الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعاء العصمة من الفتن.. ادركه بـ 3 كلمات في جوف الليل

الوقاية من الفتن
الوقاية من الفتن

يعد دعاء العصمة من الفتن، الشغل الشاغل لكثير من المسلمين، خاصة إذا ما كثرت الفتن وتسارعت الأحداث وظن الجميع مع كل حادثة كونية أن علامات الساعة أوشكت على الانتهاء وأن القيامة قد اقتربت بما يسبقها من الفتن.

وفي الليل ساعة إجابة خاصة الثلث الأخير كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، بشأن نزول المولى تبارك وتعالى إلى السماء فيغفر ويعطي ويستجيب للسائلين، فلا تترد في دعاء يعصمك من الفتن وشرها.

جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).

دعاء العصمة من الفتن

ولكي نتجنب الفتن يجب أن تعلم ما هي الفتن وما هي أنواعها وهل جميعها شر؟، حيث قسم الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء الفتن إلى قسمين أحدهما شبهات والأخرى شهوات، مشيراً إلى أن فتنة الشبهات : كالتشكيك في صحيح العقيدة، والدعوة إلى الغلو والتطرف، وهذا النوع من الفتن يزول بالعلم.

وتابع علي جمعة من خلال بيانه خطوات الخروج من المعاصي والشهوات : أما فتنة الشهوات: وهي الغالبة على عامة البشر كالافتتان بالنساء أو بالمال الحرام أو بالمنصب أو بالجاه، وتزول هذه الفتن بالتقوى.فبالعلم والتقوى ينجو الإنسان من كل أشكال الفتن، وبغياب العلم والتقوى تظهر الفتن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : :«يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ» [رواه البخاري].

وفي رواية أخرى : «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ» [رواه البخاري].

وأوضح أن الفتنة التي هي الابتلاء والامتحان تكون بالخير والشر، يقول تعالى : ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون﴾َ [الأنبياء :35]، لافتا إلى أن الفتنة ليست شرا من كل الوجوه بل فيها أوجه للخير، ولا يعني ذلك أننا نسعى إليها أو أن نطلبها ولكننا لابد أن نستفيد منها إذا حدثت من هذا الخير التمييز بين الخبيث والطيب، قال تعالى : ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ﴾ [آل عمران :179]. وقال تعالى : ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ [الأنفال :37].

وقال عز وجل : ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت :2 ، 3]

وأكد علي جمعة أن في الفتنة تقوية لإيمان المؤمنين وتدريب لهم على الصبر والجلد، وتمحيص لما في قلوبهم من الإيمان قال تعالى : ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ﴾ [آل عمران :140، 141]. وقال سبحانه : ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ِ [آل عمران :154].

كما أوضح أنها سنن الذي سبقوا وعلامة على اصطفاء الله لعباده، قال تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة :214].

الخروج من المعاصي والشهوات

كما كشف علي جمعة عن قول الإمام علي ناصحا الناس في الفتن : «كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب» [نهج البلاغة]، موضحا أنه علمنا أن ذلك لا يعني أن يعتزل المسلم المجتمع، وإنما معنى ذلك أن لا يعطي نفسه شيئا للفتنة ولا ينجر إليها ويستدرج فيها، فهذا أول ما يجب على المسلم تجاه الفتنة أن يفر منها ولا يشارك فيها. فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن» [رواه أبو داود]

وتابع: ثم عليه أن يتعوذ بالله منها حتى تنجلي ويعود الصفاء في الرؤية والنفس مرة أخرى، وقد ورد في الدعاء الذي عمله النبي أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم : « اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي واذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا» [رواه أحمد].

وشدد: بعد تجنب الفتن والفرار منها، والتعوذ بالله من شرها وصدق الالتجاء إليه في أن يجنبه الله شرها، على المسلم أن يراعي تقوى الله في كل أوقاته حتى يتبين له الأمر وذلك مصداقا لقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ [الأنفال :29].

وبين أن حقيقة التقوى هي التباعد عن كل مضر في الآخرة، وقد ذُكر في معناها أيضا : أنها عبارة عن حجاب معنوي يتخذه العبد بينه وبين العقاب ، كما أن الحجاب المحسوس يتخذه العبد مانعا بينه وبين ما يكرهه.

دعاء العصمة من الفتن

يقول تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2]، وهناك فتن السراء وفتن الضراء؛ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]؛ وقد تأتي الفتنة والإنسان غير مستعدٍّ لها، أو مُنتبهٍ إليها، وقد تعصف الفتنة بإيمان المسلم، فيترك الدِّين بالكلِّية! فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ؛ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا».

ومن سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله كثيرًا بالثبات؛ فقد روى الترمذي : عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ».

وقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ -وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ- حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ».

فنحن في أشدِّ الحاجة إلى الإكثار من هذا الدعاء عسى الله أن يحفظ ديننا، ولْنعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيرًا ما يُذَكِّر نفسه والناس بأن الله يُقَلِّب القلوب في لحظة؛ فقد روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ: «لاَ وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ».