الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منال الشرقاوي تكتب: الخطأ الذي لا يغتفر!

صدى البلد

 

كانت تعبر الطريق وهي متكئة على ذراعه ،وحينما وصلت للرصيف رفعت إحدى ساقيها لتصعد ، ثم التفتت إليه بابتسامة لم أفهم معناها ، وقالت :" شكرا يابني ..عندي اتنين زيك ،بس مابقوش يسألوا عني من بعد ما اتجوزوا ".
ثم ابتسمت مرة أخرى لكنها في هذه المرة كانت تنظر للسماء ، وهنا عرفت معنى إبتسامتها الأولى للشاب. 
كنت في هذه الأثناء على الرصيف في انتظار إحدى رفيقاتي ، وكنت أتابع حوارهما الذي دام قرابة الخمس دقائق وهي تتكلم عن ولديها بحب وحنان مصحوبين بحسرة وأسى .
كانت هذه الدقائق كفيلة بأن تجعلني أعيش معها هذا الشعور الغريب ، وهنا سألت نفسي ،تُرى ما سبب هذا العقوق ؟
أو دعني أستخدم لفظ " جفاء " فقد يكون أقل وطأة يجعلني أكتب ولا تنهمر دموعي ! 
تناثرت الأسئلة في ذهني ، هل كانت أما قاسية وهذه ردة فعل من الأبناء حينما كبروا واستقلوا ؟!
هل كانت أما حنونا أكثر من اللازم مما جعلهم مدللين واعتادوا الأخذ دون العطاء ؟
هل .. هل .. هل ..
في الحقيقة هناك عدة أسباب لجفاء الأبناء،ويأتي في مقدمتها انعدام التواصل .
فعدم التواصل الجيد بين الأبناء والوالدين يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالانفصال والتباعد العاطفي، وهذا يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عقوق الأبناء.
وقد تكون هناك بعض الضغوط الاجتماعية، فقد يتعرض الأبناء لضغوط اجتماعية وثقافية تؤدي إلى عدم الرضا عن الوالدين، وهذا الشعور قد يؤدي بهم إلى هذا الجفاء.
وهناك سبب ثالث قد يكون في الصراعات العائلية، فقد تحدث صراعات بين أفراد الأسرة وخاصة بين الوالدين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الانفصال والتباعد بين الأبناء والوالدين.
ولا يمكن أن نتجاهل أنه قد تحدث تغييرات في حياة الأبناء مثل الزواج أو الانتقال إلى مكان بعيد، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم التواصل وعدم الرضا عن العلاقة مع الوالدين.
كانت تدور في ذهني كل هذه الأسباب وغيرها ، لكن ما كان يشغلني هو النتيجة التي وصلت إليها هذه السيدة ، تُرى ما هو شعورها في هذه اللحظة ، هل باستطاعتها تغيير شيء في حياتها ؟
هل مشاعرها تغيرت تجاه أبنائها ؟
وفجأة قطع تساؤلاتي سؤالها للشاب ، فقالت ببراءة :
" والدتك عايشة ؟"
فرد الشاب عليها بابتسامة وهز رأسه وأخبرها أنها موجودة وأنها في انتظاره منذ الصباح وقد تأخر عليها بسبب مواعيد عمله .
فكان رد السيدة : 
" ماتزعلهاش .. وتعرف .. حتى لو زعلتها ماتخافش 
هى عمرها ماهتزعل منك ، ويوم ماهترفع ايدها للسما هيكون عشان تدعيلك ، وتطلب من ربنا انه يردك ليها ،ويسامحك ..ماهي أمك برضه ولازم تخاف عليك ".
كانت كلماتها البسيطة رداً كافياً لكل تساؤلاتي عن شعورها في هذه اللحظة .

"الوالدين هما أرقى الملائكة التي تحلق حولنا، فلا تتجاهلون حضورهما ولا تستهينون بمحبتهما، فقد أعطوا من وقتهم وجهدهم وعمرهم من أجل راحتكم وسعادتكم.
هما الأمان الذي لا ينضب، ففي أحضانهما نجد الحنان والدفء، وفي قلوبهما نجد الحب الذي لا يتغير، فلا تستهينون بقيمتهما ولا تتركون الحياة تبتلعكم قبل أن تعبروا عن امتنانكم وتقديركم لهما".

سؤالي الآن لنفسي ولكل من يقرأ المقال:
هل اكتفيت بقول كلمة 'شكرًا'؟ هل تعتقد أنك أعطيت والديك ما يستحقون ؟