغرب - مقدمة في علم الأخلاق - الدين والحضارة).

التكريمات والأوسمة 

▪️ حصل الدكتور زقزوق على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، من المجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1997م.

▪️نال وسام الاستحقاق الأعظم مع النجمة والوشاح من ألمانيا عام 2002م.

▪️حصل على جائزة الرئيس التونسي العالمية للدراسات الإسلامية عام 2003م.

▪️نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في مصر عام 2014م.

▪️كرَّمه السيد رئيس الجمهورية/ عبد الفتاح السيسي في مؤتمر تجديد الفكر الديني الذي عقده الأزهر الشريف في عام 2020م، نظرًا لإسهاماته في تجديد الفكر الإسلامي.

وفاته 

في الأوَّل من إبريل عام 2020م صعدت روح العالم الجليل الدكتور زقزوق إلى بارئها، عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد رحلة طويلة من الكفاح والمجاهدة والعلم والتعليم.

وقد نَعَاه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب - شيخ الأزهر الشريف، قائلًا: «لله وللتاريخ أشهدُ أنَّك كُنت الإنسان المترفِّع عن كل الصغائر، والعالمَ الكبير الشديد التواضع، وجميعُ المناصب العلمية والرسمية التي تقلَّدتها هي التي سَعَت إليك، وأُشهد الله أنَّك لم تسعَ إليها، وكُنت مدرسةً في العلم والخلق الرفيع والإنسانية العُليا يندُر تكرارها في هذا الزمان.. فوداعًا أيها الأستاذ الكبير محمود حمدي زقزوق، المفكِّر الزاهد، والفيلسوف الفقيه، والعالم العابد».

 

جوانب القدوة في شخصيته 

من خلال التعريف بسيرة الدكتور محمود حمدي زقزوق، يمكننا الوقوف على أبرز جوانب القدوة في شخصيته، وهي:

▪️الانفتاح الواعي على الثقافات وقبول الآخر.
▪️الجمع في العلم والفكر بين الأصالة والمعاصرة.
▪️غرس الطموح في نفوس طلاب العلم.
▪️الأدب الرفيع في الحوار، والمناقشة بالحجة والبرهان.
▪️الاعتدال والوسطية والتواضع والزهد.