دعم مصري ثابت.. ماذا تحمل زيارة رئيس وزراء العراق للقاهرة؟

تجمع مصر والعراق علاقات وثيقة وتاريخية على المستويين الرسمي والشعبي، وتشابك حضاري وثقافي ممتد عبر التاريخ، فالعلاقات المصرية العراقية هي علاقات ود وتعاون بين قيادات البلدين وشعبيهما.

فدائما مصر تقف إلى جوار العراق في أزماته وتدعمه بكل ما يحتاج إليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتشكل مصر مع العراق تحالفا قويا بوسعه أن يغير الخريطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

رئيس الوزراء العراقي 

واستقبل رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، صباح اليوم بمطار القاهرة الدولي، رئيس وزراء جمهورية العراق محمد شياع السوداني، في زيارة رسمية.

كما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوزير العراقي، وبحث السيسي والسوداني العلاقات الثنائية بين العراق ومصر وسبل توطيدها، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفق ما أعلن مكتب مجلس الوزراء العراقي.

وأعرب الرئيس السيسي عن "رغبة مصر واستعدادها للتعاون مع العراق في مختلف المجالات"، مؤكداً "اعتزازه بالعراق، ومكانته ودوره في المنطقة".

ومن جانبه، أبدى رئيس الوزراء العراقي استعداد بلاده بالمضي قدما في إنضاج العمل المشترك مع مصر، مؤكدا انفتاح العراق على آفاق جديدة من التعاون والتكامل في مختلف المجالات مع مصر.

وشهد "اللقاء أيضاً البحث في تفعيل اللجان المشتركة، بما يعضد من الشراكة بين البلدين الشقيقين".

وأكد السوداني، بحسب البيان: "استعداد العراق بالمضي قدماً في إنضاج العمل المشترك، والانفتاح على آفاق جديدة من التعاون والتكامل في مختلف المجالات"، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي.

وأضاف البيان، أنه "جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل توطيدها، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك"، مبيناً، أن "اللقاء شهد أيضاً البحث في تفعيل اللجان المشتركة، بما يعضّد من الشراكة بين البلدين الشقيقين".

وقال خبير العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، إن زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مصر زيارة في غاية الأهمية خاصة أنها تأتي في توقيت دقيق يمر به العالم أجمع.

وأوضح فارس ـ في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن العلاقات المصرية العراقية هي علاقات تاريخية، وزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى مصر تعد هي الأولى له منذ توليه السلطة، مؤكدا أن العلاقات المصرية العراقية "أخذت منحنى أكثر قوة وثبات خاصة في ظل الأزمات المتعاقبة والتي تتطلب أن يكون هناك تكاتف عربي".

وأكد أن العراق البوابة الشرقية للمنطقة العربية، وبالتالي لا بد أن يكون هناك تنسيقا وتشاورا فيما يخص القضايا السياسية وأيضا القضايا الاقتصادية، خاصة وأن الرئيس السيسي ومنذ توليه الحكم يسعى بكل قوته لاستقرار الأوضاع في العراق بشكل كبير.

ولفت: قام الرئيس السيسي بزيارة العراق في يوليو 2021 وعقد قمة مصرية عراقية وكانت الزيارة هي الأولى لرئيس مصري منذ أكثر من 30 عاما، وبعدها بأيام قليلة شارك الرئيس في قمة بغداد الأولى التي عقدت بالعاصمة العراقية بغداد.

وأكد: نجحت الجهود المصرية والدولية في تهيئة الأجواء داخل العراق لإجراء الانتخابات، وحتى بعد إجراء الانتخابات كانت هناك جهود مصرية للعمل على استقرار العراق بشكل كبير من خلال المشاركة في قمة بغداد 2، وأيضا التنسيق والتشاور دائما وأبدا فيما تشهده المنطقة من تطورات.

العلاقات المصرية العراقية 

ويرتبط العراق ومصر بعلاقات تاريخية تمتد إلى أوائل القرن الماضي، عندما حصل البلدان على استقلالهما، والتي أكد عليها مؤخرا الرئيس السيسي، وذلك من خلال سرعة تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق ودعم أمنه واستقراره.

ومنذ تولي السيسي المسئولية عام 2014 وهو يولي أهمية كبيرة للعراق حيث أعلن صراحة أن مصر تدعم بغداد وجيشه في محاربة الإرهاب، ولم تمر مناسبة إلا وكانت مصر بجانب العراق ما أدى إلى إعلان بغداد استعدادها لدعم مصر وتوفير احتياجاتها من النفط وتطور الأمر الآن لصيغة جيدة وهي النفط مقابل الإعمار وتقضي بإنجاز احتياجات العراق البنيوية مقابل شحنات نفط للشركات المصرية.

وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين كانا من المؤسسين لجامعة الدول العربية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ثم عقد البلدان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مثل السوق العربية المشتركة والاتفاقيات العسكرية مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك ومشروع الوحدة الثلاثية.

وتعد العلاقات المصرية العراقية علاقات تاريخية ومترسخة، حيث وقفت العراق بجانب مصر فى حرب أكتوبر 1973 ووقفت مصر بجانب العراق فى حربها ضد إيران خلال الفترة 1980-1988، وكانت مصر من أوائل الدول المستضيفة لمؤتمر دول جوار العراق فى شرم الشيخ فى 2007، بالإضافة إلى التنسيق المستمر بين الدولتين فى سبيل إعادة العراق إلى مكانتها ودورها فى معادلة الأمن العربي، وتجسد ذلك فى عدة لقاءات للتنسيق المشترك بين الدولتين وآخرها زيارة وزير الدفاع العراقي إلى مصر في نوفمبر 2020، وكذلك التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق فى قمة عمان فى 25 أغسطس 2020.

بالإضافة إلى انعقاد اللجنة العليا المصرية العراقية فى بغداد فى الفترة من 28-31 أكتوبر 2020 برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ورئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي.

وعمّق العراق ومصر في الآونة الأخيرة تعاونهما الثنائي بتوقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرتوكول تعاون في مجالات عدة، وذلك خلال اجتماعات “اللجنة العليا المشتركة” بين الجانبين، التي عقدت أعمالها في بغداد العام الماضي، وترأسها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ونظيره العراقي السابق مصطفى الكاظمي، بمشاركة أعضاء الجانبين المصري والعراقي، وعدد من المسئولين الحكوميين بالبلدين.

وأكدت الثوابت السياسة لمصر تجاه العراق، على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض جميع أشكال التدخلات الخارجية في شؤونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده.

ودائما ما تشدد مصر في الوقت نفسه على تفهمها الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتي تؤهلها لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدولي.

والجدير بالذكر، شاركت مؤخرا الشركات المصرية في تطوير البنية الأساسية، وجهود إعادة الإعمار، وتنمية وتطوير قطاع الإنشاءات والإسكان في العراق، وحيث أسهمت عمليات الإعمار في توفير فرص العمل، ونقل خبراتها للكوادر العراقية في هذا المجال.

وقد أبرم الجنبان مؤخرا عدة اتفاقيات في مجالات مختلفة كالبترول والثروة المعدنية، ومذكرة تفاهم للتعاون والتدريب وتبادل الخبرات في مجال العدل والقضاء، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الموارد المائية والري، وأخرى بين سوق العراق للأوراق المالية والبورصة المصرية.

وكما تضمنت تلك الاتفاقيات تعاونا مشتركا في مجال النقل والإسكان، حيث وقع مسئولو البلدين مذكرتي تفاهم في مجال الطرق والجسور، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان والتشييد، كما وقعت مصر والعراق مذكرة تفاهم في مجال الاستثمار، وبروتوكول تعاون مشترك بين اتحاد الصناعات العراقي ونظيره المصري.