قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بيأذن في مالطا.. بالعربي

المستشار أحمد المعز
المستشار أحمد المعز

كنت قد عقدت العزم ، وشددت الرحال بعدما أديت ما كلفت به من أعمال قاصدا إحدى العواصم الأوروبية لقضاء العطلة الصيفية كعادتي السنوية، و كان إختياري قد وقع علي جزيرة صغيرة تقع في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الإيطالية شمالا ، والليبية جنوبا ، والتونسية غربا هي جمهورية مالطا.

كنت لم أتمكن من عمل البحث الإستكشافي المعتاد الذي أقوم به عن الدولة المسافر إليها لمعرفة أهم مزاراتها السياحية ومدنها الرئيسية بسبب إنشغالي ببعض الأمور العائلية و الوظيفية ، وعقب وصولي لمطار القاهرة الدولي وإنهاء كافة الإجراءات من شحن للحقائب وختم للجوازات وأثناء إنتظاري لموعد إقلاع رحلتي في منطقة الترانزيت قررت القيام ببحث سريع ، وكان أكثر ما شد إنتباهي أثناء البحث والقراءة عن جمهورية مالطا هو بعض الأسماء العربية لمدنها الرئيسية و مناطقها السياحية مثل ( مدينة ، سليمة ، زيتون ، الرباط ) و فسرت ذلك إجتهادا مني دون تأكد أو تأصيل لسيطرة الدولة العثمانية في فترات سطوتها العسكرية علي أغلب سواحل البحر المتوسط و إنعكاس ذلك علي أسماء بعض المدن و المناطق في جزر المتوسط ، وسريعا مرت الساعات حتي سمعت صوت الطيار المسئول ينادي منبها لربط أحزمة الأمان إستعدادا لهبوط رحلتنا في مطار مالطا الدولي ، ذلك المطار شديد التنظيم و الذي لا تزيد مساحتة عن مساحة محطة مصر ، و بمجرد نزولي من على سلم الطائرة و دخولي لصالة الوصول إنتابتني تلك النشوة التي لا أشعر بها إلا مرتحلا بين الأمصار ، خاصة مع رؤيتي لموظفين الجوازات المالطيين بملاحهم الأورومتوسطية و التي لا أخطئ في تمييزها عقب إلتقائي بالعديد من أبناء تلك الشعوب في أسفاري.

وفي أقل من ساعة واحدة كنت قد وصلت للفندق الذي أقيم به في منطقة سليمة ، مستقلا إحدي الحافلات العامة المنتشرة بشكل كبير والمنتظمة في مواعيدها ، والتي تعد جزءا من شبكة المواصلات التي تغطي أغلب أنحاء الجزيرة.

قررت الخروج في تمشية سريعة لإستكشاف المنطقة وشراء بعض الأغراض وتناول وجبة الغداء، وكان أول ما تلاحظ لي هو الطراز المعماري البديع للبنايات السكنية الذي يشبه إلى حد بعيد الطراز المعماري لبعض المباني التاريخية في منطقة وسط البلد في القاهرة ومنطقة المنشية و محطة الرمل في الإسكندرية ، و اللافتات الإرشادية لأسماء الشوارع و الأزقة مسبوقة بكلمة " طريق " مكتوبة بحروف الأبجدية الإنجليزية.

وبدلوفي إلى أحد محلات البقالة الكبري بالمنطقة وسماعي لأحاديث السكان المحليين التي يتخللها بعض الألفاظ العربية الخالصة حدثتني نفسي هل يتحدثون العربية ؟ أم أنه الإلتباس الذي أقع فيه في الأيام الأولي لكل رحلة من رحلاتي حتي تعتاد مسامعي لغة البلد الذي أزورة، زحام من الأفكار قطعة صوت موظف الكاشير الذي حدثني قائلا "مرحبا " فسألتة بإنجليزية متوسطة الجودة عما إذا كان عربيا ظنا مني أنه أحد الأخوة العرب الذين زادت أعدادهم بالمدن الأوروبية خاصة بعد فترة الربيع العربي فأجابني نافيا وأضاف أنه مالطيا أبا عن جد ، فسألته عن كيفية إجادته للعربية فعاد للنفي من جديد وأكد لي أنه يتحدث المالطية وأن العبارت التي رحبني بها هي عبارات من اللغة المالطية حتى قررت إنهاء حيرتي بدفع ثمن ما قمت بإبتياعة والعودة للفندق حتي أقف علي حقيقة اللغة المالطية والتي تتظاهر بكونها عربية، حتى قادني لمفاجأة مذهلة و هي وجود تطابق يصل إلي نسبة سبعون في المائة بين اللغتين في النطق لدرجة
وجود عبارات كاملة مشتركة مثل " كيف حالك ، مرحبا ، كم عمرك " و الكثير من أسماء المأكولات والفواكه.

وهنا قررت ألا أفوت تلك الفرصة التي قد لا تأتي في العمر إلا مرة واحدة ، و هي فرصة التحدث بلغتي الأم ( العربية ) في دولة أوروبية.

وفجأة وجدتني أشعر بلذة غريبة وأنا أمشي مبتسما في الشوارع والطرقات المالطية ملوحا لأصحاب المحلات وحراس العقارات وموظفي الإستقبال الخارجي للفنادق قائلا ( مرحبا ، و كيف حالك ) وسماع ردودهم الغير مفهومة و المصحوبة بإبتسامات ودودة و دعوات لإحتساء المشروب الرسمي ( الشاي بالحليب ) وكأنني أتجول بين الحقول و المنازل المتواضعة في موطني الأصلي بإحدي القري الصغيرة بصعيد مصر مرتديا جلبابي الصوفي و شالي الكشمير مما جعلني أشعر بألفة غير مسبوقة لي في أسفاري - زادها الطبع المضياف و الودود للشعب المالطي – إمتدت معي حتي أخر أيام رحلتي في الجزيرة و لم يقطعها سوي شعوري بضرورة المغادرة لإستكمال الترحال و إشباع الرغبة في الإستكشاف و التي لا تنقطع عند من ذاق لذته.