الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وكيل الأزهر للعلماء في أندونيسيا: مناهجنا مستقرة وآمنة وترسخ للسلام.. «وثيقة الأخوة الإنسانية» ولدت من فكر أزهري خالص.. وعليكم إعادة قراءة التراث ورحابة الفكر

وكيل الأزهر
وكيل الأزهر

وكيل الأزهر في المؤتمر العالمي الأول لفقه الحضارة بإندونيسيا

الفقه لا يكفي فيه حفظ المتون ولايتم بتناول أحكام جزئية 

مناهج الأزهر مستقرة وآمنة ترسخ الروح الحقيقية للإسلام

منهج الأزهر استبعد من قاموسه كل ما يؤدي إلى انغلاق و تعصب

«وثيقة الأخوة الإنسانية» ولدت من فكر أزهري خالص

قوافل السلام صدرت منهج الأزهر إلى العالم

على العلماء إعادة قراءة التراث ورحابة الفكر

 


قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الفقة في الدين لا يكفي فيه حفظ المتون والشروح والحواشي، ونقلها دون أن نأخذ منها زادا يضبط واقعنا المتجدد، كما أن هذا الفقه لايتم بتناول أحكام جزئية وردت في سياقات خاصة دون فهم المقاصد العامة، مؤكدا أن الفقة الألم والأكمل هو فقه السعادة، وفقه العمران، وفقه السلام، وأن هذه هي الترجمة الحقيقية لفقه الحضارة.

وعن كيفية إسهام العلماء في بناء السلام، أوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر العالمي الأول لفقه الحضارة، بإندونيسيا، والذي تنظمه جمعية نهضة العلماء الإندونيسية بعنوان: "فقه إسلامي جديد لأجل الحضارة الإنسانية الجديدة (فقه الحضارة)"، أن السلام لا يكون إلا على أيدي الأمناء أفرادا ومؤسسات، مؤكدا أن الأزهر الشريف مؤسسة مسندة، ورجاله أمناء، ومناهجه المعرفية مستقرة وآمنة ومرنة في الوقت نفسه، كما أن مناهج الأزهر الشريف تعمل منذ نشأته على ترسيخ الروح الحقيقية للإسلام في عقول الطلاب والمنتسبين ووجدانهم، عبر ترجمة صادقة لجوهر التراث الإسلامي الذي يدور حول أبعاد ثلاثة، هي العقيدة، والشريعة، والسلوك.

وأضاف وكيل الأزهر أن التكوين الأزهري اعتمد على مزج تلك الأبعاد الثلاثة (العقيدة والشريعة والسلوك) امتزاجا كاملا متناغما، من خلال دراسة علوم النقل والعقل والذوق، موضحا أن هذا التكوين الأزهري بهذا التركيب المتفرد يمثل وسطية الإسلام التي هي أخص وصف لهذا الدين القيم، كما يمثل الفهم المعتدل لنصوص الكتاب والسنة، وما نشأ حولها من إبداعات علمية وفكرية وروحية، كما أنه يرسخ في ذهن الطالب الأزهري، منذ نعومة أظفاره مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف، معتمدا على السعة العقلية والقلبية، التي مكنت هذا المنهج من أن يجنب أبناءه الانغلاق في الفكر، والتعصب للرأي.

وأوضح الدكتور الضويني أن المنهج الأزهري تجاوز مرحلة ترسيخ مبادئ الحوار وشرعية الاختلاف واحترام الرأي الآخر ومشاعر الرحمة والدين والرفق داخل الأمة المسلمة وحدها، وانطلق بطلابه ومنتسبيه إلى دائرة أوسع وأرحب، عمل فيها على ترسيخ المبادئ ذاتها فيما يخص علاقة الإسلام بغيره من العقائد والملل، بالإضافة إلى ضبط حركة حياة الإنسان حتى مع الجمادات من حوله.

وأكد الدكتور الضويني، أن منهج الأزهر الشريف استبعد من قاموس علومه كل ما يؤدي إلى انغلاق و تعصب، وما يترتب عليهما من فرقة وشقاق ثم من تكفير وقتل، فأصبح المذهب الوسط بين جموح العقليين وجمود النصيين، مشددا على أنه سيبقى، بما أنس عليه من تعددية مقبولة، وحوار منتج، وعقل مؤيد بالنقل، أقدر المناهج على علاج أزمة العقل الإسلامي المعاصر، وما آلت إليه الأمة من تفكك واضطراب وفوضى، وما تشهده الأوطان من دعوات مريبة تهدد استقرارها، وتشتت جهودها، وتفرق جمعها بدعاوى طائفية ومذهبية باطلة لا ترعى حرمة الأوطان ولا الإنسان، ولا تقيم وزنا لقيم العيش المشترك والسلام بين الناس.

وقال وكيل الأزهر، إن الأزهر الشريف عاش، منذ تأسيسه إلى يومِ النَّاسِ هذا، يقوم بواجبه في تعليم الإسلام كما أراده الله رحمةً، وسلامًا، وأُخوَّةً، وكما بلغه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم هدى ونورا وعدلاً ومساواة بين النَّاسِ، لافتا إلى أن الأزهر حين أدرك بحسه الديني، وواجبه الإنساني، ودوره العالمي، حاجة البشرية إلى نورِ الوحي الذي يبدد ظلماتِ العنف والتطرف، ويكشف التياراتِ المنحرفة اسْتَنْبَتَ من حياض الشريعة نبتا جديدًا معاصرا، أثمر وثيقتين: جاءت أولاهما عام ،2017، تحت عنوان: «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك»، وجاءتْ الثَّانية عام 2019، تحت عنوان: «وثيقة الأخرة الإنسانية».

وأوضح الدكتور الضويني، أن الأزهر في الوثيقة الأولى أكد على أن «المواطنة مصطلح أصيل في الإسلام ترجمه الصحابة إلى واقع عملي، وظهرت ثمراته في حياتهم مع غيرهم، وأن المواطنة الحقيقية لا إقصاء معها، ولا تفرقة فيها، وإنما تقبل التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية، وأن المواطنة الصادقة تستلزم بالضرورة إدانة كل التصرفات والممارسات التي تفرق بين الناس بسبب من الأسباب، ويترتب عليها ازدراء أو تهميش أو حرمان من الحقوق، فضلا عن الملاحقة والتطبيق والتهجير والقتل، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام.

وأضاف وكيل الأزهر أن «وثيقة الأخوة الإنسانية» ولدت من فكر أزهري خالص؛ لتخاطب العالم كله، بدءًا بقادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصادية العالمية، من أجل وقف الحروب وسيل الدماء غير المبرر، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والوقوف في وجه الانحدار الثقافي والأخلاقي الذي يعارض القيم والثوابت.

ولفت الدكتور الضويني إلى أن الأزهر لم يتوقف عند تحرير العلم الآمن وتدريسه، وإصدار الوثائق والبيانات الهادية، وإنَّما انطلق منهج الأزهر حيا متحركا ونقل مضامين منهجه في قوافل سلام تجوب أرجاء الأرض، وتطرق أبواب الشعوب، وتتعاون مع كل القيادات، وخاصة القيادات الدينية، وتأخذ بأيدي الجميع إلى قيم السلام والتعايش، وعقد لقاءات حوارية تشاورية متعددة، كان من آخرها منتدى البحرين للحوار، إيمانا من الأزهر بأن الحوار المنتج هو طوق النجاة للإنسانية من أزماتها الخانقة، مشيدا بجهود «مجلس حكماء المسلمين» برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر ، ودعمه وعنايته بالتعايش والسلام.

زأكد الضويني، أنَّ الفقة الحضاري في ظلَّ الشَّريعة الإسلامية يهدف إلى تحقيق الحياة الكريمة، وينقل عقلية المسلم من دائرةِ التَّبعيَّةِ والتَّخلُّفِ إلى دائرة الريادةِ والتَّقدُّمِ، وذلك على مستوى القلبِ والعقل والعلم والاقتصاد والثقافة وغير ذلك من مجالات الحياة، موضحًا أن هذا التقدم لن يتم هذا إِلَّا عن طريق العلم الواعي، الَّذِي يقرُّ السَّلامَ منهجا للحياة.

ودعا وكيل الأزهر، العلماء والدعاة والمفكرون لأن يكون همهم الأول هو حفظ وحدة الأمة، وحماية الشُّعوب من التَّمَرُّقِ والتَّنازعِ، الَّذي يبدأ بالإقصاء والتهميش والازدراء، ويصل إلى التكفير والتَّبديعِ والتَّفسيق لأدنى خلاف.

كما أوصى وكيل الأزهر العلماء بأن تتسع قلوبُهم وعقولهم للتنوع ما دام في إطار القواعد المستقرة، وأن يكون لديهم من رحابة الفكر وسلامةِ النَّظرِ ودقَةِ التَّامل ما يعين على الوصول إلى الحق دون الانغلاق على مذاهب بعينها، وأن يعيدوا قراءةَ التُّراثِ وتقديمه للنَّاسِ بهذه النظرةِ الجديدة، وأن يرتكنوا إلى ما في التُّراثِ من قواعد حاكمة جعلته يستجيب للحاجات الحياتية المتجددة.

وأضاف الدكتور الضويني خلال توصياته، أن تُبنى البرامج التعليمية والتثقيفية على ما يؤكد وحدة الأمة ويدعمها، وأن تنحي من حياتنا التعليمية والتثقيفية كل ما يعبث بهذه الغاية المقدسة، وكل ما يجذر لفرقة بغيضة أو اختلاف ممرض، وأن يُفوِّتَ العلماء والمفكرون والعقلاء الفرصة على المتربصين بالأمة الذين ينتظرون أي فرصة للطعن في ثوابتها وأصولها، ويعملون على تشويه هويتها.

وفي ختام كلمته قال وكيل الأزهر  إنَّ الأُمَّةَ أُخرجَها ربُّ العالمين للنَّاسِ كُلِّ النَّاسِ، تأمرهم بالمعروف من أمن وسلام وأمان، وتنهى عن المنكر من ظلم وبغي وطغيان، مؤكدا أنَّ إقرارَ السَّلامِ يجب أن يكونَ توجها عاما تعمل عليه كل المؤسسات والمنظمات والحكومات، وخاصَّةٌ المؤسسات المسندة بما لديها من مناهج مستقرة، وبما فيها من رجال أمناء، وبمثل هذا يتحقَّقُ السَّلامُ في أرجاء الكون.

332aa263-818e-4586-97bd-eddda51f92ab
332aa263-818e-4586-97bd-eddda51f92ab
6495c496-a2af-4531-bbf6-759033f481a2
6495c496-a2af-4531-bbf6-759033f481a2
bb611521-7357-461e-ae3c-0b5bcbfaf928
bb611521-7357-461e-ae3c-0b5bcbfaf928