الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دفعت موسكو للتهديد النووي.. قصة القذائف الأمريكية الجديدة لأوكرانيا لضرب العمق الروسي

روسيا وأوكرانيا وأمريكا
روسيا وأوكرانيا وأمريكا

كل المؤشرات على أرض المعركة، تشير إلى وجود تفوق روسي على الجانب الأوكراني في الحرب الدائرة منذ عام تقريبا، وذلك رغم ترسانة الأسلحة والمساعدات الغربية التي تتلقاها أوكرانيا من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، بل وأن الجميع يخشى من هجوم الربيع الذي يبشر به كافة المراقبين، ولكن في ظل هذا الوضع، فوجئ الجميع بالجانب الروسي يخرج ويهدد باستخدام السلاح النووي، وكأن لسان حاله يشبه ما قام به شمشون البطل الشعبي في الكتاب المقدس، وذلك عندما شعر بالخطر على حياته قام بهد المعبد على نفسه ومن معه من الأعداء.

والتساؤل هنا، ما الذي دفع الروس للشعور بالخطر للتهديد باستخدام السلاح النووي، كما شعر شمشون بهذا التهديد الذي دفعه لهدم المعبد على نفسه ومعه أعدائه، وذلك في ظل تحذيرات كافة الخبراء من أن استخدام السلاح النووي في أوكرانيا هو تهديد لروسيا نفسها من آثاره، وهل تأخذ أمريكا وحلفائها هذا التهديد بمحمل الجد، وهل كان أصلا هو التهديد الأول .. لوغارتمات نسعى لفك طلاسمها في السطور التالية.

استهداف القرم خط أحمر .. وإلا ستتحول باقي أوكرانيا إلى رماد بالنووي

"لن تسمح روسيا بأخذ القرم منها أبدا، فهي قد تستخدم في سبيل ذلك كل الأسلحة، لديها، ومنها توجيه ضربة ساحقة باستخدام كل الأسلحة بما فيها النووية إلى كييف وأن باقي أوكرانيا ستتحول إلى رماد، وذلك في حال استهداف شبه جزيرة القرم" .. هذا ما خرج به نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، وقال: "القرم هي روسيا، والهجوم عليها بمثابة الهجوم على روسيا، فالقانون الدولي يحترم إرادة الشعب، فالقرم هي روسيا، والهجوم على شبه جزيرة القرم يعني هجوما على روسيا وتصعيدا للنزاع".

وذكر ميدفيديف إن بلاده لم تحدد قيودا لنفسها عند الرد على أي هجمات ضد أراضيها من كييف، مشيرا إلى أنه "سيكون هناك استعداد لاستخدام جميع أنواع الأسلحة للرد على ذلك"، ويقول محللون، أن روسيا لا يمكنها السماح باستهداف القرم لتكون ساحة معارك، وأنه لن تتعامل بهوادة فيما يخص أمرها، حيث يعد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، اللسان الحامي واللاذع لروسيا، بالإضافة إلى آخرين.

وقال ميدفيديف في حال شنت أوكرانيا أي هجوم على القرم "سيكون هناك هجمات مضادة، وستتحول باقي الأراضي الأوكرانية التي ما زالت تحت سيطرة كييف إلى رماد"، وزاد مدفيديف من تصريحاته النارية، ليقطع الطريق على أوكرانيا التي استرداد القرم من روسيا بعد أو فقدتها في عام ٢٠١٤.

تصريحات أوكرانيا حول القرم .. هل كانت السبب؟

وربط المحللون تلك التصريحات وكأنها ردا على تصريحات مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخائيل بودولاك، والتي قال فيها إن  كييف "ستستعيد شبه جزيرة القرم عبر تنفيذ هجوم تقليدي وفي وقت قصير للغاية، وهي التصريحات التي خجرت خلال الأيام الماضية، ضمن سلسلة تصريحات متبادلة حول هجوم الربيع.

ورغم الحصار الروسي للعديد من المناطق داخل أوكرانيا، أعلن القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكراني، إيجور كليمينكو، عن بدء تشكيل ألوية هجومية خاصة، من الجيش والشرطة وحرس الحدود الأوكراني، "للاستيلاء على شبه جزيرة القرم ودونباس"، وهي لغة تحمل قوة لا تتناسب مع الوضع العسكري الحالي لأوكرانيا على أرض المعركة .. فهل هناك جديد لديها؟.

السر في قاذفات أمريكا الجديدة طويلة المدى

ووفقا لما نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فقد قررت الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بذخيرة طويلة المدى بشكل ملحوظ، يمكن أن يغير ذلك مسار الحرب مرة أخرى، حيث ستزود الولايات المتحدة الآن أوكرانيا بذخيرة مدفعية طويلة المدى، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن البنتاغون، وبناءً على ذلك، ستسلم الولايات المتحدة الأمريكية قنابل GLSD (قنابل صغيرة القطر تُطلق من الأرض) إلى أوكرانيا، والتي يبلغ مدى هذه القنابل حوالي 150 كيلومترًا وهي تعادل ضعف المسافة التي تفصلها الذخيرة السابقة لقاذفات صواريخ هيمارس.

وقد ترددت الولايات المتحدة لفترة طويلة في إرسال تلك النوعية من الأسلحة، وذلك خشية أن يهاجم الأوكرانيون الأراضي الروسية بهذه الذخيرة، ولكن مع إعلان بوتين عن الهجوم الكبير المنتظر، يريد الأمريكيون الآن تجهيز الأوكرانيين بأفضل ما في وسعهم كما كتبت الواشنطن بوست، لأن الذخائر تمكن الأوكرانيين من مهاجمة مراكز القيادة الروسية ومستودعات الذخيرة وخطوط الإمداد البعيدة داخل الأراضي المحتلة.

تلك مخاطر القذائف الجديدة على القرم

وعن مخاطر تلك القذائف، يشرح الخبير العسكري الأسترالي ميك رايان لماذا يمكن أن يصبح هذا مشكلة كبيرة لروسيا، فوفقا لما أكده الخبير العسكري الأسترالي في تحليل قصير على تويتر، فإن تلك الخطوة، هي المفتاح لجعل الهجوم الروسي أكثر صعوبة بشكل ملحوظ، فهذه الأسلحة تسمح للأوكرانيين بإطلاق نيران أعمق بكثير في الأراضي الروسية، ويعد سلاحا مربكا بعد أن تكيفت روسيا مؤخرًا بشكل جيد مع المخاطر التي تشكلها قاذفات صواريخ هيمار وغيرت خطوط إمدادها.

وذكر مايك في تحليله وفق ما نشرته الصحيفة الألمانية، أن هناك ثلاث مشاكل كبيرة لروسيا وللوحدات العسكرية الخاصة بها، وهي

خطوط الإمداد الروسية بحاجة إلى إعادة تنظيم مرة أخرى.

سيتم تقليل قدرة روسيا على حشد الوحدات خلف الخطوط. وبالتالي فإن تجديد الجنود أصبح أكثر صعوبة بشكل ملحوظ. لن تكون روسيا قادرة بعد الآن على الرد بهذه السرعة على التغييرات في خط المواجهة.

يجب سحب المعدات الحربية المهمة (والمكلفة) مثل المروحيات أو الطائرات أو أنظمة الدفاع الجوي إلى أبعد من ذلك. هذا يؤثر على فعاليتها في كل من العمليات الهجومية والدفاعية.

ويكتب رايان: "هذا لا يضع أوكرانيا في وضع يمكنها من تشكيل تهديد لشبه جزيرة القرم، ولكن إذا تمكن الأوكرانيون من استعادة أراضيهم في الجنوب ، فيمكنهم أيضًا مهاجمة شبه الجزيرة التي تسيطر عليها روسيا، ويختتم رايان قائلاً: "هذا تطور إيجابي للغاية، وسيكون لهذه الأسلحة تأثير، ولكن هناك قيد واحد فقط، وهو أنه  لم يتم إنتاج قنابل GLSD في عدد كبير مثل الذخيرة التي تم توفيرها سابقًا.

ليس التهديد الأول

ولا يعد هذا التهديد باستخدام السلاح النووي هو الأول الذي يخرج من روسيا، ففي شهر سبتمبر الماضي، ومع تعرض الجيش الروسي لانتكاسات في أوكرانيا، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام "جميع الوسائل" المتاحة، مما أثار مخاوف من اندلاع صراع نووي لأول مرة منذ عام 1945.

وحينها شكل الرئيس الأميركي جو بايدن فريقا من متخصصين مدنيين وعسكريين لتقييم المخاطر والردود، محذرا روسيا من أنه لا يمكن الانتصار في الحرب النووية، على حد قوله، وكذلك حينها اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتز أن خطر لجوء موسكو إلى السلاح النووي في اجتياحها لأوكرانيا تضاءل لأنّ المجتمع الدولي "رسم خطاً أحمر" لروسيا على هذا الصعيد.

أي نوع من الهجوم قد يطلق بوتين؟

ويبدوا أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أخذت تلك التهديدات بمحمل الجد، وبدأت في وضع سيناريوهات هذا الهجوم لدراسة كيفية التعامل معه، وهنا يستبعد جيمس كاميرون من "أوسلو نوكليير بروجكت" أن يستخدم بوتين ترسانة الأسلحة النووية الروسية الإستراتيجية القادرة على ضرب الولايات المتحدة، ويشعل فتيل ما وصفها بحرب نووية مروعة.

لكن روسيا، القوة النووية الأولى في العالم مع مخزون بنحو 4500 رأس نووي وفق تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، تمتلك أسلحة نووية "تكتيكية" أقل قوة من قنبلة هيروشيما، وقد يقرر الرئيس الروسي تفجير أحد هذه الأسلحة النووية "الصغيرة" في المجال الجوي الأوكراني أو في البحر الأسود، وفقا لعقيدة "التصعيد ووقف التصعيد" النووية الروسية المتمثلة باستخدام سلاح نووي خفيف أولا للتفوق في حالة حدوث نزاع تقليدي مع الغرب.

كذلك يمكن أن يستهدف منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في أوكرانيا أو منشأة عسكرية أوكرانية لترويع السكان وحث أوكرانيا على الاستسلام، أو حتى حث الغربيين على إقناع أوكرانيا بالاستسلام، وفق جيمس كاميرون، وهو كاتب في صحيفة واشنطن بوست.