الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

توجيه حكومي لإحياء الصناعات المصرية وتقليل الاستيراد.. أية الحكاية

توطين الصناعة
توطين الصناعة

اتخذت الدولة المصرية عدة إجراءات الهدف منها العمل على تقليل الاستيراد والحد منه دون المساس بالنشاط الإنتاجي والتأثير على استيراد مستلزمات الإنتاج، حيث تضع الدولة على رأس أولوياتها في السنوات الأخيرة توطين الصناعة وإحياء الصناعات المصرية والتوجيه بمزيد من التوسع في جهود توطين عدد من الصناعات وخاصة الثقيلة، في إطار استراتيجية التوطين المحلي لصناعة مستلزمات الإنتاج كهدف استراتيجي وفقا لمعايير الجودة العالمية.

توطين الصناعة وإحياء الصناعات المصرية


واهتمت الحكومة والبنك المركزي المصري بملف زيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبي والذي يحتل أولوية قصوى لدى كل من الحكومة والبنك المركزي من خلال تكثيف الجهود المشتركة لتنمية الموارد الدولارية من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى جانب تحفيز القطاع السياحي فضلا عن المبادرة الخاصة بسيارات المصريين العاملين في الخارج وغيرها. ولحل مشكلة تكلفة التمويل، أعلنت الحكومة عن عدة تسهيلات للمستثمرين، كتعميم إصدار الرخصة الذهبية لكافة أنواع الأنشطة الاستثمارية دون تمييز لمدة ثلاثة أشهر، وطرح الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع وتكليف هيئة التنمية الصناعية بسرعة إصدار التراخيص الصناعية، والتوسع في إنشاء المجمعات الصناعية. وفي مارس الماضي أصدر البنك المركزي كتابا دوريا، لمخاطبة البنوك بتفاصيل تنفيذ المبادرة ذات الفائدة المدعمة %11% على أساس متناقص لدعم القطاع الصناعي والزراعي، والتي وافق مجلس الوزراء على إقرارها بجلسته رقم 225.


وكذلك أعيد تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار، وصدر عنه 22 قرارًا في اجتماعه الأول، في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية تستهدف تحقيق نقلة نوعية في خفض تكلفة تأسيس الشركات والحد من القيود المفروضة على التأسيس ، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم حزمة متكاملة، وتنافسية، من الحوافز والتسهيلات في القطاعين الزراعي والصناعي وقطاع والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، وقطاع الإسكان وما يخص المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة وكذا قطاع النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد استراتيجية التسعير.

إحياء الصناعات المصرية

وعلى المدى البعيد تتجه الدولة لتوطين صناعة مستلزمات الإنتاج ضمن خطة الدولة لتعميق التصنيع المحلي، وذلك بدلا من استيرادها، لخفض فاتورة الاستيراد وتقدم الحكومة التيسيرات اللازمة الرجال الصناعة، بخلاف إعلان استعدادها للدخول في شراكات مع المصنعين، مع تولي المصنعين مسؤوليات الإنتاج والإدارة والتسويق والتشغيل وغيرها لتحقيق الهدف الأسمى بتصدير 100 مليار دولار، لم تتوان الدولة في السير نحو توطين الصناعة في مصر، وزيادة المكون المحلي، ونقل الخبرات والتكنولوجيات المطبقة عالميًا إلى الصناعة المحلية لذا كان أحد أهم وأبرز هذه الخطى إعادة هيكلة الاقتصاد المصري مرة أخرى، فقد تم اعتماد البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي، وركيزته الأساسية تتمثل في توسيع الوزن النسبي لثلاثة قطاعات . هي والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك من خلال تعزيز بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الصناعة الخاص، بجانب تحسين كفاءة سوق العمل ونظام التعليم والتدريب التقني والمهني، ورفع مستوى حوكمة وكفاءة المؤسسات العامة، وتعزيز الشمول المالي وتسهيل الحصول على التمويل، بالإضافة إلى تعزيز تنمية رأس المال البشري من التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

 

في هذا الصدد، أعلنت الحكومة في مايو 2022 عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتعلن عن خريطة الأنشطة الاقتصادية التي ستنخرط فيها الدولة خلال العشر سنوات القادمة. لتشجيع القطاع الخاص على الانخراط في النشاط الاقتصادي وخاصة بالمشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية. فمن المستهدف أن يصل نصيب القطاع الخاص إلى نحو 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة في غضون أربع سنوات، وذلك بدلا من حصته التي تبلغ نحو 3% الآن.

واعتمدت الدولة عددًا من القوانين والإجراءات لتحسين بيئة الأعمال في مصر، كقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون الاستثمار والإصلاح الضريبي بجانب تفعيل الخريطة الاستثمارية، إضافة إلى التعديلات التي تمت على قانون المؤسسات العامة، وقانون الجمارك، والتعديلات على قانون سوق رأس المال، وقانون تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب البعد القانوني والمؤسسي.

وكذلك إعداد الإطار الاستراتيجي للشراكة من أجل التنمية المستدامة بين مصر والأمم المتحدة 2023-2027، والذي يهدف إلى دعم أولويات وجهود الحكومة المصرية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية استنادًا إلى ما تحقق من جهود تنموية في الإطار الاستراتيجي للشراكة للفترة من 2022-2018. وفي هذا الصدد فإن التمويلات الجارية الموجهة للهدف التاسع المعني بالصناعة والابتكار والهياكل الأساسية تبلغ حاليا نحو 5.7 مليارات دولار تمثل نسبة 22.3% من إجمالي التمويلات التنموية وينفذ من خلالها 118 مشروع .

وجرى تشكيل مجلس لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلي في نوفمبر 2021، والذي يختص بالمتابعة والتحليل المستمر لبيانات هيكل الواردات، بالتعاون مع الجهات المعنية بوزارة التجارة والصناعة. وفي هذا الصدد، تم تحديد قائمة المنتجات المستهدف التعاون بشأنها مع عدد من ممثلي القطاع الخاص في مختلف المجالات الصناعية؛ ذلك على أن تتوافر بالشركات ورجال الأعمال المرشحين للتعاون مع الحكومة في ملف توطين مستلزمات الإنتاج محليا عدة معايير أبرزها قيام الشركة أو رجل الأعمال المُرشح بالإنتاج الفعلي لعدد من المنتجات المستهدفة أو إنتاج منتجات تتشابه في طبيعتها ومدخلات إنتاجها مع عدد من المنتجات المستهدفة، وأن يكون للشركة سابقة بالتصدير لعدد من الأسواق، بما يضمن القدرة الفنية للمرشح على استيفاء المواصفات القياسية ومعايير الجودة الموضوعة لإنتاج السلع المستهدفة وإتمام عمليات التوريد، بالإضافة إلى اعتماد نشاطها التصنيعي على التطوير المستمر لعمليات الإنتاج ونقل التكنولوجيا. بالإضافة إلى ما سبق فإن الجهود لم تتوقف عند ذلك، فقد تم الإعلان في يونيو الماضي عن إنشاء 4 مدن صناعية و 17 مجمعا في 15 محافظة ، و 100 إجراء لتحفيز القطاع الصناعي ودعمه ب12 مليار جنيه، وهو ما يؤكد على التوجه القوي لتعميق الصناعة المحلية في بعض مجالات الإنتاج عوضا عن الاستيراد، وأبرزها الصناعات الدوائية والغذائية والهندسية مع السعي لفتح منافذ تسويق جديدة في الأسواق الأفريقية خاصة، كما أولت الدولة اهتماما بالغا في تعزيز منظومة إنشاء المجمعات الصناعية لتلبية احتياجات الصناعة المحلية من مستلزمات الإنتاج والسلع الصناعية الوسيطة، حيث تمثل هذه المجمعات منظومة متكاملة تستهدف توفير المناخ والبيئة والبنية التحتية اللازمة لدعم الصناعات المقامة بها، وتوفير فرص للتوسع بتلك الصناعات.


وأدت الجهود التي تم اتخاذها خلال الأشهر بل السنوات الماضية إلى ارتفاع صادرات مصر من الصناعات الهندسية بنسبة %19 خلال الشهور التسعة الأولى من 2022 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب بيان من المجلس التصديري للصناعات الهندسية. وأوضح البيان أن الصادرات الهندسية بلغت 2.74 مليار دولار في أول 9 أشهر من عام 2022 مقابل 2.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021.

وأضاف المجلس أن أبرز القطاعات التي زادت صادراتها منذ بداية 2022 حتى سبتمبر بالمقارنة بنفس الفترة عام 2021 تتضمن قطاع الأجهزة الكهربائية بنسبة ارتفاع ،18 وصادرات الكابلات بنحو %48، وصادرات مكونات السيارات بنسبة زيادة .15.1. وتأتي أوروبا المملكة المتحدة – فرنسا – ألمانيا - التشيك - إسبانيا) من أهم الدول التي زادت صادرات مصر من الصناعات الهندسية إليها في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2022 تليها آسيا (السعودية - الإمارات - الكويت - الأردن - لبنان)، ثم أفريقيا (الجزائر - المغرب - ليبيا - كينيا).

وقد انخفضت قيمة العجز في الميزان التجاري شهر مارس 2023 بنسبة 49.6%، فقد بلغت قيمة العجز في الميزان التجاري 1.96 مليار دولار خلال مارس 2023 مقابل 3.89 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق. وقد ارتفعت قيمة الصادرات من بعض السلع خلال شهر مارس 2023 عن مثيلتها.


وخلاف مستلزمات الإنتاج والمعوقات الفنية التي تم العمل على علاجها خلال السنوات الأخيرة، كانت العمالة المصرية قاطرة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر على وجه العموم، وحجر زاوية في دعم قطاع الصناعة على وجه الخصوص، فكانت لاعبًا أساسيا في تحسين جودة المنتجات وزيادة تنافسية الصناعة المصرية على المستوى المحلي والعالمي. ولأن الاستثمار في التدريب وتطوير مهارات العمالة المصرية يعزز قدرتها على تبني التكنولوجيا الحديثة وتطبيق الممارسات الصناعية العالمية، تم العمل على تحسين حقوق العمالة وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية.

وفي هذا الصدد، قامت الحكومة بتحديث التشريعات المتعلقة بالعمل، وضمان الحق في الإجازات والأجور المناسبة والضمان الاجتماعي، مع تنفيذها بشكل فعال من قبل الجهات المسؤولة وهذه الجهود أسفرت عن تحسين ظروف العمل في مصر. ذلك بجانب توجيه الرئيس السيسي الدائم بتحسين أجور العاملين بالدولة لعدة مرات دعما للعاملين وتخفيفا لآثار الأزمة الاقتصادية عن كاهل المواطنين.


ويتم كذلك توفير الرعاية الصحية للعمالة في مصر، وتعمل الحكومة على إحكام الرقابة والتشريعات لضمان توفير خدمات طبية مناسبة للعمال بالقطاعين العام والخاص على حد سواء؛ للوقاية من الأمراض والحماية من إصابات العمل. وفي هذا السياق، توفر الحكومة أيضا نظام تأمين اجتماعي للعمالة يوفر الحماية المالية ويساعد على تحسين ظروفهم المعيشية والاجتماعية في حالة التقاعد أو الإصابة بالأمراض أو الحوادث، هذا بخلاف برامج الحماية الاجتماعية التي تحصن العمالة من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وتوفر حياة كريمة لهم، وعلاوة على ذلك تم العمل على توفير التدريب المناسب للعمالة في مختلف القطاعات والقطاع الصناعي على وجه الخصوص، وذلك من خلال برامج التدريب المهني والتعليم الفني، بخلاف المنح الدراسية والمبادرات التدريبية بقطاعات مثل الصناعات التراثية واليدوية وتكنولوجيا المعلومات وتشجيع الشباب على امتهان هذه الأنشطة والوظائف، مع ربط هذه الأنشطة بالتعليم الفني والجامعات التكنولوجية، والتي تهدف جميعها إلى تحسين مهارات العمالة المصرية وتطوير قدراتهم وزيادة فرصهم.

 

وتم الانتهاء من المرحلة الثانية لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، بالتنسيق مع. منظمة العمل الدولية وتعد الأولى من نوعها في مجال التشغيل في مصر، مع الأخذ في الحسبان بعض التجارب الناجحة في دول أخرى وتهدف الاستراتيجية إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب بما يتواكب مع المتغيرات الاقتصادية المفاجئة والتحولات التكنولوجية الحديثة، ومواكبة المتغيرات المتوالية في سوق العمل الراهن من خلال وظائف المستقبل، فضلا عن خفض معدلات البطالة ودعم التدريب والتشغيل وتعزيز ثقافة العمل الحر والاستثمار في التشغيل ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة وزيادة معدلات تشغيل النساء، مع الأخذ في الحسبان ما فرضته جائحة كورونا من تغييرات على سوق العمل. وتم خلال الفترة من منتصف أغسطس حتى مارس الماضي، تشغيل 17 ألفًا و335 عاملا من خلال النشرة القومية للتوظيف وملتقيات التوظيف في مديريات القوى العاملة على المستوى القومي، وعقدت و ملتقيات توظيف في 9 محافظات شاركت فيها 255 شركة وفرت 24196 فرصة عمل للشباب الجميع المؤهلات بتخصصات مختلفة، وجرى افتتاح وتشغيل وحدة خدمات العمالة المصرية بالخارج الملحقة بمبنى وزارة القوى العاملة؛ لتسهيل حصول العمالة الراغبة في السفر للخارج على خدمات الوزارة وإنهاء إجراء اتهم بسهولة ويسر وأمان.

يضاف إلى ذلك تنفيذ 126 حملة توعية تنشيطية لتفعيل قانون الأشخاص ذوي الإعاقة، ومتابعة مدى التزام المنشآت بتعيين نسبة الـ 5% من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما أكدت عليه القيادة السياسية ضمن القرارات التي تم إصدارها بمناسبة عيد العمال، مع استمرار العمل على تنمية مهاراتهم، ودمجهم في سوق العمل. وتم توفير 1503 فرص عمل لذوي الهمم، وتم الإعلان عن التخصصات المطلوبة في 74 شركة من خلال ملتقى توظيف بالقاهرة .

إلا أن الأزمة الروسية الأوكرانية كان لها آثارها البالغة على سوق العمل العالمية، فقد تسببت في إغلاق عشرات المصانع وزيادة معدلات البطالة حول العالم. إلا أن الدولة اتخذت عدة تحركات سريعة لتخفيف حدة أثر الأزمة على سوق العمل في مصر، ويعد أبرز هذه التحركات التوجيه بإطلاق مبادرة دعم وتوطين الصناعات الوطنية "ابدأ" للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر، مع تقديم عدد من الحوافز كما سبق الإشارة إليها، بالإضافة إلى تقديم أوجه الدعم اللازم لتقنين الأوضاع للمخالفين وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين.